العدد 1578 - الأحد 31 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1427هـ

الكتابة... الصدفة

كل كتابة تتحرى الحضور، وتصر عليه، هي في صميم النبوءة. كل كتابة تتلمس لفت الانتباه إليها، بعيدا عن قيمتها الحقيقية، هي في الصميم من الغفلة. كل كتابة تصر على أنها المركز من التجربة، هي في الأكيد من الهامش. بعض من الكتابة صدفة، بدليل انها تختفي بعد أن تنال نصيبها من صدفة الأضواء، ولكنها في النهاية ستحتل مكانها اللائق بها: العتمة، والأمكنة الرطبة!. ثمة كتاب يُفرغون عُقَدهم فيما يكتبون، وأحيانا لا يخفون نيّاتهم في الانتقام من كل ذي حس. نقرأهم فلا نقف سوى على نماذج من الموتورين، ونماذج ممن أمعنوا في فشلهم، وبات عليهم أن يهدموا جميع المعابد على رؤوس حتى العابرين في الطريق اليها. بعض من الكتابة ذهَب. ذهَب يحيل شقاء وحرمان الأمكنة الى عز يمكن رؤيته من على بعد 1000 عام من المحاولة. بعض الكتابة ذهَبٌ محض، وبروح هي في الذروة من إشعاعها وبريقها. بعض الكتابة كنز يحوي كل نفائس الأرض، وأجمل ما في ذلك الكنز أن الطمع فيه حسنة مأجور صاحبها أضعافا مضاعفة. بعض من الكتابة مقابر موحشة. مقابر من دون فاتحات، ومن دون باقات ورد، ومن دون زيارات، ومن دون شموع. كتابة تذكّر بالأجل، وبالنزْع الأخير من الحياة، بل ما بعد ذلك النزْع. كتابة دمها محتبس في عروقها، وحسها ما دون حس صخرة أو رصيف. كتابة تقودك قوْدا الى تمثّل الموت في صورته الحرجة. بعض من الكتابة يعيدك الى طفولتك. يعيدك الى براءة نادرة، في زمن متورط في خلاعته ولؤمه، فيما كتابة أخرى تعيدك الى النقيض تماما.

العدد 1578 - الأحد 31 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً