الأخبار الإيجابية التي تحدثت في الأيام القليلة الماضية عن لقاء جمع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع وفد من حزب الله اللبناني، تبشر بعودة الدور الريادي للمملكة العربية السعودية في تهدئة المنطقة من الغليان الذي يمر به العراق والخليج ولبنان... فالسعودية تنتظر أيضا زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، وسط حديث إيراني عن أهمية فتح حوار مباشر مع السعودية بشأن الملفين اللبناني والعراقي. وتزداد الجوانب الإيجابية إذا علمنا أن انتخابات مجلس الخبراء الإيراني الأخيرة أدت إلى تقوية الشيخ هاشمي رافسنجاني الذي كان أحد مهندسي تحسين العلاقات مع السعودية في السنوات الماضية.
وفي الشهر الماضي انعقد في البحرين المؤتمر الثالث للأمن الإقليمي (حوار المنامة) وحضره وفد إيراني رفيع المستوى، كما شارك في المؤتمر رئيس الاستخبارات العامة السعودية الأمير مقرن بن عبدالعزيز الذي اجتمع مباشرة بعد إلقاء كلمته بمستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي، وكانت هناك أطروحات عدة تتحدث عن ضرورة الدخول في ترتيبات «متعددة الأطراف» لمعالجة قضايا الأمن الاستراتيجية في المنطقة.
وحاليا، فقد قام الرئيس الأميركي جورج بوش بتغييرات استراتيجية في الشخصيات القيادية لإدارته التي سيتبعها بزيادة عدد القوات التي سيرسلها إلى العراق والخليج، في ضوء الحديث عن إرسال المزيد من القطع العسكرية الضاربة إلى المنطقة، هذا في الوقت الذي ننتظر (شعوبا وحكومات) كمراقبين وكأن الأمر لا يعنينا من قريب أو بعيد، أو كأننا سلمنا الأمر بأننا عاجزون عن القيام بأي شيء، أو كأننا نأمل بأن يزول المكروه عبر الدعاء إلى الله فقط.
وهذا يعود بنا إلى إعادة طرح ما تطرق إليه مؤتمر «حوار المنامة» بشأن ضرورة أن تبادر الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية، لأن تلعب دورها الريادي عبر دبلوماسية تقفز فوق الحواجز المصطنعة، وتتخطى التصنيفات والقوالب الجاهزة التي تحاول توزيع المنطقة على أسس طائفية وعرقية بغيضة. فما يجري في العراق من مشكلات قد يتم تصديرها إلى المنطقة مع استمرارها... أما إذا قامت أميركا، أو «إسرائيل» بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، فإن الوضع السياسي والاقتصادي لجميع الدول سيتأثر... والطفرة الاقتصادية الخليجية الحالية قد تصبح في «خبر كان».
ليس من صالح شعوب وحكومات المنطقة أن يستمر الغليان، وما يجري في العراق أصبح شأنا يهمنا بصورة مباشرة سواء شئنا أم أبينا، وما قد يحدث من تطورات في الخليج يهمنا وسيؤثر علينا بصورة أكثر ألما مما حدث في ثمانينات القرن الماضي. وأملنا في أن نبعد مجتمعاتنا عن الفتن، وأن يبتعد النواب والسياسيون عن منزلق الطائفية الذي ينتشر في المنطقة بشكل قاتل، وأملنا أن تلعب الدول الرئيسية دورها الدبلوماسي المأمول منها من أجل تهدئة الأوضاع وتوجيه الجهود نحو السلم الإقليمي والتنمية المستدامة والانفتاح، التي من دونها تزول النعم.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1585 - الأحد 07 يناير 2007م الموافق 17 ذي الحجة 1427هـ