العدد 1582 - الخميس 04 يناير 2007م الموافق 14 ذي الحجة 1427هـ

النخوة يمانية!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نقلت وكالة أنباء (يو بي آي) الثلثاء الماضي ان فخامة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح تلقّى برقية شكر وتقدير من أسرة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، جاء فيها: «باسم عائلة الرئيس الشهيد صدام حسين رئيس جمهورية العراق... نتقدم لفخامتكم بالشكر والتقدير لموقفكم الأخوي الذي يعبّر عن أرقى مثال للشهامة العربية ونخوة الرجال».

البرقية لم تنشرها وسائل الإعلام اليمنية الرسمية، وإنما اقتصر نشرها على الموقع الالكتروني لوزارة الدفاع اليمنية فقط. ويأتي حصر النشر بوزارة الدفاع على خلفية الانتقادات التي وجهها برلماني كويتي من الليبراليين اسمه مسلم البراك إلى الرئيس صالح لدعوته إلى دفن صدام في صنعاء.

النائب الكويتي شنّ هجوما نشرته الصحف الكويتية على الرئيس اليماني قائلا: «علي صالح يقول إن إعدام صدام فيه إهانةٌ للعرب، ونحن نقول إنها إهانةٌ لكل حاكمٍ قمع شعبه وذهب إلى مزبلة التاريخ، ليبقى أيتام صدام من هؤلاء الحكّام ينتظرون مصيرهم الأسود»!

ويبدو أن البراك لديه سجّلٌ أسود مع اليمنيين، فقد سبق أن دعا لمنع تقديم مساعدات إلى اليمن مقدارها 200 مليون دولار، أقرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي خلال مؤتمر المانحين في لندن، ما دفع اليمن للاحتجاج لدى الخارجية الكويتية على تصريحاته.

أحد «عشّاق صدام» قدّم تفسيرا سيكولوجيا للموقف «المتشدّد» للبرّاك، بقوله: «إنه شخصٌ لا يعرف التسامح ولا الرحمة أو العفو عند المقدرة، فقد دخلنا بلاده قبل 16 عاما، ولم يطل بنا المقام هناك، سبعة أشهر فقط، ومع ذلك لم ينسَ هذه (الهفوة البسيطة)، مع أننا عاملنا الكويتيين معاملة رقيقة جدا، فلم نستخدم ضدهم الكيماوي أو غاز الخردل كما فعلنا بالأكراد والإيرانيين، ولم نحفر لهم قبورا جماعية كما فعلنا بالشيعة في الوسط والجنوب... فلماذا لا يحمد هؤلاء الكويتيون الناكرون للجميل ربهم؟».

العراقيون في اليمن انقسموا تجاه إعدام صدام إلى فسطاطين: فمنهم من هشَّ وبشَّ، ومنهم من حَزَن وحَرََن! واليمنيون أيضا، منهم من عبّر عن سخطه لإعدام صدام، ومنهم من فرح بشنقه واعتبره بداية عهد جديد للعراق. أما الحكومة اليمنية فقد طالبت من جانبها بعدم تنفيذ الحكم، لكنها التزمت الصمت بعد أن قُضِي القضاء، فما الفائدة من البكاء على رجلٍ مشنوق؟ وهو موقفٌ دبلوماسيٌ ذكيٌ من اليمن، ألم يقولوا قديما: الحكمة يمانية؟

ما يعزّز هذا الرأي أيضا، أن الرئيس اليمني كان يصف صدام بالزعيم العربي القومي الكبير في السنوات الخوالي، لكنه بعد سقوط بغداد فى 9 أبريل/نيسان 2003، وسماعه بهروب صدام من المعركة إلى حفرته التاريخية، وتركه الجيش العراقي جسدا بلا رأس، أمر بنزع صور صدام الكبيرة من شوارع صنعاء، وأطلق كلمته الخالدة: «المشكلة عندنا أننا نؤلّه قادتنا في العالم الإسلامي».

هنيئا لليمن، حكمةٌ وشهامةٌ ونخوةٌ، وشجاعةٌ في تصحيح المواقف، بينما هناك (بعض الناس) من «عشّاق صدام» في دول أخرى، أقاموا له مآتم العزاء، وبكوه حتى جفت من مآقيهم الدموع. وهم مصرّون رغم انكشاف المقابر الجماعية بما لم يحدث إلاّ في عصر الحجّاج الثقفي، على ان «حسنات هذا النظام أكبر من سيئاته»! وكأن أرواح البشر بهذا الرخص والهوان!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1582 - الخميس 04 يناير 2007م الموافق 14 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً