أصدرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية تقريرها السنوي بشأن حقوق الإنسان في العالم، وتطرقت إلى الوضع في البحرين خلال العام 2006، وقالت فيه إن الممارسات المتعلقة بحقوق الإنسان في البحرين تحسنت تحسنا ملحوظا في أعقاب الإصلاحات التي أمر بها عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة في عامي 2001 و2002، مستدركة «إلا أن الحكومة لم ترسخ في نصوص القانون الحماية القانونية للحقوق الأساسية مثل حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات وحرية التعبير».
وأشارت المنظمة الى ان بعض القوانين الجديدة التي تم التصديق عليها في العام 2006، مثل قانون مكافحة الإرهاب وقانون التجمعات العامة، «تضمنت نصوصا تقوِّض هذه الحقوق».
وقالت: «كان من بين الإصلاحات السابقة في هذا الصدد إنشاء مجلس وطني يتألف من 40 عضوا يُختارون بالانتخاب، وقد حددت الحكومة يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 لإجراء الانتخابات، فقررت بعض أحزاب المعارضة السياسية، التي قاطعت الانتخابات الأولى في العام 2002، الاشتراك في المنافسة العام 2006، إلا أن أحزابا أخرى مازالت تعترض على ما تعتبره غيابا للسلطة التشريعية الحقيقية من أيدي الممثلين المنتخبين».
حرية التعبير
أما بشأن حرية التعبير، فقد أشارت المنظمة الى ان أهل البحرين اصبحوا يتمتعون بقدر أكبر من حرية التعبير بعد الإصلاحات التي أُجريت في العامين 2001 و2002 على رغم أن قانون الصحافة رقم 47 للعام 2002 يشتمل على تدابير تفرض قيودا لا مبرر لها على حرية الصحافة. وقد لجأت السلطات إلى هذا القانون في العام 2006 لحظر تغطية بعض الموضوعات الخلافية. وتوجد بالبحرين الآن صحيفتان يوميتان مستقلتان، لكن الصحف اليومية الأخرى والإذاعة والتليفزيون ما زالت تخضع لإدارة الدولة. ويمارس الصحافيون قدرا كبيرا من الرقابة الذاتية، وخصوصا فيما يتعلق ببعض الموضوعات مثل الفساد إذا كان يمس شخصيات ذات نفوذ في الدولة.
واضافت المنظمة ان الحكومة تمتلك الشركة الوحيدة التي تقدم خدمة الإنترنت في البحرين، وهي شركة «بتلكو». وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2006، ذكر مركز البحرين لحقوق الإنسان أن السلطات تحجب 17 موقعا على الإنترنت، منها موقع المركز نفسه.
وفي سبتمبر/ أيلول 2006، تم تعديل قانون العقوبات رقم 65 للعام 2006 لفرض عقوبات جنائية في حال نشر أسماء أو صور لمتهمين قبل صدور حكم قضائي من دون استصدار إذن من المدعي العام. وقد احتج دعاة حقوق الإنسان على التعديل قائلين إن القانون يهدف إلى منع الحملات العامة المنظمة لصالح الأشخاص المتهمين خطأ بجرائم جنائية. وفي 2 سبتمبر، صرح رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة بأن الديمقراطية والانفتاح وحرية التعبير لا يجب أن تكون ذريعة لخرق القانون أو بذر بذور الفتنة الطائفية أو تزييف الحقائق في الساحات الدولية بزعم تقييد الحريات الداخلية. وأضاف قائلا إن محافل التعبير عن الرأي مفتوحة لاستيعاب كل المواقف والتوجهات ما دامت تخدم المصالح الوطنية، لا المخططات الشخصية. كما حذر مما أطلقت عليه إحدى الصحف البحرينية تعبير استغلال البرلمان لإثارة قضايا خلافية.
حرية الاجتماع
وأشارت المنظمة الى ان القانون 32 للعام 2006 ينص على ضرورة قيام منظمي أي اجتماع عام أو مظاهرة عامة بإخطار رئيس الأمن العام قبل الميعاد المزمع بثلاثة أيام على الأقل. ويخول القانون رئيس الأمن العام صلاحية تقرير ما إذا كان التجمع يستدعي وجود الشرطة أم لا على أساس «موضوعه... أو أية ظروف أخرى». وينص القانون على أن تتولى تنظيم أي اجتماع عام لجنة مؤلفة من ثلاثة أعضاء على الأقل يكونون مسئولين عن «منع أي حديث أو مناقشة تخالف الأمن العام أو الأخلاق»، إلا أنه لا يضع تعريفا لمعنى «النظام العام أو الاخلاق».
واستنادا إلى القانون رقم 32 للعام 2006، منعت السلطات البحرينية بعض التجمعات بحجة عدم حصول المنظمين على التصريح اللازم، وقامت عدة مرات بمنع الاجتماعات أو تفريقها بالقوة. ففي 15 سبتمبر، منعت الشرطة حركة الحريات والديمقراطية (حق) من عقد ندوة عامة عن الالتماس الذي أعدته الحركة للدعوة إلى وضع دستور جديد للبلاد، واستند المنع إلى أن الحركة لم تستخرج التصريح اللازم من وزارة الداخلية. وفي 22 سبتمبر، حاولت الحركة عقد الندوة مرة أخرى، فاستخدمت الشرطة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق التجمع، ما أدى إلى إصابة عدة أشخاص، حسبما ورد.
تدابير مكافحة الإرهاب
من جهة أخرى، ذكر تقرير المنظمة أنه في 12 أغسطس/ آب 2006، صدر قانون «حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية»، وكان مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب قد حث الحكومة علنا على إدخال تعديلات على المشروع الذي أجازه المجلس التشريعي، معربا عن قلقه من أن تعريفه للإرهاب والأعمال الإرهابية فضفاض للغاية. وتحظر المادة الأولى من القانون أية أعمال من شأنها «الإضرار بالوحدة الوطنية»، أو «تعطيل السلطات العامة عن أداء واجباتها». وتنص المادة السادسة على فرض عقوبة الإعدام على الأعمال التي «تخل بنصوص الدستور أو القانون، أو تمنع المشروعات المملوكة للدولة أو السلطات العامة من تأدية واجباتها». كما يسمح القانون بالاعتقال لفترات مطولة من دون اتهام أو مراجعة قضائية، وهو الأمر الذي يزيد من مخاطر الاعتقال التعسفي والتعذيب أو المعاملة غير الإنسانية أثناء الاحتجاز.
حقوق المرأة
أما بخصوص جانب المرأة فذكر التقرير أنه يسمح للنساء بالتصويت والترشح في الانتخابات الوطنية والبلدية. ولا يوجد في البحرين قانون مكتوب للأحوال الشخصية، ولكن توجد محاكم شرعية منفصلة مختصة بالأمور العائلية للسنة والشيعة، وتتولى النظر في قضايا الزواج والطلاق والحضانة والميراث، ولقضاتها سلطة الحكم طبقا لقراءتهم للفقه الإسلامي. ويتسم قضاة هذه المحاكم بأنهم عموما من علماء الدين المحافظين الذين لم يحظوا إلا بقسط محدود من التدريب القانوني الرسمي، وكثير منهم لا يتحرجون من معارضة المساواة بين الجنسين حيث يميلون دوما إلى محاباة الرجال في أحكامهم. وتواصل لجنة العريضة النسائية حملتها لتقنين قوانين الأسرة في البحرين وإصلاح محاكم الأسرة. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، شن المجلس الأعلى للمرأة، وهو مجلس رسمي، حملة للتوعية العامة بضرورة تقنين قانون للأحوال الشخصية. وفي مارس/ آذار 2006، طرحت الحكومة مشروع قانون يتضمن أجزاء منفصلة تخص الشيعة وأخرى تخص السنة. وواصلت المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة الدعوة إلى وضع قانون موحد للأحوال الشخصية.
المدافعون عن حقوق الإنسان
وعلى صعيد متصل قال التقرير: لايزال مركز البحرين لحقوق الإنسان مغلقا، وهو مركز مستقل أمرت السلطات بحله في سبتمبر2004 بعد أن انتقد أحد قياداته شخصية رسمية علنا. وواصل نشطاء المركز متابعة الممارسات المتعلقة بحقوق الإنسان، وإصدار التقارير والبيانات، وتقديم المشورة القانونية، لكنهم لم يتمكنوا من وضع أيديهم على مقرهم السابق أو أرصدة المركز التي صادرتها الحكومة.
وأردف تقرير «هيومن رايتس ووتش»: في مايو/ أيار 2006، أصدرت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، التي أنشئت العام 2002، تقريرا ينتقد الأوضاع السائدة في سجن جو، وهو أحد المعتقلات الكبرى في البلاد، بعد أن تفقدته في ديسمبر2005. كما كانت الجمعية نشطة في تعزيز حقوق المرأة، ولاسيما في الدعوة إلى وضع قانون موحد للأحوال الشخصية.
وعلى جانب آخر لفت تقرير المنظمة إلى أن المرسوم رقم 56 للعام 2002 يمنح الحصانة من التحقيق أو المقاضاة لمسئولي الحكومة الحاليين والسابقين الذين يُزعم أنهم كانوا مسئولين عن التعذيب أو غيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت قبل العام 2001. وفي إبريل/نيسان 2006، نظمت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وعدد من المنظمات الأخرى، مثل لجنة أسر شهداء وضحايا التعذيب، ندوة عن ضرورة المحاسبة عن انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة مثل التعذيب. وقد تعرض الاجتماع ومنظموه لنقد شديد من وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة، لكن السلطات لم تتخذ أية خطوات للتدخل في الاجتماع.
وأشار التقرير إلى أنه في 26 يونيو/ حزيران، الذي يوافق اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا التعذيب، اعترضت السلطات على المسار المخطط لمسيرة ترعاها لجنة أسر شهداء وضحايا التعذيب ومنعت المسيرة. كما رفضت وزارة الشئون الاجتماعية منح أعضاء المجموعات المحلية لمنظمة العفو الدولية التصريح اللازم لتنظيم مباراة كرة قدم صورية، يوم 26 يونيو، بين «المعتقلين» و«الحراس» بمعتقل غوانتانامو بغرض إلقاء الضوء على المعاملة اللاإنسانية في ذلك المعتقل الأميركي، وذلك على أساس أن المنظمة غير مسجلة رسميا لدى الوزارة.
الأطراف الدولية الرئيسية
وعلى صعيد علاقات مملكة البحرين الخارجية ألمح التقرير إلى أن الولايات المتحدة لاتزال حليفا رئيسيا للبحرين. ففي العام 2001 وصف الرئيس جورج بوش البحرين بأنها حليف رئيسي من غير أعضاء حلف شمال الأطلسي. وتستضيف البحرين مقر الأسطول الخامس للبحرية الأميركية إلى جانب «منشآت جوية مهمة». وعندما قدمت وزارة الدفاع الأميركية مبرراتها لطلب اعتماد موازنة العام 2007 للكونغرس، ذكرت أن الاستعانة بالمجال الجوي البحريني والمنشآت العسكرية المقامة في البحرين تُعد أمرا «ضروريا» للعمليات العسكرية الأميركية في العراق وأفغانستان والقرن الإفريقي، إلى جانب «أية عمليات طارئة أو عمليات نشر للقوات في منطقتي الخليج وجنوب غرب آسيا، أو كلاهما». وفي العام المالي 2005، قدمت الولايات المتحدة للبحرين معونات عسكرية وأخرى مخصصة لمكافحة الإرهاب تقدر بنحو 21 مليون دولار، بالإضافة إلى زهاء 19.3 مليون دولار في العام 2006. وقد طلبت إدارة بوش تخصيص مبلغ 17.3 مليون دولار للعام المالي 2007. كما أبرمت الولايات المتحدة والبحرين اتفاقا للتجارة الحرة في سبتمبر2004، ولم يثر المسئولون الأميركيون علنا قضايا محددة تتعلق بحقوق الإنسان خلال العام باستثناء ما جاء في التقرير السنوي القُطْري الذي تصدره وزارة الخارجية.
وواصل التقرير: في مايو2006، كانت البحرين من بين الدول التي انتُخبت لعضوية أول مجلس لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وهو مجلس أنشئ ليحل محل لجنة حقوق الإنسان. ويُذكر أن البحرين ليست من الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أو العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكنها طرف في اتفاق مناهضة التعذيب واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاق حقوق الطفل. وبعد أن قدمت البحرين تقريرها الأولي إلى لجنة القضاء على التعذيب، في مايو 2005، أشادت اللجنة بالبحرين بسبب عدد من التطورات الإيجابية، ولاسيما وضع حد للتعذيب المنظم، لكنها أعربت أيضا عن بعض بواعث القلق مثل «العفو الشامل الممنوح بموجب المرسوم رقم 56 للعام 2002 لكل من زُعم أنه ارتكب التعذيب أو غيره من الجرائم، وعدم توافر الإنصاف لضحايا التعذيب». كما أعربت اللجنة عن قلقها من بعض نصوص مشروع قانون مكافحة الإرهاب آنذاك، والتي من شأنها «تقليص الضمانات ضد التعذيب».
العدد 1590 - الجمعة 12 يناير 2007م الموافق 22 ذي الحجة 1427هـ