ثمة حال إرباك في البحرين سياسيا، هذا الإرباك يبدو مضاعفا على مستويين اثنين. الأول: أن كامل العملية السياسية في البحرين موجهة لثنائية طائفية (شيعة/ سنة). الثاني: أن «الوفاق» تحتكر - جراء تمثيلها السياسي في المجلس النيابي - كامل التمثيل السياسي للطائفة الشيعية، وكذلك الحال بالنسبة إلى الطائفة السنية، طبقات عدة مهمشة، وتبقى طليعة التمثيل السياسي محتكرة من قِبل «المنبر الإسلامي» و «الأصالة الإسلامية».
حال الإرباك على المستويين تدعمها مؤشرات عدة، ليس أولها هذه التشكيلة الحكومية (24 وزيرا) والتي تبدو أشبه بحكومات الطوارئ في البلدان المتأزمة، وليس آخرها أن مآل التعامل مع الملفات السياسية في البرلمان ينزاح للحسم من منظور طائفي، وهو ما سيفضي في النهاية - لا محالة - لفك معاهدة الارتباط الهشة بين الطرفين.
أما الذي يزيد الطين «بلة»، فهو أن مزاجا جديدا للدولة - تصادمي الطابع - بات يصب في تعقيد الأمور أكثر وأكثر. وما بين حالات «الإرباك» و «المزاج الجديد» يبقى البحريني المجرد والبعيد عن جميع المعادلات «مؤجلا» عن أجندة العمل السياسي لشتى الأطراف.
أما الجديد في العملية السياسية، والذي يتجاوز أن يكون محور العملية السياسية طائفيا أو أن تحتكر «الوفاق» تمثيل الطائفة الشيعية من جهة وأن تحتكر كل من «المنبر» و «الأصالة» تمثيل الطائفة السنية من جهة أخرى، هو أن البعض بات مصرا على تأزيم وضع «المعارضة» داخل المجلس النيابي وخارجه، فالمعارضة التي بدأت تأخذ منحى التركيز على الإنجازات السريعة (الخدمات، التقاعد، الإسكان، حلول جزئية للبطالة) باتت تواجه نفسا جديدا يسعى إلى جرها للمعادلة التي تحاول المعارضة تجاوزها.
الرسائل الإيجابية التي أرسلها رئيس كتلة الوفاق النائب الشيخ علي سلمان مقارنة بتلك السلبية التي مازال يتلقّاها وتصبّ في محاولة تأكيد أن بعض الأسماء تسعى إلى استعراض واضح للقوة، هو تحدٍ أدق ما يمكن أن يوصف به أنه تحدٍ «ممنوع من النشر»! وأعول على فطنة القارئ هنا.
هذا الاستعراض المباشر للقوة ليس الأداة المناسبة لتحجيم المعارضة أو تخويفها، فالمعارضة تمتلك أوراق «قوة» تستطيع تفعيلها إن اقتضى الأمر.
تتكلّم المعارضة باسم «القانون، ولعبة القانون، والتنمية، وحل مشكلات البطالة، والإسكان». يبدو ملخّص هذه اللعبة بين طرفين، لعبة من يريد بناء هذا الوطن لجميع أبنائه من جهة، ولعبة من يريد الاستئثار بالوطن ليكون حكرا على استثماراته وطموحاته الخاصة من جهة أخرى.
هذا هو ملعب المعارضة اليوم، يبدو منخفض السقف جدا بالنسبة إلى حدود العملية السياسية المفتوحة أصلا على ما هو «أهم» و «أخطر»، لكنه مع ذلك مربك جدا لآخرين تعوّدوا السياسة وفق نظريات التآمر والمشروعات السرية.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1585 - الأحد 07 يناير 2007م الموافق 17 ذي الحجة 1427هـ