إنه لشيء عجيب يصيب النفس بالغثيان والفكر بالذهول، هذه الموازين المختلة في عالم اليوم، بل منذ انتقال النبي الأكرم (ص) إلى الرفيق الأعلى حتى هذه الساعة. فقد نقل إلينا التاريخ أن حفيده الإمام الحسن (ع) تعرض لتشويه ذاته المطهرة من خلال الصفات التي أطلقها عليه أعداؤه، والتي لا تليق به كإمام للمسلمين تجتمع لديه كل صفات الخير والكمال. أما سبط الرسول الآخر الإمام الحسين (ع) فقد تعرض هو الآخر للتشويه، حين أطلق عليه مناوئوه صفة «خارجي»، خرج على إمام زمانه (يزيد)، كما اتهم هذا الإمام بالظالم، حين نودي بإحراق بيوت الظالمين، أي خيام الحسين وعياله في كربلاء.
وليس اليوم بعيدا عن أمس، فالتاريخ يعيد نفسه ولكن بصورة عكسية أحيانا. فقتلة ألوف الأبرياء من الشعوب المظلومة بشتى صنوف القتل، يطلق عليهم افتراء صفة «المجاهدين» و«الشهداء»، ويحتفى بهم كأي شهداء سقطوا دفاعا عن بيضة الإسلام وعن كرامة الإنسان، من دون أدنى اعتبار أو احترام للأرواح التي أزهقت والأعراض التي انتهكت. وهذا والله أكبر تحد للإسلام والمسلمين والإنسانية، لم نشهد له مثيلا من قبل، إلا من قبل من اختلت الموازين لديه في زماننا، فراح يخلط بين الأبيض والأسود، وبين الخير والشر، وبين الملائكة والشياطين.
والسؤال: أين ذهبت عقول هذه الأمة؟ وكيف انقلبت المقاييس لدى بعض أبنائها فراحوا يخلطون الحقائق بالأوهام، ويمزجون بين الأخيار والأشرار؟
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1588 - الأربعاء 10 يناير 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1427هـ