تذهب المعارف السياسية إلى اعتبار المعارضة (Opposition) دلالة عضوية على «الهيئات/ الأحزاب/ التجمعات السياسية التي تختلف مع الحكومة وتنتقدها». أما موضوعيا، فهي «كل نشاط أو عمل يتضمن نقدا للحكومة، سواءٌ أكان صادرا عن أحزاب أو تجمعات سياسية، أم عن أفراد وتجمعات غير سياسية». وهذه إضاءة.
الإضاءة الثانية، تمثل المعارضة الدلالة الأهم على ألا ننتهي بأي مجتمع مدني إلى نظام واحدي/ أحدي/ صمدي/ فردي. وعليه تكون المعارضة في الحقيقة صورة من صور الديمقراطية والحرية، ودلالة من دلالات «السواء» في الحراك السياسي.
البحرينيون مثلا لا يستطيعون - منطقيا وليس كما تروج بعض الكتابات السياسية طائفية الصبغة - أن يكونوا واحدا، هذا باعتبار الديمقراطية - التي ننشدها للبحرين - تختزل بصفتها صورة من صور التآخي بين الأفراد المختلفين والأسر المختلفة، لا لعبة تكوين أو تلفيق «الأسرة الواحدة»، التي تعتبر من ترف اللغة، وحشوها.
وعليه، نجد أن المعارف السياسية تصف أية تجربة سياسية تخلو أو تجبر على التخلي عن معارضيها بأنها تعبير «يعني السعي إلى إقامة مجتمع إجماعي يفكر فيه جميع أفراده على نحو موحد». وهذه معادلة أقل ما توصف به، أنها مستحيلة.
أما قبول المعارضة فيعني «السعي إلى إقامة مجتمع تعددي، يحقق ثنائية الأكثرية/ الأقلية، التي تجعل الحياة السياسية أقرب إلى فهم المواطنين»، وبالتالي تكون معايشتهم هذا المجتمع أكثر نجاحا وتطورا.
ما بين الإضاءتين يظهر مستوى التعايش اليوم بين السلطة والمعارضة بصورة سلبية مطلقة. لنا أن نلاحظ الخطاب السياسي لجمعيات المعارضة ككل، و»الوفاق» خصوصا بصفتها الممثل الوحيد للمعارضة في المجلس النيابي، سنجده خطابا يرتكز على الإقرار المباشر بشتى أبجديات النظام السياسي في البحرين، وتاريخيا، أثبتت جماعات المعارضة البحرينية وطنيتها. شهد لها من شهد في ذلك، وأنكر من لايزال منكرا أية وطنية خلاف وطنيته هو، بصفته هو، وبمرجعيته «الطائفية» أو «العرقية». وفي ذلك حديث آخر.
المزاج الجديد لدى بعض المتنفذين يذهب إلى إقصاء متعمد للمعارضة كُلَّيَانِيَّة، بما يشمل إقصاء البنى الاجتماعية المُكونة لها تاريخيا، سواءٌ أكانت هذه البنى شيعية أم سنية، لا فرق. كما أن الكثير من المؤشرات في بعض وزارات الدولة تصب في تأسيس مرحلة جديدة من العبث، وذلك عبر تأسيس فصل «مذهبي» و «عرقي» لا تستهدف فيه الطائفة الشيعية فقط من منظور ضيق كما يفكر البعض، بل بما يشمل بعض الفئات من الطائفة السنية. وليس المجلس النيابي الحالي - الذي اقتصر على طيف واحد من الأطياف السنية - إلا دليلا على ذلك.
يبدو مزاج/ قرار/ توجه إنهاء المعارضة رؤية «غبية»، كما كان مزاج/ قرار/ توجه اختزال الطائفة السنية في فئة واحدة كذلك.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1578 - الأحد 31 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1427هـ