توقع الخبير الإسرائيلي في الشئون الفلسطينية الجنرال شالوم هراري أن يجتاح جيش بلاده قطاع غزة لملاحقة المقاتلين الناشطين، ودخول غزة في عملية واسعة النطاق العام المقبل إن لم يكن خلال الأشهر الستة المقبلة.
ويناقش المسئولون في وزارة الدفاع الإسرائيلية إذا ما كان يجب تنفيذ هذه الحملة الآن في الوقت الذي بدأت فيه حركة «حماس» تعزيز ترسانتها أو الانتظار، كما فعلت «إسرائيل» في لبنان، حين شنت حربها الصيف الماضي بعدما أقدم حزب الله على أسر جنديين إسرائيليين في عملية عبر الحدود الدولية. وستكون العملية شيئا يريد الإسرائيليون تجنبه. فبعد الانسحاب أحادي الجانب من غزة في العام 2005، فإن إعادة احتلاله بوجود نحو 1.3 مليون نسمة فيه ستؤدي إلى وقوع عدد كبير من الإصابات وعلى «إسرائيل» أن تكون حريصة على عدم جعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يظهر كأنه نسخة من الرئيس الأفغاني حميد كرزاي.
وتوقع هراري أن تؤدي عملية فلسطينية مؤلمة - مثل إطلاق الصواريخ على «إسرائيل»، أو اغتيال إحدى الشخصيات الفلسطينية البارزة مثل: عباس أو دحلان - إلى تسريع الاجتياح. وقال: «إن التحالف الاستراتيجي بين إيران والإسلاميين المتشددين في الأراضي الفلسطينية ينمو بسرعة كبيرة، إذ تحظى الكتلة الإسلامية بدعم نحو 30 إلى 40 في المئة من السكان، وهي تطالب بحصة في منظمة التحرير، التي تهيمن عليها حركة (فتح)».
ويبدو أن «فتح» خسرت دعم الأحزاب الصغيرة بما في ذلك الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية - القيادة العامة. وظهر رئيس الدائرة السياسية بمنظمة التحرير فاروق القدومي في دمشق إلى جانب قائد «حماس» خالد مشعل، وأدانا خطط عباس إجراء انتخابات مبكرة. ولم يكن ذلك ليحدث لو لم تكن المنظمة وحركة «فتح» بهذا الضعف. فهذه هذه المرة الأولى في هذه المنطقة من العالم، تمكن الإخوان المسلمين من الفوز في الانتخابات وتأليف حكومة.
و «حماس» جزء من حركة الإخوان المسلمين، وكان لباس رئيس الحكومة إسماعيل هنية أثناء لقائه عباس ملفتا، فعباس كان يرتدي بذلة وربطة عنق، بينما ارتدى هنية زيا عربيا مثل الشيوخ، وعلى رأسه الكوفية والعقال، وهذه الأشياء مهمة في هذه المنطقة من العالم. إلى ذلك، فإن هنية لا يدلي بخطاباته الأسبوعية من البرلمان الذي يبعد مسافة 5 دقائق عن منزله، بل من منابر المساجد ظهر كل يوم جمعة.
وكانت مصر والأردن وسورية حافظ الأسد تمكنت من كبح نفوذ الإخوان المسلمين في بلادها، غير أن مصر لا تملك نفوذا كبيرا في غزة. لقد أرسلت قبل نصف عام تقريبا نحو 100 خبير إلى غزة، من بينهم جنرالان فقط، غير أنهم يقضون معظم وقتهم في تل أبيب بسبب الخطر الكبير الذي قد يحيط بهم في غزة.
وأشار الجنرال الإسرائيلي إلى أن رجال الأمن المحليين الذين يأتمرون بسلطة عباس رسميا، يفوقون عددا رجال «حماس»، غير أن مقاتلي الحركة الإسلامية على جهوزية قتالية أفضل بست مرات من رجال «فتح». وتسعى حركة «حماس» في هذه الأثناء إلى مضاعفة عدد أفراد «قوتها التنفيذية» من 6 آلاف إلى 10 آلاف رجل.
ومن حيث المبدأ، لم تكن حركة «حماس» تريد إعطاء الانطباع بأنها على هذا القرب من طهران. وإيران دولة إسلامية شيعية تصنفها الولايات المتحدة على لائحة دول محور الشر. ومع ذلك، كان هنية منذ فترة قصيرة في طهران، حيث حصل على وعد بمساعدات تبلغ قيمتها 350 مليون دولار، وتم تعزيز التحالف بينهما.
وعوضا عن الاعتماد على الغرب الذي كان يقاطع الحكومة الفلسطينية لإجبارها على الاعتراف بـ «إسرائيل»، واحترام الاتفاقات المعقودة بينها وبين السلطة الفلسطينية، والتخلي عن العنف، تنوي «حماس» اليوم بناء مجتمعها واقتصادها وجيشها من خلال ما وصفه هراري بـ «قدرات العالم الإسلامي وتحديدا إيران».
ويتوقع أن تقدم «حماس» صورة عن استعدادها للمرونة؛ لأنها لن تتخلى عن مبادئها، فإيران وسورية وحزب الله يساعدون على إنشاء دولة «حماسستان» داخل قطاع غزة. فهم يأملون في بناء قدرات باليستية وأن يتمكنوا من خلال صواريخ الكاتيوشا أن يضغطوا على «إسرائيل»، مع محاولة بناء قدرات مضادة للدبابات لمواجهة أي غزو إسرائيلي والحصول على صواريخ مضادة للطائرات بهدف تحييد التفوق الجوي الإسرائيلي.
وقال هراري: «تم إرسال خبراء إلى غزة لبناء ملاجئ من الاسمنت وأنفاق يتمكن من خلالها المقاتلون من التحرك من جانب في المدينة إلى آخر من دون أن يتعرضوا لنيران الجيش الإسرائيلي. كما أرسل خبراء في أجهزة التكييف للمساعدة على بناء الأنفاق، وتعيين خبراء في الاتصالات والاستخبارات، وكيميائيين قادرين على صنع المتفجرات، فيما سيغادر مئات الرجال غزة إلى طهران وأماكن أخرى للحصول على التدريبات اللازمة».
إن «حماس» تحاول بناء قدرات لها في الضفة الغربية أيضا، غير أن «فتح» أقوى منها هناك، وساعدتها «إسرائيل» من خلال اعتقال الأشخاص المتورطين في المشروع.
إقرأ أيضا لـ "جوشوا بريليانت"العدد 1589 - الخميس 11 يناير 2007م الموافق 21 ذي الحجة 1427هـ