العدد 1589 - الخميس 11 يناير 2007م الموافق 21 ذي الحجة 1427هـ

التجنيس السياسي الأهم من نوعه

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

التجنيس السياسي أصبح اليوم، في بحريننا الغالية، وللأسف الشديد، واقعا سياسيا مفروضا علينا نحن البحرينيين، ومكتوبا على جباهنا أن نتعايش ونتكيف معه، سواء في الوقت الراهن أم في الحقبة السابقة، وبغير قناعة أو إقناع أو رضا، فالأمر ليس اختياريا بل هو عملية قسرية، بين ليلة وضحاها تتحول أعداد إضافية إلى مواطنين بحرينيين، لهم جميع ما للمواطنين من حقوق، وكأن البحرين تعاني أساسا من قلة الكثافة السكانية وقلة الكوادر البشرية التي يعول عليها في بناء الوطن والتنمية المستدامة! وأحسب بأنها أيضا لا تعاني من مشكلة إسكانية تكاد تنفجر في أي لحظة، بل إن حال مصر أصبحت في وضع متقدم علينا، إلى جانب تواجد مشكلة البطالة بصورة كبيرة نتيجة محدودية توفر فرص العمل، ووجود العمالة الوافدة بصورة كبيرة، ولم يكن أمامنا سوى زيادة «الطين بلة» من خلال التجنيس السياسي لخلط الأوراق وتحقيق نوع من التوازنات السياسية على حساب أمن المواطن وتحقيق الحياة الكريمة الهانئة، والتي من المفترض أن تكون على رأس مهمات الحكومة تجاه مواطنيها، وليس الإخلال بهويتهم الوطنية. ففي الآونة الأخيرة زاد الأمر عن حده وأصبحت عملية التجنيس السياسي ظاهرة يعاني منها المجتمع البحريني، حتى بات يشعر المرء في كثير من الأحيان بأنه لا يعرف في أية بقعة يعيش، بعد أن أصبحت مبقعة بتلاوين غريبة عجيبة لا يمكن استيعابها، وأصبح وضعنا معقدا جدا ومحزنا للغاية، حتى بات من الأفضل أن يعيش المواطن في بيته ويغلق عليه الأبواب، هذا إذا أمتلك بيتا أصلا يأوي إليه، ليحاكي همه وغمه. ولا أبالغ إذا قلت: عندما أذهب إلى المركز الصحي أحسب نفسي انني في شبه القارة الهندية، وعندما أكون في مدينة حمد أجد نفسي وكأنني في الشام، وعندما أذهب إلى ضواحي المنامة أجد نفسي أعيش في الفلبين. قبل شهر، ذهبت مع أفراد أسرتي إلى كورنيش الملك فيصل، نسيت فيها انني موجودة في البحرين، التفت يمينا ويسارا في دنيا مختلفة كأننا في موسم الحجيج، غير ان ما يجري في البحرين يختلف لكونهم يتوافدون عليها طوال السنة، ويزيد الإقبال فترة الانتخابات للاستفادة من الأصوات سياسيا! فالعرض مفتوح من دون توقف وبوتيرة مختلفة، لنيل شرف الجنسية البحرينية وليأخذوا نصيب البحريني من الوظيفة والسكن وليشاركوه في الخدمات التعليمية والصحية، وعلى الدنيا السلام في مستقبل المواطن البحريني، سواء على المستوى المهني أو الاجتماعي. فليس من المهم أصلا أن يحصل البحريني على وظيفة تحفظ له كرامته طالما هناك من تعطى له بدلا منه! كما أنه أولى بإعطائه الثقة بدلا منه، كما لا يهم أن يكون له مسكن يستطيع من خلاله توفير الاستقرار الاجتماعي والنفسي. وحتى مع توفر السكن فالأمان لا يمكن له أن يتحقق في ظل مجتمع خليط غير متجانس من الجنسيات، التي تفتقد الثقة. بل أصبحت الأحياء السكنية التي يتواجد فيها هذه الخلائط عرضة للكثير من الجرائم الأمنية، وما على المواطن البحريني إلاّ الصبر والتحمل، وبذل قصارى جهده في سبيل تذليل الصعاب لتحقيق الوحدة الوطنية وتحقيق الانسجام والحفاظ على النسيج الاجتماعي والعمل على إيجاد توافقات مشتركة. وعليه أن يعلم مسبقا بأنه ان حاول أن يفتح فمه ويبدي استياءه أو يعبر عن انزعاجه فإنه سينعت بنعوت ليس أقلها الطائفي والحاقد والمعارض للسياسات العامة! كما أنه غير متعاون وغير مخلص وغيرها من نعوت سلبية تقلب المعادلة، فيتحول المظلوم إلى ظالم ومفترٍ أيضا. ومما يؤسف له أن الجواز البحريني أصبح سهل المنال، الكل يتهافت عليه، ويكثر الإقبال عليه، وهذه الوثيقة الرسمية أصبحت من السهولة بمكان الحصول عليها من الأجنبي، بينما قد يختلف الأمر ويأخذ طابع التعقيد إذا تعلق بالبحريني، وخصوصا إذا أرتبط بالمرأة البحرينية (الحلقة الأضعف)، وهو ما يحصل فقط في البحرين دون بقية دول الخليج أو غيرها من الدول العربية، إذ أصبحت بلادنا البوابة التي تتسع لكل العالم وأرض تحقيق الأحلام والمنى... والقادم أسوأ!

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1589 - الخميس 11 يناير 2007م الموافق 21 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً