العدد 1579 - الإثنين 01 يناير 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1427هـ

اقتصاد المعرفة (3/5)

إنّ مجتمع المعرفة، بوضعه المعرفة في قلب المعادلات على اختلاف أنواعها «يشكل فرصة تاريخية نادرة ونقلة نوعية فريدة تجعل من المعرفة أساس السلطان والكسب والجاه»، كما أنّ مجتمع المعرفة «يضع الإنسان كفاعل أساسي، إذ هو معين الإبداع الفكري والمعرفي والمادي، كما أنه الغاية المرجوة من التنمية البشرية كعضو فاعل يؤثر ويتأثر ويبدع لنفسه ولغيره» من خلال شبكات التبادل والتخاطب.

إنّ مجتمع المعرفة هو ذلك المجتمع الذي يحسن استعمال المعرفة في تسيير أموره وفي اتخاذ القرارات السليمة والرشيدة، وكذلك هو ذلك المجتمع الذي ينتج المعلومة لمعرفة خلفيات وأبعاد الأمور بمختلف أنواعها. وقد أفضت الثورة المعرفية إلى مجتمع المعرفة الذي أصبح يعتمد - أساسا - على المعارف كثروة أساسية، أي على خبرة الموارد البشرية وكفاءتها ومعارفها ومهاراتها كأساس للتنمية البشرية الشاملة.

وطالما أننا نتحدث عن مجتمع المعرفة فمن الضرورة تناول القوائم الرئيسية المميزة التي ينبغي أن يتمتع بها مجتمع المعرفة:

الركيزة التكنولوجية: إذ يصعب الحديث عن مجتمع معرفة لا يكون لتكنولوجيا المعلومات وتطبيقها في مختلف مجالات الحياة السيادة، سواء كان ذلك في المصنع أو المزرعة والمكتب والمدرسة والبيت... الخ. وهذا يعني ضرورة الاهتمام بالوسائط الإعلامية والمعلوماتية وتكييفها وتطويعها حسب الظروف الموضوعية لكل مجتمع، سواء فيما يتعلق بالبنية التحتية أو المعدات والأجهزة أو البرمجيات، كما يعني البعد التكنولوجي لثورة المعلومات توفير البنية اللازمة من وسائل اتصال وتكنولوجيا الاتصالات وجعلها في متناول الجميع.

الركيزة الاجتماعية: فلابد من أن يترافق مع الاستخدام المكثف للتكنولوجيا انعكاس واضح على التركيبة الاجتماعية لمجتمع المعرفة. إذ لابد أن يترافق ذلك مع سيادة درجة معينة من الثقافة المعلوماتية في المجتمع، وزيادة مستوى الوعي بتكنولوجيا المعلومات، وأهمية المعلومة ودورها في الحياة اليومية للإنسان. والمجتمع هنا مطالب بتوفير الوسائط والمعلومات الضرورية من حيث الكم والكيف ومعدل التجدد وسرعة التطوير للفرد. إنّ التغيير سيطال أسس العمل نفسها، ذلك أنّ العمل في أي حقل كان سيتوقف على إدارة المعلومات والتصرف بها عبر الأدمغة الاصطناعية والوسائل الإعلامية. ولذلك سنشهد ولادة فاعل بشري جديد هو الإنسان الرقمي الذي ينتمي إلى عمال المعرفة الذين يردمون الهوة بين العمل الذهني والعمل اليدوي، إذ لا فاعلية في العمل من غير معرفة قوامها الاختصاص والقدرة على قراءة رموز الشاشات، ما سيطرح إطارا مفهوميا جديدا هو «العمالة المعرفية».

الركيزة الثقافية: ولن يستطيع «المعرفة» أن يغفل أهمية وضرورة توفير إمكانية حرية التفكير والإبداع، والعدالة في توزيع العلم والمعرفة والخدمات بين الطبقات المختلفة في المجتمع، كما يعني نشر الوعي والثقافة في الحياة اليومية للفرد والمؤسسة والمجتمع ككل. إنّ مجتمع المعرفة لا يقتصر على إنتاج المعلومة وتداولها، وإنما يحتاج إلى ثقافة تقيّم وتحترم من ينتج هذه المعلومة ويستغلها في المجال الصحيح، ما يتطلب إيجاد محيط ثقافي واجتماعي وسياسي يؤمن بالمعرفة ودورها في الحياة اليومية للمجتمع بين الطبقات المختلفة في المجتمع، كما يعني نشر الوعي والثقافة في الحياة اليومية للفرد والمؤسسة والمجتمع ككل.

الركيزة الاقتصادية: وهي أهم تلك الركائز وأكثرها تمثيلا لملامح مجتمع المعرفة وتعبيرا عن مكوناته. ففي هذا النمط من الاقتصاد تتحول المعلومة (في مجتمع المعرفة) إلى السلعة أو الخدمة الرئيسية والمصدر الأساسي للقيمة المضافة وخلق فرص العمل وترشيد الاقتصاد، وهذا يعني أنّ المجتمع الذي ينتج المعلومة ويستعملها في مختلف شرايين اقتصاده ونشاطاته المختلفة هو المجتمع الذي يستطيع أن ينافس ويفرض نفسه

العدد 1579 - الإثنين 01 يناير 2007م الموافق 11 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً