نعتذر لدولة الكويت حكومة وشعبا عن تصرفات قلة حاولت تصوير شعب البحرين كوريث شرعي لحراب البعث وأقنعة جنون العظمة، ولم يدرك هؤلاء مدى شناعة مخالفة سياسة الدولة العليا بإقامة مجالس عزاء للتباكي على نظام أزال دولة ذات علم ونشيد من خريطة العالم، دولة يربطها بدول مجلس التعاون الخليجي اتفاقات ومواثيق لا نطلق على مخالفتها أقل من الجرم العظيم إذا تعلقت تلك المخالفة بتهديد نظام الحكم أو العبث بالثوابت الوطنية المشتركة لشعوب المنطقة، فكيف بنا ونحن الشعوب الطامحة إلى تحقيق الوحدة السياسية بين دول المجلس أن نقوم بعرقلة تلك الجهود متحالفين مع بعض الأنظمة التي لا يروق لها أي تقارب ولا تبارك أي مسار يخدم مسيرة شعوب الخليج.
نذكر في البحرين للكويت الشقيقة بناء المراكز الصحية والمدارس والمساجد ومشروعات أخرى عجزت عن تنفيذها حكومتنا الموقرة، ونذكر للنظام العراقي السابق سواحل ملوثة ببقع الزيت، وسماء ملبدة بغيوم سوداء بعد تفجير آبار النفط في الكويت أثناء احتلالها، ونذكر ارتفاع حالات الإصابة بمرض السرطان نتيجة للتلوث الناتج عن حرق الآبار، ونذكر صفارات الإنذار العام 1991 وصواريخ سكود التي تساقطت حولنا وأرعبتنا كثيرا، وهناك الكثير مما لا تحتمله ذاكرة القمع ولا يطيق ذكره أيتام النظام البائد أينما كانوا.
فضلا عن تدمير العراق وإذلال شعبه، فقد دأب «السيد الرئيس» على شراء أقلام وصحف ومنظمات وأحزاب ونقابات في مختلف الدول، وقام بشراء ذمم مواقع التأثير السياسي، فمن عطايا استخباراتية إلى كوبونات نفط إلى علاقات مشبوهة يقودها فساد سياسي، إلى تضليل الوعي العام وتحريف حقيقة جلاد العراق بخرافة عبدالله المؤمن، ومحاولة السيطرة على صناعة القرار الحزبي والنقابي في بعض الدول العربية وتجييرهما لصالح السلوك البعثي المتقلب. وهناك شواهد عديدة تطابقت مع تصرفات أنظمة أخرى حاولت تلميع صورتها خلافا للواقع وطمسا للحقيقة، غير أن ذلك النهج المتهالك لم يسعف تلك الأنظمة لترويض إحساس الشارع العربي وقدرته على تتبع مختلف الحوادث وتحليلها بمعزل عن الإعلام الحكومي، اعتمادا على بدائل إعلامية أخرى ساهمت في تقريب المسافات بين ثقافة النظام وسلوك الفرد وحياد الباحث.
لقد استغل البعض وجود قيادة البلاد في الخارج للتعبير عن وقاحة سياسية لا تتناسب مع الوزن الاجتماعي والرقعة الثقافية التي تحيط بشخوص كنا نعدهم من حرّاس الوعي في البحرين، وامتداد تلك التصرفات وسط فرجة وزير العدل بصفته مسئولا عن الجمعيات السياسية، وكان بالإمكان احتواء المشكلة في مهدها بدلا من تصديرها وتأويلها خلافا للواقع، فهناك فرق شاسع بين حرية التعبير واحترام ثوابتنا الشعبية وأعرافنا المتوارثة.
توقيت إعدام الرئيس المخلوع والتلذذ بقتله والتمثيل بجثته كان محل شجب وإدانة غالبية العرب، إلاّ أن اختزال حياته الطويلة في دقائق معدودة، فذلك يعزز روح التهرب من مواجهة تاريخه الدموي، أما وصف اللحظات الأخيرة برهبانية البطل الشهيد، فقد وصف القرآن الكريم حال النفس الذميمة وآخر كلمات نطق بها فرعون قبل موته: «حتى إِذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إِلـه إِلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأَنا من المسلمين» (يونس: 90).
إقرأ أيضا لـ "معاذ المشاري"العدد 1584 - السبت 06 يناير 2007م الموافق 16 ذي الحجة 1427هـ