خلال الأسبوع الماضي استخدمت مجموعات غير معروفة العنف ضد هدفين... أحدهما ضد حافلة للشرطة كانت قد توقفت أمام «عين أم السجور» بين باربار والدراز لاستبدال الحرس في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ولكن الشرطة بوغتت بقنبلة حارقة ترمى على الحافلة التي احترقت وتسببت في إصابة أحد أفراد الشرطة بحروق ليست بسيطة إذ مازال يرقد في المستشفى للعلاج منها، كما أتت النيران على شاحنة (ترايلر) تابعة للحاج عبدالله الدرازي.
وحين سمعت «الوسط» الخبر هرعت إلى الموقع لتلتقط الصور وتسجل مجريات الحادث، ولكن وزارة الداخلية اتصلت وطلبت عدم نشر الصور لكيلا ترسل الرسالة الخاطئة في أيام رأس السنة الميلادية. وفعلا تجاوبت «الوسط» مع ذلك ولم تنشر الصور حينها، وكان لنائب المنطقة عن جمعية الوفاق عبدالحسين المتغوي موقف مشرف، إذ إنه أدان الحادث.
وبعد ذلك (الأربعاء الماضي 3 يناير/ كانون الثاني الجاري) اعتقلت الشرطة أربعة طلاب مدارس ووجهت لهم تهمة «الشروع في القتل»، ولكن أهالي بعض المعتقلين زاروا «الوسط» ليدلوا بأقوال تدلل على أن أبناءهم لم يكونوا في موقع قريب من الحادث، وهو ما حدا بالنائب المتغوي إلى أن يطالب بالإفراج عنهم (بصفة مؤقتة على الأقل) إلى حين اكتمال الأدلة وبحيث لا يخسر هؤلاء الطلاب المدرسة ويتسبب ذلك في رسوبهم. وهذا يشير إلى الموقف المبدئي للمعارضة التي أدانت وتستمر في إدانة العنف، ولكنها في الوقت ذاته تدعو إلى التحقق من الأمور لكيلا يظلم أحد بالخطأ. الشكر موصول إلى الأجهزة الأمنية لإفراجها عن الطلاب المتهمين يوم أمس، والأمل في أن تبادر الفعاليات الاجتماعية والسياسية لضبط الساحة وإبعادها عن التشنج والاحتقان، وترشيد الشباب نحو العمل السلمي والأساليب الحضارية في التعاطي مع قضايانا المختلفة.
الحادث الآخر كان في الزنج يوم أمس الأول (الخميس 4 يناير) عندما قامت مجموعة ملثمة بإلقاء زجاجات حارقة (مولوتوف) على مبنى جمعية التجمع القومي الديمقراطي التي كانت تقيم مجلسا لعزاء الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين الذي نفذ بحقه حكم الإعدام الأسبوع الماضي. فمهما تكن الاختلافات في وجهة النظر بشأن هذه الشخصية أو تلك، أو هذا الموضوع أو ذاك، فإن التعبير السلمي حق مشروع للجميع، ولا يجوز اللجوء إلى أساليب العنف تحت أي مبرر كان، وإلا فإن حكم القانون، والسلم الأهلي لا يتحققان.
إن العنف مرفوض، وما نأمله من أجهزة الدولة أن تتعامل بعدل مع جميع القضايا، وألا يؤخذ أحد بجريرة الآخر. كما نأمل من الأجهزة ألا تتعامل مع قضايا حيازة منشورات (والتي سيحاكم عليها اثنان من المواطنين يوم غد بعد احتجاز دام 45 يوما) وكأنها قضايا حيازة أسلحة، علما أن أجهزة الأمن كانت قد ألقت القبض قبل أشهر على خلية، سميت بـ «العازمون على الجهاد»، وأطلقت سراح أفرادها بسرعة... فلماذا يتم التعامل الآن مع حيازة منشورات بصورة أشد من قضايا أخطر؟
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1583 - الجمعة 05 يناير 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1427هـ