خلاف أن الحكومة العراقية تمتلك «مقصلة»، وأن المصورين المُرخصين وغير المرخصين لم يظهروا من الحضور إلا «مقتدى الصدر» (صوتا)، آمرا الحضور بـ «الصلاة على محمد وآل محمد»، لم يكن مشهد إعدام دكتاتور العراق أقل «طائفية» و «وحشية» من لقطات بقايا «البعث» و «القاعدة» في تسجيلاتهم الدموية.
نهاية «الطاغية» صدام حسين كانت أمرا ضروريا لاعتبارات عدة، أولها أن يتجاوز العراقيون مفردتي «البعث» و «صدام حسين» فما هم مقدمون عليه يبدو «أهم» و «أصعب». المشكلة أن «الشيعة» في العراق لم يكتفوا بإنهاء الأسطورة، بل ساهموا بطريقة «غبية» في جعلها «حقيقة». ظهر صدام رجلا لا يهاب الموت، صمد حتى رمته مقصلة الموت أرضا في ضجيج عبارات طائفية ممقوتة، الغريب أن يكون هذا البطل الطارئ علينا، هو المجرم صدام حسين! المعادلة العراقية تحتاج إلى ما هو أكثر من مقال أو رأي عابر. خصوصا بعد أن ثَبُت أن الشيعة في العراق يسيرون عبر سياساتهم وطريقة إدارتهم للعراق للهاوية على رغم هذا الغطاء الأميركي والدولي، والذي لابد أن يأتيه يوم ينقلب فيه على أولئك الذين يفضلون الإبقاء على ميليشياتهم العسكرية خارج الدولة لتتفنن في التطهير الطائفي، على رغم أنهم يمسكون بالدولة، وما وراء الدولة. بالنسبة الى امتدادات حزب البعث العراقي في البحرين والخليج عموما، ومع ما شهدناه من مراسم عزاء على صدام حسين، وبمشاركة أسماء كبرى في مؤسساتنا السياسية الرسمية، نشك كثيرا في مراسم العزاء تلك، نشك في دورها في تفكيك وحدتنا الوطنية من جهة، وفي تهديدها لعلاقاتنا مع أشقاء خليجيين وعرب نكن لهم كل محبة وتقدير.
كان على السلطة ألا تسمح بمثل هذه الممارسات التي تصب في تقويض علاقاتنا الأخوية مع بلدين شقيقين (العراق/ الكويت) ذاق شعباهما من صدام حسين الكثير، وخصوصا أن اليد الفضلى للشقيقة الكويت في تنمية البحرين تستحق منا إعطاءها شيئا من الخصوصية، أقل هذه الخصوصية ألا يسمح لأي كان إقامة «عزاء» لمن قتل أبناءها، أولئك الشهداء الذين مازالت ذكراهم الكريمة حاضرة في قلب كل كويتي. صمتنا طوال الفترة الماضية على بعض تصرفات هذه الجمعيات التي كانت تقوض الوحدة الوطنية والتماسك الداخلي في البلاد جراء ولاءاتها القديمة لصدام حسين وحزب البعث، وآمالهم في عراق يمتد للخليج لتتكون المحافظات العشرون وما بعدها وتحملنا بعد ذلك موقف بعض الصحافة البحرينية المخجل مع الجارة العزيزة (الكويت) إبان حرب احتلال قوات الطاغية للكويت، وما تلاها.
بقي أن نؤكد أن مقرات بعض الجمعيات السياسية في البحرين ليست أكثر من سفارات لحزب البعث العراقي والقوى التكفيرية والإرهابية في العراق، وأن على السلطة أن يكون لها موقف محدد من ذلك.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1583 - الجمعة 05 يناير 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1427هـ