لا يختلف اثنان على أهمية مؤتمر عاشوراء الأول، وأهمية الأطروحات العامة والخطوط العريضة التي سار عليها المؤتمرون خلال الليالي الثلاث التي ضمت الخطباء والشعراء والرواديد، لينتهي المؤتمر أمس الأول بجلسته الرئيسية بمشاركة المجلس الإسلامي العلمائي. ولكن، يلح سؤال مهم للغاية وهو: هل ارتقت الأوراق المقدمة في المؤتمر إلى مستوى الحدث الذي يعالجه؟
قد يكون لدى المشاركين في المؤتمر عذرهم في ضيق الوقت، إذ لوحظ في الأوراق الارتجال وعدم تمحيصها للقضايا الرئيسية بصورة علمية، واتسمت معظم الأوراق بأسلوب السرد التقليدي. بل إن المعالجات كانت في معظمها مرتبطة بالأمور الظاهرة ولم تدخل الدراسات في عمق المضامين العاشورائية.
ولمقاربة هذا الطرح مع ما جاء في المؤتمر، قد يقول قائل: ما الأكثر أهمية اليوم، معالجة لباس الخطيب أو جمال صوته أو استخدام مكبرات الصوت أم التأكيد على وجود الخطاب الحسيني على مقربة من القضايا الوطنية الكبيرة وطرح بعض الأمثلة التي يمكن من خلالها أن يضع الخطباء أنفسهم على مقربة من الحدث.
إن أكثر ما قيل حكمة في المؤتمر طوال الليالي الثلاث جاء على لسان رئيس المجلس الإسلامي العلمائي الشيخ عيسى قاسم: «عضّوا على عاشوراء بالنواجد، إن كل ما لدى الأمة مستوحى من عاشوراء الحسين(ع)، وعاشوراء اليوم مستهدفٌ بالتشكيك... إن الأمة بحاجة إلى مزيد من العطاء في عاشوراء لكي تقترب الأمة ولو شيئا بسيطا من نهج الحسين وسيرته، وبذل الجهود الكبيرة في موسم تتراءى فيه أسمى صور الإنسانية».
ولكي لا نظلم ولا نظلم، فهناك أوراق حاول مقدموها الاقتراب من الطرح العلمي، بل ونجحوا بصورة كبيرة في ذلك، ولعل ورقة الحضور النسائي كانت الأقرب إلى ذلك، إذ انطلقت من واقع المشكلة التي تتمثل في الحضور الجسدي للنساء وغياب الحضور الذهني واكتفاء المحاضرات بالتركيز على أسلوب استدرار الدمعة من دون الالتفات إلى صوغ القضايا المعاصرة التي تعتري المرأة في قالب الدعوة الكربلائية، وتنتهي مقدمة الورقة إلى وضع مجموعة من الحلول العلمية العملية.
بعيدا عن أوراق العمل، لا يشك أحد في أن المؤتمر الأول نجح في استقطاب شريحة كبيرة من الجمهور، ولأنه المؤتمر الأول فمن المتوقع أن تحدث بعض السلبيات التي لم تغطِ طبعا على إيجابية المؤتمر وخطه العام، بل واستطاع القائمون عليه أن يوصلوا رسالتهم الكبيرة إلى عموم الجمهور، والتي تتلخص في التمسك بخط الحسين الرسالي وإعطاء ما يمكن إعطاؤه للحسين (ع)، لأنه جاء ليكفر بالحدود الطائفية والقومية ويكفر بالحدود الجغرافية.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1591 - السبت 13 يناير 2007م الموافق 23 ذي الحجة 1427هـ