العدد 1578 - الأحد 31 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1427هـ

حراك سياسي ساخن وإنجازات اقتصادية شهدتها نيجيريا العام الماضي

الوسط - المحرر الاقتصادي 

31 ديسمبر 2006

تميز المشهد العام في نيجيريا خلال العام 2006 بسخونة بالغة على صعيد أجواء السياسة تقابلها على الجانب الآخر خطوات واثقة على صعيد محاربة الفساد وإصلاح أوضاع الاقتصاد لم تخل احيانا من اخفاقات موجعة، وخيمت أجواء التحضيرات لانتخابات العام 2007 الرئاسية والبرلمانية العامة على مجريات تفاعلات السياسة في نيجيريا إذ دار سجال سياسي بين مؤيدي ومعارضي تعديل دستور البلاد الصادر في العام 1999 الذي استهدف من ورائه الرئيس اوباسانجو وحزب الشعب الديمقراطي الحاكم الحد من حصانات حكام الولايات وكبار مسئولي الدولة من الملاحقة القضائية طالما اتوا إلى مناصبهم بالانتخاب اما المعارضة فرات ان التعديلات هي مناورة لتمديد ولاية الرئيس النيجيرى لفترة ثالثة وهو ما حسمه البرلمان بالرفض. وشكلت المتغيرات الاقتصادية التي حدثت في نيجيريا في مجموعها تحولا جذريا في حركة اقتصادها الذي يعد أكبر اقتصادات إفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى من حيث مقوماته الطبيعية وكتلته البشرية فقد استهلت نيجيريا العام 2006 باتمام المصارف النيجيرية عمليات إندماج ناجح صوحبت بزياة في الحد الادنى لرأسمالها من 5 إلى 25 مليار نيرة و خرج إلى ساحة العمل المصرفي في البلاد 25 كيانا مصرفيا قويا وقادرا على إدارة عملية التنمية لينتهي عصر ما كان يعرف فوضى المصارف في نيجيريا، كما بدأت نيجيريا إعادة احياء وتأهيل شامل صناعة النقل الجوى النيجيرية «المخصخصة» منذ العام 2003 وضبط اداء شركات الطيران في اعقاب كارثتين جويتين مروعتين شهدتهما السموات النيجيرية في أكتوبر من العام 2005 وهو ما لم يحل دون استمرار مسلسل الكوارث الجوية في البلاد وكان من ابرزها تحطم طائرة داخلة كانت تقل سلطان مسلمي نيجيريا وعددا من رجال السياسة في اكتوبر الماضي وهو الحادث الذي سبقه بشهر واحد فقط تحطم طائرة عسكرية في جنوب البلاد كانت تقل 12 جنرالا من قيادات القوات المسلحة النيجيرية. وصارعت نيجيريا خلال العام الماضي وباء أنفلونزا الطيور الذي اكتشف في فبراير/ شباط الماضي في الولايات الشمالية وانتقاله إلى مختلف الولايات النيجيرية حتى في جنوبى البلاد و هو ما قاد إلى حالات اعدام في مزارع الطيور بلغت نصف مليون طائر وذلك في إطار برنامج نشط تبنته الحكومة النيجيرية ووكالات الأمم المتحدة و في مقدمتها منظمة الصحة العالمية ولم تسجل بسبب أنفلونزا الطيور أية اصابات ادت إلى الوفاة بين المواطنين. وشهد الشهر ذاته بداية مسلسل تفجيرات محطات النفط و خطوط نقله في دلتا النيجر اضاعت على نيجيريا إنتاج 631 ألف برميل يوميا وتم خلالها استهداف مشروعات اجيب الايطالية وشل البريطانية وبرغم كافة محاولات التهدئة شهد العام 2006 استمرار لمسلسل العنف والمواجهات بين الميليشيات المسلحة في دلتا النيجر وابناء القبائل المتضررة اراضيهم من عمليات التلوث الناتج عن انشطة شركات النفط الدولية وهو ما ظل مبعث قلق دائم للقائمين على شئون الاقتصاد في نيجيريا وموضع متابعة من المهتمين باستقرار أوضاع سوق النفط العالمي الذي تعد نيجيريا احد لاعبيه الرئيسيين، وبذلت نيجيريا - التي تراست