كل نعوت الفوضى، وكل توصيفات الإهمال، وكل مفردات التخبط تقف عاجزة عن أن تعبر عن حال قسم «الطوارئ» في مجمع السلمانية الطبي! قبل يومين ولسوء حظي احتجت إلى المرور على هذا القسم لأمر ما، وبينما كنت جالسا على أحد المقاعد أرقب الفوضى العارمة التي يغرق فيها القسم كان تلفاز صالة «الطوارئ» يبث برنامجا عن حظائر الأغنام وزرائب الأبقار، وتمنيت لو أن شيئا من الرتابة والنظام في تلك الحظائر والزرائب كانت من نصيب هذا القسم البائس!

تركت مقعدي وتوسطت الممر فكان بين من شاهدت مريضا يبحث عن طبيبه الذي أرسله إلى غرفة المعالجة وعاد ليجد غرفة الطبيب خالية إلا من المرضى! ولمحت آخرَ يستجدي الممرضين والممرضات ليقيسوا حرارة ابنه الرضيع! وأبصرت ثالثا يبحث عن سرير ليريح عليه والدته التي أنهكها مرض القلب، وغير ذلك من المواقف والمشاهد التي تجعل منك مريضا إضافيا على قائمة المرضى الذين غرقوا في محيط من الفوضى والإهمال والتخبط.

بعد أن استغرقت كما استغرق كل من قصد «الطوارئ» في الذهول والاستغراب التقيت طبيبا بيني وبينه معرفة سألته باستغراب: ما الذي يحدث؟ فأجابني وهو يعتصر ألما: لا جدية في تحسين وضع هذا القسم أبدا! وماذا تريد من قسم رحل عنه أكثر من 26 طبيبا؟ وكل ذلك والوزارة تصر على عدم وجود مشكلة!