طرح زميلنا الشاعر خليفة اللحدان فكرة اضاءة عن ظاهرة الغياب. غياب عدد من الأسماء - وإن اختياريا - عن المشهد الشعري والثقافي الشعبي في مملكة البحرين. الأمر لا يقتصر على النشر وحده، بل يكاد يطول كل مناحي ومنافذ ذلك المشهد.

غيابٌ نجد لأصحابه أكثر من عذر وسبب، على رغم اختلافنا معهم في إحكام إغلاق المنافذ التي قد تكسر شيئا من حدّة ذلك الغياب.

نعلم أنْ لا شيء مغرٍ على وضع حد لذلك الغياب، ولكن لا شيء مغرٍ في الوقت نفسه على الاستمرار فيه وتأبيده. ففي الوقت الذي يتسلّم ويتحكم في ذلك المشهد أنصاف وأثلاث الشعراء والكتّاب إمعانا في توريط هذه الساحة فيما يتجاوز الغياب إلى الموت، يصرّ المؤهَلون لتسيّد ذلك المشهد على الامعان في غيابهم.

ثمة رهان قائم، وهو رهان يتجاوز هذه الساحة إلى مساحات بسعة الدنيا. رهان يتركز في أن عافية أي مكان لا تتم بالمرضى والعاجزين والمصابين بالشلل بأنواعه كافة، ومن بينها الشلل العاطفي والمعرفي. وإن عافية أي حراك لا تتأتى بتصدّر المنصّات والصفحات والميادين. وإن عافية أية أمة لا تتحدّد بأصحّاء الأبدان ومحتكري القرار، وموجهي المصائر. كل ذلك حضور ولكن ليس بالضرورة أن يكون فاعلا في جانبه الحركي العميق على المدى الطويل.

يعمّر العسكر حتى انقلاب آخر، وتعمّر الخطط حتى مجئ خطط بديلة، وتعمّر مدن حتى قيام مدن أخرى، ولكن يظل تعمير حضور الكبار في الأمم غاية لها مردوداتها على المستويات والحقول كافة. لكن ما يجب تأكيده هنا أن ما يراه كثيرون غيابا هو في الذروة من الحضور، وما يراه البعض حضورا هو في كثير من جوانبه وأبعاده غيابا حدّ التلاشي والعدم.