العدد 1583 - الجمعة 05 يناير 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1427هـ

«خطة كيغان» لتطويق «بيكر هاملتون»... والهدف إيران

علي شرف comments [at] alwasatnews.com

هناك تغييران يجب ملاحظتهما في الولايات المتحدة، وهما تغييران من شأنهما تغيير مصير العالم ككل ولاسيما العالم العربي ومنطقة جنوب غرب آسيا. هذان التغييران جاءا نتيجة إهمال وتدمير وحروب وانهيار اقتصادي في عهد إدارة بوش وتشيني.

التغيير الأول هو نتائج الانتخابات النصفية التي فاز الديمقراطيون فيها فوزا ساحقا، والآخر هو صدور توصيات لجنة بيكر - هاميلتون. نتج عن ذلك التغييرين مبادرات وتحركات دبلوماسية مكثفة كان أبرزها زيارة أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطي جون كيري وكريس دود إلى سورية من بين دول أخرى. ولا أستثني المبادرات الروسية والصينية وأيضا عمرو موسى في محاولته تهدئة وتغيير الوضع في لبنان. أما التغيير الآخر، فيرجع إلى لجنة بيكر - هاميلتون، وهذا بدوره يرجع إلى الفوز الديمقراطي الذي تم عبر إقبال الشباب في الولايات المتحدة على صناديق الاقتراع. وهذه الشريحة هي التي تتراوح أعمارها ما بين 18 و35 عاما.

كل هذا يفتح المجال في فترة قصيرة من أجل إصلاحات جذرية، يمكن للولايات المتحدة في تقليد روزفلت، أن تقوم بها بالتعاون مع دول رئيسية في أورآسيا وأميركا الجنوبية.

وكما ذكرنا فإن الروح الجديدة للمصوتين الأميركيين كانت المحرك الذي تمثل بحركة شباب لاروش للنصر الذي حصل. وهذا يفتح المجال لمنطقة جنوب غرب آسيا، للتعاون مع يورآسيا، إذ يمكن للمنطقة أن تكون تقاطع طريق بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، من أجل البناء والإعمار للخمسين سنة المقبلة.

الرد على التغيرات

جاء الرد على هذه التغيرات، من قبل الصقور الجبناء، جورج بوش ونائبه ديك تشيني، الصقران الأكثر استكلابا، فتوجه تشيني إلى حلفائه في معهد أميركان إنتربرايز (American Enterprise Institute) لوضع مخطط يغطي على المقترحات التي ظهرت من بيكر - هاميلتون. هذه الخطة الجديدة مبنية على فكرة «نهوض» (Surge) للجيش الأميركي يمكن أن يجلب النجاح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في العام 2008 بحسب قولهم.

في 14 ديسمبر/ كانون الأول أصدر أحد أعضاء معهد أميركان إنتربرايز، فريدريك كيغان مشروعه الطوباوي «اختيار النصر: خطة للنجاح في العراق». وشدد كيغان على أن إضافة 50 ألف جندي أميركي في العامين المقبلين في محافظة الأنبار، المنطقة السنية، سيكسر شوكة العدو ويجلب السلام والاستقرار للمنطقة.

إن وثيقة معهد أميركان إنتربرايز ترفض النقطة الأهم في تقرير بيكر - هاميلتون، ألا وهي فتح الحوار مع دول جوار العراق، وذلك يشمل سورية وإيران، هذا بالإضافة إلى حل الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية. إذا كان هناك أي أمل من أجل سحب القوات من العراق من دون أن يضطر الجيش الأميركي لأن يحارب بالرصاص من أجل الخروج، فإن التوصيات تمثل متنفسا.

وبحسب مصدر مطلع على المناورة الأخيرة للمحافظين الجدد، إن مخطط فريدريك كيغان هو مخطط من أجل تكوين جبهة سنية من الدول «المعتدلة» ضد إيران والشيعة في الخليج وشرق البحر المتوسط، وذلك بالتحالف مع «إسرائيل». ما لم يذكر في مخطط كيغان، لكنه مضمن في تقرير «اختيار النصر: خطة للنجاح في العراق» هو الفكرة المضحكة، أن الخليجيين سيقطعون التمويل والتسلح عن المقاومة السنية في العراق، وبذلك يسارعون في هزيمتهم. وذلك يفتح الطريق من أجل الحصن السني الذي ذهب ديك تشيني إلى الرياض من أجله.

ولم يدع تشيني مجالا للشك في أنه شخصيا مشترك في مخطط معهد أميركان إنتربرايز، وذلك حين ذكر في إذاعة (NPR) في 21 ديسمبر الماضي، بأن كيغان وايليوت كوهين وغيرهم من المعاهد قد التقوا مع الرئيس بوش في البيت الأبيض في الأسبوع نفسه، وتلقوا دعما قويا لمخططهم من أجل النهوض (surge). كل هذا جاء على رغم اعتراض قادة القوات الأميركية على زيادة القوات الأميركية، معبرين عن أن القوات البحرية والجيش في نقطة انكسار، ولا يتحملون انتشارا قتاليا إضافيا.

استقالة أبي زيد ومخطط ضرب إيران

أعلن القائد العام للقيادة الوسطى للجيش الأميركي الجنرال جون أبي زيد في 20 ديسمبر أنه سيتقاعد في مارس/ آذار 2007. وجاء إعلان الاستقالة، بحسب التقارير، لأن أبي زيد متأكد أن بوش وتشيني يريدان أن يوجها ضربة إلى إيران ماداما في الحكم، وهو لا يريد المشاركة في ذلك. وكما نرى، فإن إضافة حاملة طائرات في الخليج لا تعني أنها هناك من أجل محاربة المقاومة في العراق، بل للمشاركة في توجيه ضربة لإيران.

وباستثناء بعض الجنرالات المتقاعدين، الجنرال جاك كين والجنرال الملازم ديفيد بارنو، فإن الحملة من أجل المخطط كانت تحوي المشتبه فيهم المعتادين في جناح المحافظين الجدد، وبضمن ذلك كثير من المشتركين في «مشروع القرن الأميركي الجديد» (PNAC). فريدريك كيغان شقيق روبيرت كيغان وابن الشتراوسي (نسبة إلى ليو شتراوس) دونالد كيغان، كانوا كلهم مشاركين في «مشروع القرن الأميركي الجديد»، الذي يتضمن أيضا المؤسسين توماس دونولي وغاري شميت، وهناك محافظون جدد آخرون اشتركوا في المخطط هم مايكل روبين ورويل مارك غيريشت ودانييل بليتكا.

وبحسب ما علمت به مجلة «إكزكتف إنتلجنس ريفيو» (EIR) من مصادر في بغداد، فقد عقد لقاء مهم بين وزير الدفاع الجديد روبرت غيتس وقائدي الجيش ابيزيد والجنرال كيسي وآخرين، وقد سخروا تماما من مخطط «النهوض» (Surge) هذا. ففي لحظةٍ ما سأل غيتس: ما هو الفرق بين وجود 180000 و140000 جندي في العراق؟ فرد عليه الجنرالات: الفرق هو وجود عدد أكبر من الأهداف عرضة للاستهداف (من قبل نيران العراقيين). ولا توجد هناك أية فائدة عسكرية لهذا المخطط.

وكما أكد كثير من الخبراء العسكريين، فإن أحد قواعد ومبادئ قوات حفظ السلام أنه إذا أردت إدارة عملية حفظ سلام، وخصوصا وسط حرب أهلية وتطهير عرقي، فإن المتطلبات ستكون جنديا واحدا لكل 24 - 25 نسمة في البلد. وبما أن العراق يسكنه 26 مليون نسمة، فعليك الحساب وفقا لذلك. هذا يعني مليون جندي لإنهاء العنف في العراق... وهذا لم ولن يحصل أبدا!

*بالاتفاق مع مجلة «اكزكتف انتلجنس ريفيو»

إقرأ أيضا لـ "علي شرف"

العدد 1583 - الجمعة 05 يناير 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً