لا يجوز يا جماعة الخير! تسحبون الجنسية عن عدّاء «بحريني» شهير؟ هل هذا تصرفٌ حضاريٌ سليم؟ هل هذا جزاء الإحسان لمن يجاهد في سبيل جلب الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية من مختلف أصقاع الأرض؟ أي رياضي يمكن أن يجلب لكم ميداليتين خلال شهرين: واحدة من «آسياد الدوحة» وواحدة من «إسرائيل»؟ ولماذا سحب الجنسية؟ لمجرد خطأ بسيط... هفوة بسيطة! مجرّد زيارة إلى جارٍ عزيزٍ يعيش معنا منذ 59 عاما (إسرائيل)! وهل هذا يعبّر عن حسن الجوار أو يسهم في حفظ حق الجار؟
ثم ألم تحاسبوا لردّات فعل المنظمات الدولية؟ وبماذا ستردّون على احتجاجات منظمات حقوق الإنسان؟ أليس هذا انتهاكا صارخا لأبسط حقوق المواطن «البحريني» في حرية التنقل والسفر إلى مختلف بلدان العالم، فكيف بالجارة العزيزة «إسرائيل» دام بقاؤها؟ مجرد مشاركة في ماراثون تكون عقوبته سحب الجنسية... هل هذا جائز يا جماعة في مطلع القرن الحادي والعشرين؟
ثم إنه قد يكون عنده جواز مزودج، فإلى جانب جنسيته الأصلية (كينيا) والمكتسبة (في بلده الثاني البحرين)، ربما تكون لديه جنسية بلد ثالث (إسرائيلية)، أليس من الواجب التحقيق في الأمر قبل أن تظلموا الرجل المسكين؟ فهو كما يبدو رجلٌ على نياته، فربما سرّب معلومات عن أهم منشآتنا الحيوية من دون أن يدري، ربما عرض صورا أو تحدّث لصديق هنا أو هناك، عن أهم المعالم السياحية، مسجد الخميس التاريخي مثلا، أو متحف البحرين الوطني، أو قلعة البحرين، أو حتى شجرة الحياة... بما قد تستفيد منه «إسرائيل» في حربها ضدنا في المستقبل!
ثم إن الرجل واثقٌ من نفسه جدا، فهو سيدخل التاريخ على أساس انه أول عداء «بحريني» يفوز بسباق إسرائيلي، ويعلن عن استعداده الكامل للمشاركة باسمنا نحن البحرينيين في الماراثون المقبل، ليرفع رؤوسنا أمام الاسرائيليين، بعد أن ينتزع منهم ميدالية ذهبية أخرى تكون مصدرا لفخرنا وعزتنا.
ثم إن الرجل عاش بيننا دهرا حتى أصبح واحدا منا، وكان يتكلّم مع الإعلام الإسرائيلي بالنيابة عنّا، كأنه مندوبنا الدائم للأمم المتحدة، فيقول: «على رغم ان البحرين لا تقيم علاقات مع (إسرائيل)، إلاّ انها بلدٌ حرٌ والناس تحب أن يتعايشوا مع بعضهم متجانسين».
ثم ان الخطأ - إن كان ثمة خطأ - فليس خطأ الكيني «ليوناردو موشيرو»، وإنما خطأ من جلبه من بلاده وكلفه بمهمة تمثيل بلدنا، فقد أعطيت له الجنسية من دون أن يعرف شيئا عن هوية هذا البلد، أو حساسية هذا الشعب من كلمة «إسرائيل»! ثم إذا كان قد سافر بجوازه الأصلي (الكيني)، فلماذا لم تُسجَّل زيارته وفوزه وتمثيله لكينيا في هذه الواقعة بدل (بلشة) البحرين بهذه المصيبة؟ (إحنه ناقصين)؟ ما نعرف حجمنا؟ دولة صغيرة وسط الخليج، نقدم على ما لم يقدم عليه الكبار والهوامير إلاّ وهم... يرتجفون!
أخيرا... نصيحة صادقة للمسئولين في الاتحاد: لا عليكم من هذه الضجة، استمروا في سياسة التجنيس التي ستجلب لكم مزيدا من الميداليات حتى لو كانت برونزية! لا تسمعوا لانتقاداتهم بعدم الاهتمام بالعناصر الوطنية أو مطالباتهم بالاستثمار في الكفاءات المحلية، فهؤلاء لا يفهمون فن الاستثمار في «قنص الميداليات».
في آسياد 2002 شاركتم بـ 4 متجنسين، وفي 2006 شاركتم بـ 12، وإن شاء الله في 2010 ستشاركون بمنتخب كله من المجنسين... تعيش الميداليات... وتحيا السياسة الأفريكانية!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1585 - الأحد 07 يناير 2007م الموافق 17 ذي الحجة 1427هـ