منظمة اوبيك خلال العام الماضي واستضافت اجتماعاتها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي - جهودا ضخمة على المستويين الشعبي والرسمي لتحسين مناخ العلاقة بين شركات النفط العالمية و المجتماعات المحلية التي تعمل في محيطها تلك الشركات ونجحت إلى حد كبير في ضبط اداء تلك الشركات وصدرت احكام قضائية ضد بعضها بسداد تعويضات قيمتها مليارا و نصف المليار من الدولارات لم توقف الشركات انبعاثاتها الملوثة للبيئة بحلول العام 2008. ونجحت نيجيريا خلال أبريل/ نيسان الماضي في التوصل إلى تسوية تاريخية لمديونياتها لدول نادي باريس بسدادها 12 مليار دولار تمثل اصل الدين مقابل اعفائها من سداد 30 مليار نيرة تمثل ديونها الاجمالية وهي الخطوة التي القت من على كاهل الاقتصاد النيجيرى عبئا كان يحد من قدرته على الانطلاق، وهو ما استتبعه إعادة بناء الاحتياطي النقدي للدولة الذي اقترب بنهاية العام إلى 40 مليار دولار وتوجيهه في تحسين اوضاع العملة النيجيرية (النيرة) وهو ما ادى إلى تدعمها خلال زمن قياسي من 165 إلى 126 نيرة للدولار الواحد مع نهاية العام 2006. وشهد العام الماضي نجاحات حققتها نيجيريا على صعيد استرداد الأموال المهوبة من خزائن الدولة وإعادة ضخها في عمليات التنمية الشاملة، فقد تمت إعادة 250 مليون نيرة نيجيرية من جانب بريطانيا للخزانة العامة كان حاكم ولاية بايلسا السابق ديبرى الميسيغا يقوم بغسيلها في المصارف البريطانية، كذلك نجحت الإدارة النيجيرية خلال العام الجاري في إستعادة الأموال التي كان حاكم البلاد العسكري السابق ساني اباتشا قد هربها إلى خارجها واودعها في المصارف السويسرية وهي تقترب من الماليار دولار واعتبر المراقبون ان استردادها كان انتصارا لإدارة الرئيس اوباسانجو. كما حققت نيجيريا نجاحا على صعيد تنويع مصادر دخلها القومي بتبني برنامجا قوميا للأمن الغذائي وإنشاء صندوق برأس مال 50 مليار نيرة لدعم المزارعين، كذلك كثفت نيجيريا من استثمارات قطاع الغاز الطبيعي الذي تمتلك من احتياطياته الكلية 177 تريليون قدم مكعب، وفتحت الباب أمام الشركات العالمية للدخول كمستثمرين في قطاعات التعدين الصلب وبناء الصوامع وإنتاج بدائل النفط العضوية من محصول الكسافا واعطاء دفعة للتنمية السياحية، كما استضافت نيجيريا في نهاية العام الماضي أول قمة من نوعها في التاريخ للتعاون الاقتصادي والتنموي بين إفريقيا وأميركا الجنوبية. لكن الصراع بين الرئيس النيجيري ونائبه عتيقو أبوبكر بقى هو المشهد اللافت خلال الربع الأخير من العام 2006 في تصاعد بلغ ذروته بانضمام نائب الرئيس إلى المعارضة وترشحه على قائمتها لرئاسة الدولة في انتخابات 2007 بعد فجوة أخذت تزداد اتساعا بينه وبين الحزب الحاكم على مدار العام الماضي انتهت بتعليق الحزب لعضوية نائب الرئيس فيه ثم فصله من الحزب لاحقا اثر اتهامات الأجهزة الرقابية له بالفساد ورشح الحزب الحاكم عمر يارادوا حاكم ولاية كاتسينا الشمالية رئيسا للبلاد عن الحزب في الانتخابات القادمة بعد ان انسحب جنرال نيجيريا الأكثر شهرة ابراهيم بابانجيدا بصورة مفاجئة من سباق الترشح للرئاسة، ذلك السباق الذي سيكون ملفه مفتوحا لتدخل به نيجيريا عامها الجديد بنفس السخونة التي اختتمت به عامها الماضي.

العدد 1578 - الأحد 31 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً