لا شك في أن لمنبر الرسول (ص) كرامة وشرفا لا يضاهيهما أعلى شرف وكرامة. منبر الرسول (ص) هو مكان للوعظ والإرشاد الديني، مكان للطيّب من القول، والدعوة إلى أشرف الأعمال وأعلاها مرتبة.
إذا ما تعكر صفو هذا الخير وتلك الدعوة الخيرة، وتحول منبر الرسول (ص) من منبر يدعو فيه الخطيب الناس بالقول الطيب والتهذيب النبوي اللطيف، إلى هجوم شنيع بأقذع الألفاظ وبذيء العبارات - كما جرى أثناء الانتخابات، في المحرق تحديدا - يجعلنا نُعيد المطالبة بشأن تحديد معايير توظيف الخطباء. إذ مما يؤسف له أن يرتقي المنبر من لا مهنة له سوى الشتم والقذف والتشهير، ولعق أصابع المسئولين في بعض الجهات، الذين يخدعونه بقولهم: «إنك بطل»! والأخ تكبر في نفسه التسمية، ويظن أنه حامي الطائفة والملة من الفسقة المنحرفين والكفار، في حين هو نفسه لا يحمل حتى شهادة جامعية في الشريعة، ولم يتتلمذ على يد مشايخ ثقاة مشهود لهم بالعلم والمعرفة والدراية في علوم الشريعة. بل وبعض هؤلاء الخطباء لا يحمل شهادة ثانوية أو إعدادية، وآخر لا يحمل حتى ابتدائية! وآخر لا يحمل حتى شهادة حسن سيرة وسلوك في المنافسة الانتخابية!
هذا الأمر (معايير الخطباء) يبدو كارثيا بالنظر إلى الأثر الذي يتركه هذا الخطيب في الناس من خلال اعتلائه المنبر الشريف. في سالف الأزمنة كان لا يعتلي المنبر ويخطب في الناس إلاّ من تدرج في العلوم الربانية وأصبح بحرا في كل فن من فنون الدين الإسلامي الحنيف، أو على أقل تقدير ناهلا من كل بحر من بحور التفقه بالدين. فإلى أين نسير اليوم بالمنبر النبوي الشريف، وإلى أين سيصل بنا الأمر من جراء «لخبطة» المعايير؟!
جانب آخر، كم من المصليين هجر الصلاة خلف هؤلاء الأئمة؟! فوالله الذي لا إله إلا هو إنما هؤلاء الخطباء أساءوا للإسلام والمسلمين، وحملوا الناس على كراهة الصلاة خلفهم، بسبب هذا السباب والقذف والتشهير القميء بالناس، والتعريض بالمنافسين السياسيين؛ وليس بالطغاة ورؤوس الفساد، غير الخافية على هؤلاء الأئمة!
هؤلاء الخطباء لم ينبسوا ببنت شفة تجاه الظلم في توزيع الثروات، وتجاه اختلال ميزان العدالة، ولكنهم تحدثوا سبا وشتما وتعريضا بالمنافسين السياسيين، واشتغلوا بـ «الريموت كونترول» ضد هذا المرشح أو تلك المرشحة! فهل هؤلاء الخطباء هم من يدافعون عن حياض الدين؟ أليس من مقومات الدين العدل بين الناس؟ وهل من العدل بين الناس هذا الاختلال الفاضح في توزيع الثروات؟ «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ» (الصافات، 24).
«عطني إذنك»...
أعلنت وزارة الشئون الإسلامية في بيان لها، تشكيل لجنة مختصة، بقرار من نائب رئيس مجلس الوزراء، للنظر والتحقيق في المخالفات والتجاوزات، المتمثلة في استخدام المساجد ودور العبادة، في الدعايات والحملات الانتخابية، واتخاذ الإجراء المناسب بشأنها. فماذا قدمت تلك اللجنة، وما هي نتائج الشكاوى التي تقدم بها البعض على هؤلاء الخطباء؟ أسئلة من المناسب أن يطرحها النائب الجدير بثقة الشعب عبدالعزيز أبل.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1583 - الجمعة 05 يناير 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1427هـ