العدد 1579 - الإثنين 01 يناير 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1427هـ

سوق أسهم «الطماطة»!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

في إحدى البرادات الصغيرة كان البائع مضطرا إلى سماع صراخ السيدة التي كانت مستاءة جدا من ارتفاع سعر كيلوغرام الطماطم إلى ست مئة فلس! البائع برّر موقفه بأن هذا هو سعر السوق، ولكن «الحجيّة» لا تعرف السوق بل تعرف البرادة فقط، وفي ذهنها لا يوجد من يرفع الأسعار إلاّ البرادة!

خرجت الحجيّة من الباب وأخذ البائع يشكو ما لقيه إلى خليجيين قدما لتمضية إجازة العيد في البحرين، وما كان ينقص البائع سوى السؤال الذي وجهه أحدهما إليه وهو: كيف حال سوق الأسهم لديكم؟ لم يجب البائع واكتفى بحساب ما اشتراه الخليجيان، وبعد أن فارقا الدكان بدأ في التنفيس عن القهر: «يعني الزراريع عندهم سوق أسهم للطماطة؟ من وين يجيبون هذي الأفكار، ما يشوفون حال الزرايع هلكانة، حتى في وقت الموسم ما تزرع الخضرة...»!

أحد الزبائن من كبار السن في القرية قطع الحديث المر بقوله: يا بوحسن، خل عنك هالسوالف ومشنه، وش يعني الطماطة عسانا ما أكلناها، من أمس أنا شحنت البيت من الصلصل ولا بشتري طماطة، يعني الصالونة ما تصير إلاّ بالطماطة!

حديث البائع والزبائن له مدلولات عدة. أولا، لم يعد هنالك أي محصول يعتمد عليه في البحرين لا في الخضراوات و لا غيرها، ما يعني أننا قضينا على مصدر الغذاء الوحيد الذي كنا نتباهى بأننا نحقق فيه اكتفاء ذاتيا. صحيح أننا نستورد اللحوم منذ أمد بعيد، وصحيح أننا نستورد الدجاج منذ سنين، وصحيح أننا نستورد الفاكهة لأن البحرين لا تقبل حتى أن نزرع فيها الموز، وهناك من جرب وزرع الموز ولكن الشجرة أخرجت بصلا! وهذا الأمر يبشر حتما ومن دون أدنى شك بأننا مقبلون على مزيد من الأزمات في الأسعار، فهي في قبضتين؛ قبضة الدول المصدرة التي تعلم علم اليقين أننا لا نملك أيا من المحاصيل أو الأغذية التي تصدّرها لنا، وبالتالي فهي ترفع وتتلاعب بالأسعار كما تشاء. الأمر الآخر هو أننا سنكون في قبضة بعض التجار الذين سيلعبون لعبة الاحتكار، وهو أمر حصل لدينا وإن لم تتوافر الأرقام ولكن الأعمى بإمكانه أن يرى فصول اللعبة، وبإمكاننا أن نشم رائحة الفساد «من على بعد أميال»!

ولكن، لا مانع من تطبيق فكرة سوق أسهم يطلق عليها «سوق أسهم الطماطة»، نجمع فيه المزارعين ونجلسهم وندعهم يساهمون برفع الاقتصاد المحلي، لكن المشكلة أن المزارعين لا يملكون المال ولا المحاصيل، ناهيكم عن فقدانهم أراضيهم التي ذهبت في رصيد بعض المتنفذين! البلدان الأخرى طورت نفسها في كل شيء، حتى القطط تطورت وأصبحت جزءا فاعلا في المجتمع، أما «سنانير» البحرين فهي هي لم تتغير ولم تبدّل من طباعها، ففي البرد تختبئ في «مكاين» السيارات وتخرّبها، وفي الصيف تعيث فسادا هنا وهناك.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 1579 - الإثنين 01 يناير 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً