قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقوم بمهمات جليلة ولكن هذه المهمات تعتريها آفة «الانتهاكات الجنسية»، وهي فضائح قديمة بدأت في كمبوديا، إذ ازدهرت الدعارة بين العامين 1992 و1993 عندما تم نشر أول عملية للسلام هناك. وتعاقبت الانتهاكات بعد ذلك في كل من موزمبيق، الكونغو الديمقراطية، رواندا، الصومال، يوغسلافيا السابقة، سيراليون، يوغندا، وآخرها ما كشفت عنه صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أن أعضاء في بعثة وقوات المنظمة الدولية في جنوب السودان متهمون بالاعتداء الجنسي على أطفال. إن عظم الجريمة يكمن في أنها ارتكبت بحق أناس ضعفاء وفقراء، ومن قبل أشخاص يتوقع منهم تقديم الحماية للمجتمعات التي يعملون لديها.

لا يكفي أن تقوم الأمم المتحدة بإجراء تحقيق في كل قضية بمفردها من دون إيجاد حلول جذرية للمشكلة. فكيف يسمح لجنود (ذكور) بالاختلاط بمجتمعات غريبة عنهم من دون أن تصحبهم زوجاتهم. ثم هناك تشجيع واضح من المنظمة الدولية بارتكاب مثل هذه الفضائح الأخلاقية من خلال السياسة العسكرية الداخلية المتبعة في مثل هذه المهمات. إن الأمم المتحدة فقدت الصدقية تجاه القضايا السياسية في العالم وهي الآن في طريقها لفقدان الدور المناط بها تجاه السلم الاجتماعي العالمي ولم يتبق لها سوى تقديم الإغاثات. فالفضيحة الأخيرة في جنوب السودان وضعت الأمين العام الجديد بان كي مون في موقف حرج وهو بصدد إرسال قوات لدارفور تعارضها حكومة الخرطوم. وعليه يتحتم عليه إيجاد حلول ناجعة لانتهاكات القوات الدولية المشاركة في مهمات السلام كأن يمنع الاختلاط بالمجتمعات أو ضرورة اصطحاب الزوجات ووضع قوانين رادعة تجاه المخالفين.