تكملة للحديث الذي بدأناه يوم أمس بشأن اقتصاد الديار المقدسة, لا بدّ من التأكيد على أن أربع مدن واقعة في غرب المملكة تستفيد بشكل كبير من موسم الحج والعمرة وهي بالتحديد: مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف.
بل يعتبر مطار الملك عبد العزيز في جدة بوابة الوصول للديار المقدسة, إذ يستقبل ثلثي الزوار القادمين من الخارج. وبعد يوم من انتهاء موسم الحج لهذا العام, قام العاهل السعودي , خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز, بإطلاق إشارة البدء في تطوير وتوسيع مطار الملك عبدالعزيز على ثلاث مراحل وصولا إلى نحو 30 مليون مسافر في المرحلة الأولى ومن ثم 80 مليون مسافر مع نهاية المرحلة الثالثة.
يعتقد القائمون على المشروع وفي مقدمتهم رئيس الهيئة العامة للطيران المدني (عبدالله بن محمد نور رحيمي) بأن المشروع يعد بمثابة إنشاء مطار جديد في جدة. ومن المنتظر الانتهاء من المرحلة الأولى في العام 2011. بيد أنه ربما يتم إجراء تغييرات في المرحلتين (الثانية والثالثة) معتمدا على متطلبات التشغيل. ويبدو جليا بأن السلطات السعودية ترغب في الحصول على مكاسب تجارية من مشروع التوسعة بدليل تخصيص مساحات شاسعة للاستثمار(20 ألف متر مربع داخل الصالة) فضلا عن إقامة فنادق قريبة من المطار. طبعا المستفيد من ذلك هو القطاع الخاص.
الطاقة الاستيعابية الحالية
بحسب الإحصاءات المتوافرة, يستقبل مطار الملك عبدالعزيز نحو 14 مليون مسافر سنويا في الوقت الحاضر أي ضعف الطاقة الاستيعابية للمطار. ومرد ذلك الزيادة وجود رغبة عارمة لدى المسلمين الراغبين في أداء فريضة الحج. لكن بالمقابل تؤدي الزيادة غير الطبيعية في الحركة في المطار في الإضرار بمستوى الخدمات المقدمة للحجاج. على كل حال يفهم من برنامج التوسعة بأن السلطات السعودية مصممة للاستفادة بأقصى قدر ممكن من الأنشطة المرتبطة بالحج والعمرة وهي محقة في ذلك.
أيضا يشجع القائمون على الشأن السياحي لبعض الزوار الميسرة أحوالهم خصوصا القادمين من الدول الغربية القيام بجولات في بعض أماكن أخرى في المملكة المترامية الأطراف مثل: المناطق الصناعية فضلا عن العاصمة الرياض و المنطقة الشرقية والتي بدورها تحتضن الصناعة النفطية. كما يستغل البعض الآخر الموسم لزيارة المناطق السياحية في المملكة ولاسيما في عسير.
موسمان للحج في العام 2006
يذكر أن العام 2006 استقبل موسمين للحج (في بداياته ونهايته) وهذا ما يبشر بتسجيل نقلة نوعية في القيمة الفعلية وبالتالي حجم المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي. كما أشرنا أمس بلغت القيمة الاقتصادية للفعاليات المرتبطة بالديار المقدسة للعام 2005 ميلادية نحو 31 مليار دولار (لا تتوافر حتى الآن أرقام عن الموسم الأخير).
المؤكد بأن هناك الكثير من المنافع الاقتصادية المرتبطة بالحج والتي بدورها ترجمة حقيقية لمقطع الآية الكريمة («ليشهدوا منافع لهم ...» الحج الآية رقم 28). ختاما لابدّ من القول إن السلطات السعودية حققت نجاحا باهرا في إدارة الحج لهذا الموسم بدليل عدم سقوط ضحايا أو تفشي الأوبئة. بيد أنه المطلوب توظيف المزيد من أساليب الإدارة الحديثة ؛لتحقيق انتصار في جوانب أخرى خصوصا إدارة الجموع الغفيرة. كما يقتضي الصواب نشر السلطات أرقام تفصيلية وبشكل دوري عن عدد الزوار للديار المقدسة وحجم المصروفات في مكة المكرمة والمدينة المنورة حتى يتسنى للباحثين الوقوف على آخر التطورات المرتبطة بالقيمة الفعلية للأنشطة المتعلقة بالديار المقدسة على واقع الاقتصاد السعودي.
يقال إن نحو ثلاثة ملايين شخص أدوا الفريضة التي انتهت بسلام الأسبوع الماضي. بل ربما يكون الرقم الحقيقي أكبر من ذلك على خلفية نجاح الآلاف من الحجاج للوصول إلى هدفهم بطريقة أو بأخرى لغرض الحصول على أكبر قدر من الرحمة الإلهية مستفيدين من مصادفة الوقفة بعرفة يوم الجمعة.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1585 - الأحد 07 يناير 2007م الموافق 17 ذي الحجة 1427هـ