انقسم الموسيقيون والملحنون في مصر بشأن أهمية الاستعانة بجهاز «الأوتوفون» أحدث صيحة في تكنولوجيا الهندسة الصوتية في عالم الغناء، فبعضهم يراه الحل الأفضل، إذ يقدم صوت المطرب بلا عيوب، وآخرون يرونه نافذة للأدعياء ومزوري الفن الجميل، الأسباب والمبررات رصدناها من خلال رؤية الملحنين والموسيقين.
يقول الملحن حلمي بكر: ليس لدي اعتراض على الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة، ولكن المشكلة تكمن في توجيه استخدام أجهزتها لصالح الفرد وليس لخدمة الغناء، فجهاز مثل «الأوتوفون» يستطيع أن يصنع من الصوت الرديء حسنا، بأن يحوّل أنكر الأصوات إلى أخرى مغرّدة غنَّاء، ويجعل المطرب بلا عيوب أو أخطاء حتى لو كان كذلك، لأنه يستطيع أن يساوي الصوت مع الطول الطبيعي في الآلة الثابتة، وهناك أجهزة أخرى أحدث منه يستخدمونها في الغرب لكي يكون الصوت أكثر جمالا، أما نحن فنستخدمها في السرقة والخداع بكل أسف لتزوير الأصوات، وخلق مطربين ومطربات لا علاقة لهم بالمجال من الأصل، وينكشف أمرهم عندما يفضحهم الغناء على المسرح فيغطونه بالرقص، فالعيب ليس في الأجهزة ولكن في «الفهلوة» التي يصر بعض الموسيقيين على ممارستها من باب الاستسهال.
ويضيف أن قلة من الفنانين هم الذين لا يستخدمون هذه الأجهزة أمثال «أنغام، آمال ماهر، نادية مصطفي، غادة رجب، محمد الحلو، مدحت صالح، صابر الرباعي، فضل شاكر» نظرآ الى عدم حاجتهم إليها وسلامة أصواتهم، في حين وصلت نسبة الذين يستخدمونه إلى 85 في المئة منهم، لذلك نادرا ما تجدهم يغنون في الحفلات أو على الهواء في البرامج حتى لا يفتضح أمرهم بأنهم فاقدون للصلاحية.
وأشار قائلا: إن الاستخدام السيئ لمثل هذه الأجهزة أضاع الفرصة على أصوات جادة، إذ أخذت أماكنها أصوات غير صحيحة استطاع المنتجون أن يصنعوا منها «معلبا فاسدا» لانتهاء تاريخ صلاحيته، كما أدخل جزءا كبيرا من الأصوات الشابة الجادة في مجال الغناء من باب التسالي أو اللعب وللترويج عن نفسها ولأهداف أخرى مثل «ماريا»، وغيرها.
سهولة كشفه
ويقول الملحن حسن أبو السعود: «أصبح هذا الجهاز يستخدم في مصر على نطاق واسع، حتى أن 10 فقط من المطربين والمطربات هم الذين لا يستخدمونه، وهو يعمل على تحويل الصوت السيئ إلى جيد من دون معاناة، وذلك بتثبيت درجة الصوت على الجهاز مع صوت المطربة بالدرجة المطلوبة في اللحن، وله برنامج يتم تشغيله في الجهاز، وأحيانا يضاف على الكمبيوتر، وكُلْفته من 15 ألفا إلى أكثر من 100 ألف جنيه مصري». ويضيف إنه على رغم إمكان وصوله بالصوت إلى الدرجة الصحيحة، فإنه لا يخدعنا نحن الموسيقيين، إذ يمكننا كشف هذا بسهولة، بل ومعرفة ما إذا كان الصوت حقيقيا او دونه أو أنه مستخدم فيه، وهو لا يستطيع التأثير على الأصوات الجميلة التي ليست في حاجة إلى إمكاناته المتعددة».
ويقول الفنان محمد نوح: «أنا مع كل ما هو جديد، فلا أتصور أحدا يرفض العلم والأخذ باختراعاته، والعبرة بطريقة الاستخدام سواء كان إيجابيا أم سلبيا، وهذا الجهاز يستطيع تصحيح بعض الأخطا ء البسيطة بالنسبة الى المطرب والآلات الموسيقية، وبالتالي فهو مفيد اقتصاديا بدلا من إعادة التسجيل من أجل تصحيح أخطاء قد تكون بسيطة وبكلفة عالية بتأجير جهاز آخر، ومفيد إذا أحسنّا استخدامه، فالمشكلة أننا نسيء استخدامه في مصر لأننا نعتمد عليه كليا، وهذا خطأ لأنه يضيع الإتقان والفن».
ويضيف إن من لا يفهم «الأوتوفون» هو الذي يكون ضده لأنه لا يواكب التكنولوجيا الحديثة في الهندسة الصوتية، «وعن نفسي فأنا معه في تصحيح الأخطاء البسيطة، وضده في أن يقوم بعمل كل شيء، وفي النهاية هو علم يضيف الى الطرب الذي لم يعد الصوت الحلو فقط، لكنه في العقل والقلب والإحساس».
ليس عيبا
أما الملحن جمال سلامة فهو من مؤيدي استخدام مثل هذه الأجهزة فيقول: «إن بها يمكن ضبط الحروف على ذبذبات صوت المطرب الأصلية، فالجهاز يرفع أو يحسّن النغمة، وليس عيبا إذا حدثت أخطاء، إذ نقوم بتصحيحها بدلا من الإعادة، وهو لا يخلق صوتا من العدم، وجمال الصوت ليس له علاقة به، فلا أحد يستطيع تحويل صوت سيئ إلى صوت جميل، وإلا كان الأمر سهلا لمن يريد العمل بالغناء. وهذه التقنيات يعمل بها في العالم، وإنما وصلت إلينا متأخرة، إذ إن المطرب ديمس روسس أحضر هذا الجهاز معه إلى القاهرة عندما قدم حفلته العام 2002، وكذلك مايكل جاكسون لا يغنّي إلا به، بل وقديما استخدم عبدالحليم حافظ جهاز «الإكو» وهو الصدى في أغنية «راح» وكان أول من استخدم «الفورتراك» في أغانيه، ما يؤكد أنه كان يتابع كل ما هو جديد ويستخدمه في الموسيقى».
ويضيف «ان الجيل القديم هو الذي يرفض هذه التقنية لأنهم لا يعرفونها أو لا يجيدون العمل عليها، أما الجيل الجديد فهو على دراية بها، لذلك يحاولون استغلالها بشكل جيد»، ويرى أن «المشكلة ترجع الى التغيير في طبيعة الآلات الموسيقية والغناء نفسه، وليست مسألة صراع بين قديم وجديد، وأن الجهاز يقوم بتحسين الصوت فقط، على أنه في النهاية صوت المطرب بدليل انهم به لم يصنعوا من شعبان عبدالرحيم، عبد الحليم آخر، وأن مطربة مثل نانسي عجرم لا تستخدمه لأن صوتها طبيعي وجميل»، على حد قوله. ويؤكد أنها تكنولوجيا حديثة دخلت في مجال الهندسة الصوتية، وليس هناك أخطار من الاستعانة بها.
العدد 1590 - الجمعة 12 يناير 2007م الموافق 22 ذي الحجة 1427هـ