العدد 1590 - الجمعة 12 يناير 2007م الموافق 22 ذي الحجة 1427هـ

هزات ثقافية لأجنبي يعيش في البحرين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في حديث مع أوروبي جلس إلى جانبي في إحدى المناسبات الرسمية الأسبوع الماضي، سألته عن «الهزة الثقافية» التي ربما واجهته عندما قرر الانتقال للعمل في البحرين... وقبل التفصيل، فإن مصطلح «الهزة الثقافية» يطرح للنقاش في كثير من الدول كإحدى المهارات التي يتطلبها المرء وهو ينتقل للعمل من مكان إلى آخر، وذلك لأن سوق العمل أصبحت معولمة، والتحرك من منطقة إلى أخرى أصبح أكثر بكثير من السابق، وسهولة تحرك المرء من مكان إلى آخر تتطلب أن تكون لديه مهارات للتعامل مع الثقافات الأخرى التي تواجهه بين فترة وأخرى.

الأوروبي أجاب بأن أبناءه كانوا متعودين في بلدهم الأصلي على فصل أنواع القمامة (البلاستيك على حدة، والزجاج على حدة، والمعادن على حدة، والورق على حدة) ومن ثم توزيعها على حاويات مخصصة لإعادة تدوير المخلفات بهدف المحافظة على البيئة. وكان من أصعب ما واجهه أن يشرح إلى أولاده أن مثل هذا الاعتبار ليس مهما في البحرين... بمعنى آخر، فإن من يعيش في هذا البلد ليس من اهتماماته الأولية المحافظة على البيئة.

وهناك أمور أخرى أيضا... ففي أوروبا - والحديث للشخص الأوروبي - ليس لدينا خادمات، فالعائلة تشارك جميعها في أعمال المنزل، واكتشفت أن الأكثرية في البحرين لديهم خادمة واحدة على الأقل، واكتشفت أنه ليس هناك ما يمنع من تسلم الخادمة معاشا لا يعادل شيئا في حساب مستوى المعيشة الحقيقي في البحرين... وهذا شيء مستحيل في أوروبا، لأن قانون العمل هناك واحد، والحقوق المستوجبة لأي شخص في سوق العمل واحدة، سواء كان مواطنا أم أجنبيا... أما أنا فلدي الآن خادمة وأنا أحصل على معاش يعادل أكثر من مئة مرة مما تحصل عليه شهريا، ولا يبدو أن هذا شيء مزعج بالنسبة إلى المجتمع في البحرين.

وأيضا... اكتشفت أن من يستخدم الدراجة الهوائية في البحرين هم الفقراء فقط، بينما يركبها الجميع لدينا ويستمتع باستخدامها، كما أن الذين يستخدمون المواصلات هم الأجانب من العمالة الرخيصة أو الفقراء، بينما في أوروبا الجميع يستخدم المواصلات العامة... ويواصل: استغرب لماذا لا يتم استخدام الفائض المالي المتحصل من النفط لبناء سكة حديد صغيرة تربط كل المناطق بصورة سريعة وسهلة؟

وأيضا... إذا كان لديك المال فأنت تعيش أحسن حياة في البحرين، وتعلم أبناءك في أفضل المدارس الخاصة، ولكن في بلادي يحصل الجميع تقريبا على هذا المستوى من الخدمات الحياتية، وليس من يكون معاشه أكثر من ألفين أو ثلاثة آلاف دينار فقط.

وأيضا... لماذا يفكر الجميع تقريبا في الربح السريع، مع أن ثقافة البلد الدينية تحث على الرعاية والتكافل؟ فلو فكر بلد أوروبي بالتفكير نفسه (الربح السريع من كل مشروع عام أو خاص) فإن أوروبا لن تكون مختلفة عن الدول التي لم تنمُ. ثم لماذا يعتقد بعض البحرينيين بأن الأجانب عندما يزورون بلادهم فإنهم يبحثون عن مجمعات للتسوق مع أنها موجودة في كل أنحاء العالم؟ فالسائح عندما يزور بلدا ما يريد أن يعرف تراث وتاريخ وحاضر المجتمع في ذلك البلد، قبل أن يذهب إلى مجمعات التسوق.

كان يتحدث، وكنت أوافقه فيما يقول، وأشير إليه أننا نقول كل هذا، ولكن الآذان لم تعد تسمع ما نكرر كتابته وقوله.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1590 - الجمعة 12 يناير 2007م الموافق 22 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً