العدد 2243 - الأحد 26 أكتوبر 2008م الموافق 25 شوال 1429هـ

البحرين «مؤكسدة» بـ 8 أضعاف المعدل العالمي

التقرير السنوي الأول للمنتدى العربي للبيئة: //البحرين

المنامة - مالك عبدالله، فاطمة عبدالله 

26 أكتوبر 2008

أكد التقرير السنوي الأول للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (البيئة العربية: تحديات المستقبل) أن «انبعاثات أكاسيد الكربون للفرد الواحد ارتفعت بشكل مطرد في معظم بلدان المنطقة إذ شهد العام 2003 زيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من البحرين أعلى من المعدل العالمي بـ8مرات».

وبيّن التقرير الذي استعرض يوم أمس (الأحد) في المؤتمر السنوي الأول للمنتدى العربي للبيئة والتنمية أن «المنطقة العربية هي من المناطق الأكثر شُحّا بالمياه في العالم، إذ بلغ معدل المياه المتوافرة سنويا للفرد الواحد في البلدان العربية 977 مترا مكعبا العام 2001، هابطا إلى أدنى من تعريف الأمم المتحدة للفقر المائي».


في افتتاح المؤتمر الأوّل للمنتدى العربي للبيئة أمس... الأمين العام نجيب صعب

الحكومات العربية مسئولة عن عدم تطبيق القوانين البيئية

المنامة- مالك عبدالله، فاطمة عبدالله

حمّل الأمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية نجيب صعب الحكومات العربية مسئولية عدم تطبيق القوانين البيئية على الرغم من وجودها والإقرار بها مسبقا.

وذكر صعب في حديث للصحافة على هامش مؤتمر المنتدى العربي للبيئة والتنمية الذي افتتح صباح أمس بفندق الدبلومات في المنامة بأنّ «تهاون الحكومات العربية كان له أثر في تدهور الحالة البيئية في ظل عدم وجود رادع»، مشيرا إلى أنّ»التوعية البيئية لن تكون موجودة في المجتمعات العربية ما دام الرادع الأساسي مغيبا في هذه المجتمعات».

وأكد صعب بأنّ «هناك الكثير من القوانين في معظم الدول العربية عموما والخليجية خصوصا إلا أنّ المشكلة هي عدم تطبيق هذه القوانين، والسبب يعود إلى عدم وجود الفنيين القادرين على قياس مستوى التلوث والضرر البيئي في المناطق العربية».

وأوضح صعب بأنّ «الوضع البيئي في الماضي لم يكن مطروحا في جدول الأعمال سواء في المنطقة العربية أو الخليجية»، قائلا: «إنه على الرغم من عدم الاهتمام بالوضع البيئي إلاّ إنه خلال السنوات الماضية حاولت بعض الدول القيام ببعض الإجراءات ومازال هناك الكثير لتحقيقه في المجال البيئي».

ونوه صعب إلى أنّ مستوى التلوث في البلدان العربية ينذر بخطر ولا يستطيع أحد قياس مستويات التلوث وخصوصا أنه لمعرفة مستويات التلوث يجب أنْ تكون هناك مختبرات تفحص يوميا نسبة التلوث، مشيرا إلى أنّ الفحص لا يكون خلال يوم أو شهر إذ إنه لابدّ أن تكون هناك أجهزة ومعدات وهذا ما تفتقد إليه الدول العربية والخليجية على الرغم من وجود أجهزة لقياس التلوث في بعض المناطق و ما تحتاج إليه هذه المناطق هو محطات وأجهزة ثابتة تعمل على قياس مستوى التلوث بشكل دوري.

كما تطرّق صعب إلى أنّ السبب الذي أدى إلى اندثار المزارع هوالصرف المسرف للمياه؛ لذا فإن نسبة المياه أصبحت غير كافية للزراعة مما كان سببا في وجود خلل في نظام الحياة وخصوصا أنّ الزراعة لا يعنى بها الطعام فقط ،وإنما نظام الحياة.

كما انتقد صعب عدم وجود دراسة إلى الأثر البيئي للمشروعات الاستثمارية، مؤكّدا بأنّ العالم العربي يفتقد إلى هذه الدراسات في الوقت الذي تحظى فيه الدول الغنية بهذا النوع من الدراسات العلمية.

وأوضح صعب بأنّ في البلدان الغنية عند إقامة أيّ مشروع استثماري يتم عرض دراسة الأثر البيئي على عامّة الناس والمختصين و الخبراء كافة مع إعطاء الوقت لمناقشة الدراسة وبعدها يتم الموافقة على إنشاء المشروع.

وعن مصير التوصيات التي سيظهر بها المنتدى قال صعب: «إنّ مجلس الأمناء يضع التوصيات ويحاول أنْ يصل بهذه التوصيات إلى الحكومات وخصوصا أنّ المشاركين في مجلس أمناء المنتدى يضمنون شريحة كبيرة ومهمة في المنطقة العربية لذا فإنهم الطريق للوصول والضغط على الحكومات(...) كما نسعى أنْ نصل إلى جميع المواطنين من خلال وسائل الإعلام وخصوصا أنها تعتبر سلطة وهذا ما تجلّى بصورة واضحة في المؤتمر إذ إنّ بعض الدول الخليجية كان تمثيلها الإعلامي أقوى من تمثيلها الرسمي».

ولفت صعب في ختام حديثه إلى أنّ مجلس الأمناء خلال اجتماعه السنوي الذي صادف أمس الأوّل تم الإقرار على أنّ تقرير العام 2009 سيكون عن آثر تغير المناخ على المنطقة العربية، مبينا بأنّ التقرير سيكون كل خمسة أعوام وخاص خلال كل عام.

من جانبه قال رئيس مجلس إدارة شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) محمود الكوهجي خلال المؤتمر «إنّ ألبا وضعت خطة للمشروعات المتكاملة على مدى السنوات الماضية، وذلك بكلفة بلغت ما بقارب 600 مليون دولار من بينها 90 مليون دولار على مشروع معالجة الأبخرة وأكثر من 22 مليون دولار على تأهيل محطات الطاقة».

كما تطرق الكوهجي إلى إسهامات ألبا على الصعيد المحلي والصعيد الدولي، منوها إلى أنّ الشركة سعت مؤخرا إلى تعزيز وتطوير البرامج البيئية عبر القنوات الأخرى مما ساعدها على توقيع اتفاقية بيئية مع جامعة الخليج العربي؛ لتقديم برامج تدريبية في مجال الإدارة البيئية لموظفي الشركة.

يشار إلى أنّ وزير شئون البلديات والزراعة جمعة الكعبي افتتح المؤتمر نيابة عن رئيس الهيئة العامّة للبيئة سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة.


في العام 2003... تقرير «البيئة العربية: تحديات المستقبل»:

انبعاثات «ثاني أكسيد الكربون» في البحرين زادت على المعدل العالمي 8 مرات

أكد التقرير السنوي الأول للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (البيئة العربية: تحديات المستقبل) أن «انبعاثات أكاسيد الكربون للفرد الواحد ارتفعت بشكل مطرد في معظم بلدان المنطقة في العقود الثلاثة الأخيرة، ففي العام 2003 كانت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من البحرين أعلى من المعدل العالمي بـ 8 مرات».

وأشار التقرير إلى أن «البلدان الخليجية تنفث 50 في المئة من مجمل انبعاثات البلدان العربية جميعا، يضاف إلى هذا أن البلدان في هذه المنطقة هي الوحيدة في العالم العربي التي تتجاوز انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون المعدل العالمي»، منوها إلى أن «العام 2003 وحده شهد معدل انبعاث ثاني أكسيد الكربون بزيادة على المعدل العالمي بـ 13 مرة، بينما في قطر 9 مرات، وفي الكويت 7 مرات».

وبيَّن التقرير أن «المنطقة العربية هي من المناطق الأكثر شحّا بالمياه في العالم، إذ بلغ معدل المياه المتوافرة سنويّا للفرد الواحد في البلدان العربية 977 مترا مكعبا العام 2001، هابطا إلى أدنى من تعريف الأمم المتحدة للفقر المائي».

وأشار إلى أن «التوقعات غير مشجعة فبحلول العام 2023، يتوقع أن ينخفض الرقم إلى 460 مترا مكعبا. والواقع أنه باستثناء مصر والسودان والعراق ولبنان وسورية، يتوقع أن تعاني جميع البلدان العربية ضغطا حادّا على المياه بحلول سنة 2025، ومن المحتمل أن يؤدي الاحترار العالمي المتوقع وما يستتبعه من تغير مناخي إلى زيادة الضغط على الإمدادات المائية المتضائلة أصلا».

وأوصى التقرير بـ «إنشاء صندوق عربي لمساعدة البلدان في التعامل مع أسباب النزاع ذات الجذور البيئية، وأيضا لمعالجة التأثيرات الأكثر إلحاحا للحرب. كذلك يوصي التقرير بمزيد من التعاون الإقليمي والدولي من أجل توفير القدرة على الإنذار المبكر وتقييم الروابط بين النزاع والبيئة. كما يوصي بتعاون أوثق مع المنظمات الدولية، وخصوصا الأمم المتحدة، من أجل الاعتماد على الموارد العلمية والتكنولوجية والمالية الدولية والخبرة المتوافرة في تحليل وتخفيف التأثيرات البيئية للحرب، خصوصا في المجالات التي لم تلقَ اهتماما كافٍيا مثل تأثير الرؤوس الحربية المصنوعة من اليورانيوم المستنفد (DU) والألغام.

المحيط الإقليمي

المنطقة العربية، التي تمتد من المغرب وموريتانيا غربا، عبر شمال إفريقيا والمشرق، إلى الخليج العربي شرقا، هي منطقة تواجه ظروفا وتحديات بيئية مميزة. وعلى رغم أن المنطقة تزخر بموارد طبيعية فريدة ووافرة، هناك وعي غير كافٍٍ بأهمية البيئة في تعزيز النمو الاقتصادي ورفاه الإنسان والحفاظ عليهما. ولا يتم دمج الاعتبارات البيئية بشكل كافٍٍ في الخطط والسياسات التنموية الوطنية، الأمر الذي يؤدي إلى استخدام غير رشيد للموارد الطبيعية في عمليات التنمية.

إن تغير المناخ، وارتفاع معدلات النمو السكاني، فضلا عن النمو الاقتصادي والحضري السريعين في بعض البلدان، كلها عوامل تُضاعف تعرّض المنطقة للتحديات البيئية وتقيد قدرتها على إدارتها. ومن التحديات البيئية الرئيسية التي تواجهها المنطقة شحّ المياه، وتدهور الأراضي والتصحر، والقدرات غير الوافية لإدارة النفايات، وتدهور البيئة الساحلية والبحرية، وتلوث الهواء وانعكاسات الاحترار العالمي.

تكاليف التدهور البيئي

التكاليف الاقتصادية للتدهور البيئي في المنطقة العربية غالبا ما تكون غير مرئية أو يتم تجاهلها إلى حد بعيد، لكنها حقيقية وجوهرية ومتنامية. ويتم استخدام الموارد الطبيعية بطريقة غير مستدامة، مما يقوض التنمية الاقتصادية وجهود تخفيف حدة الفقر. ويقدّر البنك الدولي أن الكلفة السنوية للتدهور البيئي تتراوح بين أربعة وتسعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في بعض البلدان العربية، بمعدّل عام يصل إلى خمسة في المئة. وعلى سبيل المقارنة، فإن المعدل في أوروبا الشرقية يبلغ خمسة في المئة، فيما يتراوح بين اثنين وثلاثة في المئة في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).

في الوقت ذاته، فشلت حكومات المنطقة في مواجهة هذه التكاليف البيئية المتصاعدة بسياسات واضحة وفعالة. والأموال التي تخصصها الموازنات للأغراض البيئية لا تقارب الواحد في المئة من الناتج الإجمالي المحلي في أي من بلدان المنطقة. يضاف إلى ذلك أن المؤسسات البيئية القائمة لم تُمنح أي دعم حقيقي أو مهمات تشريعية قوية، مما يحدّ من قدرتها على أن تكون فعالة.

الإصلاح المؤسّسي يتضح من هذا التقرير أنه يجب التسليم عاجلا بأن القضايا البيئية تستحق أولوية سياسية واقتصادية، بالتساوي مع القضايا الماكرو ـ اقتصادية الرئيسية الأخرى. وتحديدا، يجب أن تدخل قضية الاستدامة البيئية في جميع جوانب التنمية والسياسات الماكرو ـ اقتصادية، وهذا أمر لم يتحقق بعد. ويتبع هذا تقوية القدرات على اتخاذ التدابير العملية. ويمكن تحقيق هذا من خلال مقاربة ذات شقين: أولا، استحداث تشريع شامل ومتكامل وواضح وفعال. وثانيا، ضمان أن تُمنح المؤسسات البيئية الموارد والصلاحيات السياسية لتحقيق التقدم الضروري.

إلى جانب تقوية المؤسسات الرسمية والتشريع، ينبغي على حكومات المنطقة دعم جهود البحث العلمي والتطوير. ويجب على القطاع الخاص أن يتخذ أيضا مزيدا من المبادرات لدمج الاعتبارات البيئية في عمليات التخطيط، منتقلا من حصر المسألة في المساعدات الخيرية، إلى مفهوم المسئولية الاجتماعية والإدراك الحسي للمسئولية البيئية. ولن يجدي أي من هذه نفعا من دون دعم الجماهير العربية، الذي لا يمكن تحقيقه في غياب جهد حقيقي من جانب وسائل الإعلام والمجتمع المدني، وخصوصا المنظمات غير الحكومية، لرفع الوعي البيئي.

هل من المقبول أن تُستنزف المياه الجوفية حتى آخر قطرة؟ وهل من المعقول أن يكون مستوى استهلاك المياه للفرد الواحد في بلدان الخليج العربي، الأكثر شحا بالمياه، من بين الأعلى في العالم؟ إن النتيجة المؤسفة لهذه السياسات غير المستدامة هي أن هذه البلدان فقدت العناصر الأساسية للأمن المائي.

وتشكل قضايا السياسات مشكلة رئيسية عندما يتعلق هذا الأمر بالمياه. فإن ما يزيد على 80 في المئة من معظم الإمدادات المائية المتوافرة في المنطقة العربية يُستعمل في الري. إلى ذلك، فإن مستويات الكفاءة في استخدام المياه منخفضة نسبيا في المنطقة، إذ تتراوح عادة بين 37 و53 في المئة. وينبغي تصحيح خسارة المياه والتكنولوجيات غير الكفوءة. ومع تضاؤل الإمدادات المائية للفرد الواحد، يترتب على الحكومات أن تتبنى خططا إستراتيجية من شأنها زيادة كفاءة استخدام المياه والارتقاء إلى درجة مثلى بتوزيع هذا المورد النادر على الميادين الزراعية والصناعية والمنزلية بما يؤمن الحاجات الإنسانية والتنموية ويحقق الاستدامة. وكما يرى هذا التقرير، تحتاج السياسات المائية في المنطقة العربية إلى إدارة رشيدة لجانب العرض وجانب الطلب، مع تكريس مزيد من الموارد لتطوير تكنولوجيات تحلية المياه المالحة المحلية.

من الأمثلة المعبرة وخصوصا عن الصراع القائم بين التنمية الاقتصادية السريعة والموارد المائية النادرة، الازدهار الذي حدث مؤخرا في إنشاء ملاعب الغولف في أجزاء معينة من المنطقة. والواقع أن معظم ملاعب الغولف القائمة والمخططة هي في مصر ومنطقة الخليج، وخصوصا في الإمارات العربية المتحدة، حيث الموارد المائية منخفضة فعلا، حتى بالمقاييس الإقليمية. وتوسيع المشاريع المسرفة باستهلاك المياه، مثل ملاعب الغولف العشبية، لا يمكن أن يستمر من دون رقابة، وخصوصا مع ضآلة الاستثمارات المخصصة لتطوير تكنولوجيات لتحلية المياه المالحة بطريقة مستدامة. فهناك خطط لزيادة ملاعب الغولف الستة عشر القائمة في بلدان مجلس التعاون الخليجي إلى 40 ملعبا في المستقبل القريب. وفي معظم الحالات، تُسقى ملاعب الغولف في المنطقة بمياه البحر المحلاّة أو بمياه الصرف الصحي المعالجة أو بمزيج منهما معا. وقد قدّر تقرير أصدرته مؤسسة KPMG للاستشارات الدولية عام 2007 استعمال المياه في كل ملعب غولف في المنطقة بما معدله 1,16 مليون متر مكعب سنويا، يصل إلى 1,3 مليون متر مكعب في دبي، وهذا يكفي لتغطية استهلاك 15,000 مواطن من الماء.

إن استعمال هذه الكمية من المياه في مشاريع ترفيهية في صحراء قاحلة يثير شكوكا قوية حول إمكان استدامتها وكيف يمكن أن يشكل ذلك تعديا على الاحتياجات المائية للمجتمع المحلي وللأجيال المقبلة. هذه ليست على الإطلاق دعوة لإعاقة مشاريع التنمية، وإنما لتخصيص مزيدا من الموارد من أجل إيجاد طرق مبتكرة صديقة للبيئة لتحلية المياه المالحة وتقنيات موثوقة للزراعة الملحية، بما يتناسب مع البيئة الصحراوية القاحلة.

تغير المناخ من بين القضايا البيئية العالمية، حازت قضية تغيّر المناخ على معظم الانتباه تقريبا في جميع الميادين، السياسية والإعلامية والعلمية فضلا عن المجتمع المدني. وبالرغم من أن المنطقة العربية لا تساهم بأكثر من 5 في المئة من انبعاثات الغازات المؤدية إلى تغير المناخ العالمي، فإن تأثيراته على المنطقة ستكون قاسية جدا. والواقع أن المنطقة معرضة بشكل خاص بسبب ما تشهده من شح في الموارد المائية وارتفاع مستويات الجفاف والامتداد الطويل للخط الساحلي الذي يهدده ارتفاع مستويات البحر. والنظم الطبيعية والفيزيائية في العالم العربي تواجه بالفعل ضغوطا كبيرة، وهذه سوف تشتد مع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة وانخفاض معدلات المطر.

نوعية الهواء

مع استمرار تدهور نوعية الهواء في المدن العربية بشكل مطرد، ترتفع تكاليف العواقب الصحية والبيئية على نحو كبير. والمشاكل الصحية التي تعزى إلى تلوث الهواء الناتج عن قطاع النقل وحده تكلف البلدان العربية أكثر من خمسة مليارات دولار سنويا.

تعتمد البلدان في المنطقة العربية إلى حد بعيد على النقل البري الشخصي، وهذه حقيقة أثبتتها المعدلات العالية لامتلاك السيارات. وعلى سبيل المثال، فإن عدد السيارات لكل 1000 مواطن هو 434 في لبنان و378 في قطر و357 في الكويت و336 في السعودية و322 في البحرين. وقطاع النقل مسئول عن نحو 90 في المئة من مجمل انبعاثات أكاسيد الكربون في البلدان العربية.

وبالرغم من مبادرات كثيرة مرحب بها لحظر الرصاص، فهو يبقى مادة إضافية في البنزين في بعض البلدان العربية، وما زال يشكل أكثر من نصف مجمل الانبعاثات الرصاصية في الغلاف الجوي. وقد اعتَمدت بعض البلدان الوقود غير المحتوي على الرصاص، من دون أن تفرض استعمال المواد الإضافية اللازمة من أجل التشغيل الكفوء لقافلة السيارات ذات المحركات القديمة، التي تشكل غالبية السيارات في معظم البلدان. فالاحتراق غير الكفوء أدى بالنتيجة إلى زيادة منذرة بالخطر في مستويات الأوزون الأرضي، وهو غاز له تأثيرات مدمرة على الصحة.

وهناك مشكلة رئيسية في المنطقة العربية، هي أن بلدانا قليلة فقط تراقب مستويات تلوث الهواء بشكل كافٍ ومنهجي ومتناسق، ما يجعل الأبحاث العلمية والقرارات السياسية صعبة. وقد سجلت نتائج المراقبة في مصر مستويات انبعاثات في مناطق حضرية ومجمعات صناعية ساحلية بلغت أحيانا مستويات تلوث أعلى من الحدود التي نصت عليها القوانين البيئية المصرية، بما يتراوح بين ستة وثمانية أضعاف. وتم جمع نتائج مماثلة في لبنان وسورية.

البيئة البحرية والساحلية

البلدان العربية التي تمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي، وتشمل البحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج، لها خط ساحلي يزيد طوله على 30,000 كيلومتر، منها 18,000 كيلومتر مناطق آهلة بالسكان. والبيئة البحرية والساحلية في المنطقة العربية يهددها التلوث والإفراط في صيد السمك وخسارة التنوع البيولوجي وتغير المناخ ومشاكل أخرى. لكن لهذه المناطق أهمية حيوية للبلدان العربية، إذ توفر منافع للصحة العامة والأمن الغذائي والراحة، ومنافع اقتصادية واجتماعية أخرى.

ويمكن تحديد ثلاث مناطق بحرية رئيسية في العالم العربي: البحر المتوسط والبحر الأحمر وخليج عدن والمناطق التابعة للمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية ـ روبمي (الخليج). ويصنف برنامج البحار الإقليمية لدى برنامج الأمم المتحدة للبيئة، <>يونيب>>، هذه المناطق الثلاث بأنها تلك التابعة لخطة عمل البحر المتوسط والهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن والمنطقة البحرية التابعة لروبمي، وهي تشمل معا عشرين من أصل اثنين وعشرين بلدا عضوا في جامعة الدول العربية.

التكنولوجيا الحيوية والأسمدة والمبيدات

تلعب الأسمدة والتكنولوجيا الحيوية دورا مهما في القطاع الزراعي في المنطقة العربية. وباستثناء منتجات قليلة خاصة بالرعاية الصحية، فإن أيا من البلدان العربية لا ينتج حاليا منتجات لها علاقة بالتكنولوجيا الحيوية. لكن هناك ثلاثة عشر بلدا عربيا هي أطراف في بروتوكول قرطاجنة للسلامة الإحيائية الذي ينظم استيراد وتصدير الكائنات المعدلة وراثيا (GMOs). لذلك يقتصر الموضوع على استيراد الدول العربية للسلع المتعلقة بالتكنولوجيا الحيوية. كما يجب النظر إلى دور المنطقة العربية في المفاوضات الدولية حول الموضوع من هذا المنطلق. والمشكلة الرئيسية في المنطقة العربية حاليا هي تنفيذ البروتوكول بشكل غير وافٍ، ما يؤدي إلى حالات نجد فيها بعض السلع القائمة على منتجات معدلة وراثيا (مثل الذرة والرز الطويل وفول الصويا وزيت الطهو)، تُستورد وتتوافر في الأسواق العربية من دون الإعلان عنها أو وضع ملصقات عليها تبين محتوياتها. والنقطة الأساسية في المشكلة هي انعدام الآليات التنظيمية والتطبيقية والبنى التشريعية والإدارية والخبرة التقنية. لذلك يجب توجيه المزيد من الموارد إلى مجالات تطوير التكنولوجيا الحيوية، لتتمكّن البلدان العربية من اتخاذ قرارات معززة بالمعلومات حول المنتجات التي تستوردها، فضلا عن تطوير التكنولوجيات الخاصة بها في مجالات مثل الزراعة والطب والمواد الكيميائية.

إدارة النفايات

ينتج العالم العربي نحو 250,000 طن من النفايات الصلبة كل يوم، ينتهي معظمها، من دون معالجة، في مكبات عشوائية. ويعالج أقل من 20 في المئة حسب الأصول أو يتم التخلص منه في المطامر، فيما يعاد تدوير ما لا يزيد على 5 في المئة. وإنتاج الفرد الواحد من النفايات الصلبة البلدية في بعض البلدان العربية، مثل الكويت والرياض وأبو ظبي، هو أكثر من 1,5 كيلوغرام في اليوم، ما يجعله من أعلى المستويات في العالم. يضاف إلى ذلك أن أجزاء المنطقة العربية التي تشهد نموا اقتصاديا وحضريا سريعا تنتج أيضا الكثير من مخلفات الهدم والبناء. لذلك، فإن أحد المضاعفات الثانوية للنمو الاقتصادي المتزايد والازدهار هو تزايد مستويات إنتاج الفرد الواحد من النفايات.

النمو الحضري

النمو الحضري ظاهرة يمكن مشاهدتها في أنحاء المنطقة العربية، وتزيدها استفحالا عوامل مثل ارتفاع نسب الخصوبة والهجرة من الريف إلى المدينة واستقدام العمالة الأجنبية وتركز النشاط الاقتصادي في المناطق الحضرية. وفيما تقدر نسبة السكان العرب في المدن حاليا بنحو 56 في المئة، يتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 66 في المئة بحلول سنة 2020 . ومستويات النمو الحضري عالية على وخصوصا في الكويت (97%) والبحرين وقطر (92%). وإضافة إلى سرعة مستويات النمو السكاني، تكافح بلدان المنطقة العربية لإدخال التحسينات الضرورية في قدرة البنى التحتية في المراكز الحضرية النامية. ومن التحديات الرئيسية إدارة النفايات ومخصصات الرعاية الصحية والمؤسسات التعليمية ونظم النقل. ومن الملاحظات الصارخة أن التنمية الحضرية ترتكز في شكل ساحق على نماذج منسوخة من بلدان أخرى، تتجاهل إلى حد بعيد الخصائص التراثية والطبيعية للمنطقة.

البحوث العلمية البيئية

الأبحاث العلمية البيئية الفعالة عامل أساسي في مكافٍحة التدهور البيئي. وببساطة، يمكن تحويل المؤثرات الأساسية للبحوث العلمية إلى مدخلات ومخرجات. المدخلات يمكن أن تقسم عموما على عدد الأبحاث ومعدل الإنفاق على الأبحاث العلمية، وذلك بشكل نسبي أو مطلق. وفي حين يقارب عدد الأبحاث في العالم العربي العدد في بقية أنحاء العالم، وكان ينمو بنسبة 6 إلى 7 في المئة سنويا بين 1994 و1998، أي ضعفي معدل النمو السكاني، فإن معدل الإنفاق على الأبحاث العلمية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي منخفض إلى أبعد الحدود في المنطقة العربية، أي نحو 0,2 في المئة. والمعدل العالمي هو 1,4 في المئة، وفي اليابان يبلغ 4 في المئة. والمعدل في العالم العربي هو المعدل الإقليمي الأدنى في العالم بأسره. وهكذا، فإن حالة المدخلات في الأبحاث العلمية البيئية يمكن وصفها عموما بأنها حالة يواجه فيها كثير من العلماء العرب، الذين يزداد عددهم، موارد غير كافٍية.

ما يفاقم هذه المشكلة، وكنتيجة طبيعية مباشرة للوضع الذي تم وصفه، تواجه المنطقة ما يسمى «هجرة الأدمغة»: أي الأعداد الكبيرة من الباحثين العرب الذين يهاجرون بحثا عن أوضاع أفضل لإعداد بحوثهم. على سبيل المثال، كان هناك 12,500 باحث مصري و11,500 باحث لبناني يعملون في الولايات المتحدة عام 2000. هذه الظاهرة يمكن أن تفسرها جزئيا الأزمة المالية العامة التي حدثت في وقت مبكر، وواكبتها في كثير من الحالات مقاييس علمية وأكاديمية غير وافية.

ومن أجل تصحيح النقص في البحث العلمي البيئي في المنطقة العربية، يقدم هذا التقرير عددا من التوصيات. أولا، يوصي بقوة بأن تضع البلدان العربية إستراتيجيات واضحة وفعالة، للبحث العلمي البيئي، إضافة إلى الإستراتيجيات الحالية الخاصة بالبحث العلمي عموما. وهكذا، فإن التنوع الكبير في الحقول ذات العلاقة، وما يتزامن معه من تبعثر للموارد المتاحة، يمكن جعله أكثر فعالية من خلال إدارة وتكامل كافيين، وتحديد المجالات الواضحة ذات الأولوية، وجهود اجتذاب الاستثمارات وتوجيهها نحو هذه الأهداف الإستراتيجية.

التربية البيئية

ترتبط التربية البيئية ارتباطا وثيقا بموضوع البحث العلمي البيئي على جميع المستويات. وقد تم اتخاذ عدد من المبادرات بهذا الخصوص في العالم العربي. ورصد التقرير 40 مركزا بحثيا للدراسات البيئية، و27 برنامجا جامعيا و24 برنامجا للدراسات العليا حول البيئة. ومع ذلك، فإن هذه البرامج ما زالت في مرحلتها الأولى، وكثير من فروع المعرفة لا وجود لها، مثل التشريع والإدارة البيئيين، فضلا عن دمج البيئة في خطط وبرامج ومشاريع التنمية. ومن جانب آخر، تم دمج الكثير من النشاطات اللامنهجية الخاصة بالتربية والتوعية البيئية في كثير من البرامج الدراسية. إضافة إلى ذلك، تُستعمَل على نطاق واسع مقالات ومواد من منشورات بيئية، مثل مجلة «البيئة والتنمية»، في المدارس، كمواد مطالعة إضافية. وتم تنفيذ برنامج مصري للتربية البيئية والتواصل مع المجتمع المحلي (E3OP). وهو مصمم لترويج التربية البيئية في المدارس الابتدائية والإعدادية في مصر، بهدف زيادة الوعي والمهارات المتعلقة بالبيئة.


الكعبي: لا ترخيص لأي مشروع مخالف لـ«البيئة»

أكد وزير شئون البلديات والزراعة جمعة الكعبي لـ “الوسط” أن “الوزارة لن تمنح ترخيصا لأي مشروع لا يلتزم بالمعايير البيئية المعمول بها في مملكة البحرين”.

وأشار إلى أن “جميع المشروعات تقيّم من قبل الجهات البيئية المعتمدة قبل تنفيذها أو إعطائها التراخيص، كما أن المخطط الهيكلي للبحرين عدّ المعايير البيئية ركيزة أساسية في العملية التنموية في البحرين”.

إلى ذلك قال رئيس مجلس إدارة شركة ألمنيوم البحرين “ألبا” محمود الكوهجي إن “الشركة ستعلن خططها البيئية في كل سنة على حدة، إذ إن التجربة بينت كلفة مراعاة المعايير البيئية قبل البدء في المشروع أقل من إصلاح الأمر بعد البدء فيه”.

من جهته، أوضح المدير التنفيذي لشركة “ألبا” أحمد النعيمي أن “شركة ألمنيوم البحرين أقل من المستوى المطلوب بيئيّا لكنها أعلى من المستوى المقبول”، مؤكدا أن “المشروعات البيئية للشركة لا تحدها خطة إذ إنها ستكون بشكل مستمر، ولدينا عدة مشروعات أثبتت جدواها منها مشروع معالجة المياه الذي يوفر 36 في المئة من المياه المستخدمة”.

من جانب آخر، أوضحت مراقب بيئة وصحة مهنية بـ “ألبا” سونيا غريب أن “الشركة بصدد إنهاء مشروع حراقات مولدات الطاقة التي تقلل من الانبعاثات، إذ إننا قللنا الانبعاثات بنسبة 90 في المئة ولدينا مشروع معالجة المياه”

العدد 2243 - الأحد 26 أكتوبر 2008م الموافق 25 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً