«بربورة، كانت في الزمان القديم بلادا كبيرة جدا، وأما الآن فسكانها قليلون حديثو عهد بها، وخرابها قريب العهد، لأن أم جدي الحاج عبدالنبي كانت منها».
بهذه الكلمات وصف العلامة المرحوم الشيخ إبراهيم المبارك قرية بربورة في فصل بلدان البحرين من كتابه «حاضر البحرين». ووصف (طيب الله ثراه) النويدرات بالتالي: «النويدرات، مخففا مصغرا وموقعها بين العكر وبربورة وريفها للشمال يتصل بريف سند من الجنوب، وتتصل هي بالشارع المار إلى سترة».
أما واقع الحال اليوم، فله وجوه عدة:
أولا: تحريف محتوى وثائق ومراسلات رسمية وتصريحات إعلامية، وهي ممارسة تقترف من جهة رسمية، في حين لا نجد من يتصدى لهذه الظلامة، من أي جهة رسمية في البلاد، بل إن الصمت مطبق إلى حد الخرس، ما يكشف عن تواطؤ على اقترافها. في المقابل نجد أن القيادة السياسية لم تتحدث للمسئولين في وزارة الإسكان، ولا للإعلام، كما لم تخاطَب من قبل المواطنين إلا بما جاء في الوثائق، «إسكان القرى الأربع» أو «إسكان النويدرات» ولم يتحدث جلالة الملك ولا سمو رئيس الوزراء ولا سمو ولي العهد عن «هورة سند».
ثانيا: إسكان القرى الأربع لم يكن في وارد خطة وزارة الإسكان، وإنما هو بجهد أهلها ومثابرتهم ومؤشر على وعيهم لحقوقهم واجتهادهم للحصول على حقهم، حيث بدأت القصة عندما أنبرى عدد من أهالي القرى، وتوجهوا بطريقة حضارية راقية، بمخاطبة سمو ولي العهد، عبر النائب البلدي المرحوم الأستاذ إبراهيم حسين إسماعيل منذ العام 2003م، فإن عنوان المشروع لم يعبث به عابث، ولم يحرفه محرف، كل الوثائق والمستندات والمراسلات والأدبيات الصحافية والإعلامية، وما ينشر عن وزارة الإسكان يجمع على صيغة واحدة لتسمية المشروع وهو مشروع إسكان النويدرات أو القرى الأربع، وهو مخصص لهم.
ثالثا: السادة أصحاب طلبات 1992 هم أصحاب حق، لا تُقبل مزايدات أي أحدٍ في التأكيد على حقهم في حصولهم على وحدات سكنية، بل إن الشرفاء في هذا البلد ما فتئوا يرددون التأكيد والمطالبة بحق المواطنين ذوي الطلبات القديمة في حصولهم على حقهم الذي كفله لهم الدستور. ولكن ماذا يعني حل مشكلة أصحاب طلبات 1992م في العام 2009م وليس قبل ذلك؟ الجواب ببساطة مسئولية السلطة وليست مسئولية القرى الأربع، كما أن السلطة، هي التي تسببت في تأخير تلبية طلباتهم وليس أهل القرى الاربع. ماذا يعني حماس وزارة الإسكان المفاجئ لحل مشكلة طلبات 1992م من خلال إسكان مضى على الحديث عنه أكثر من خمس سنوات، على أنه مخصص لأصحاب هذه القرى؟ أليست هناك أجندة خفية!
رابعا: تراكم الطلبات منذ 17 عاما، هل هي مشكلة أهل هذه القرية أو تلك القرية، أم أنها مشكلة السياسة الإسكانية الفاشلة للسلطة، والتي تقوم على المحاباة لصنف مذهبي أو صنف طبقي أو انتماءات قبلية وعلى هذا فإن العنصرية والتمييز والظلم مازال قائما في بلد لا يتعدى مواطنوه النصف مليون.
خامسا: السادة أصحاب طلبات 1992م هم ضحايا سياسة التجنيس التي فرضتها السلطة والتي ساهمت في بقاء طلباتهم على الرفوف في حين حصل المجنس الذي لا ينتمي لهذه الأرض ولا لأهلها على قسيمة سكن، كان يستحقها أصحاب الطلبات القديمة.
سادسا: السادة أصحاب طلبات 1992م هم ضحايا التهميش وسياسة الإلغاء، التي وجهت موازنات الدولة، وصرفتها على مشروعات لم تنعكس على الحاجات الأساسية للمواطن وأضحى أصحاب الطلبات القديمة وكأنهم يستجدون عطايا وليسوا أصحاب حق، ويستحقون العطف والشفقة!
سابعا: هذا الإسكان المخصص، والذي يقدم 230 وحدة سكنية، في مقابل 45000 طلب إسكاني على الأقل، هل يعقل أن يصل الأمر بوزارة الإسكان إلى مستوى إجحاف أصحاب مشروع مخصص، بذريعة تلبية ضحايا انتظار 17 عاما؟ لو كان عدد الوحدات في إسكان القرى الأربع وصل إلى 1000 أو 2000 وحدة جاهزة لما كان بالإمكان ملاحظة إضافة طلبات أخرى؛ أتساءل هل تملك وزارة الإسكان رؤية لتلبية 45000 طلب من دون أن يتكرر سيناريو طلبات 1992م و17 سنة انتظار!
ثامنا: في مقال لأحد كتاب إحدى الصحف المحلية في تاريخ 7 أغسطس/ آب 2009 أشار الى استراتيجية الأقدمية، وذكر عددا من مشروعات الإسكان التي تمت ووزعت الوحدات فيها على أساس الأقدمية، ونسأل هنا، هل يحق لأصحاب الطلبات القديمة أن يحصلوا على وحدات سكنية في الرفاع والبحير، بصرف النظر عن انتمائهم الطائفي؟ أم هي السياسة البغيضة التي تمنح الحق على أساس عنصري وتجيز هنا ما لا تجيزه هناك. أليس أصحاب طلبات 1992م قد مضى على انتظارهم 17 عاما، تخللتها توزيع طلبات إسكانية في مناطق محرمة عليهم؟
تاسعا: أشار الكاتب إلى أن البحرين دائرة واحدة، وبرر بهذا صرف وحدات سكنية في مناطق أخرى لغير أهلها، ووصفه بأنه أمر لم يعترض عليه أحد؛ ولكن هل يمكن للكاتب أن يؤكد لنا بالقانون المعمول به في البلاد أنها دائرة واحدة، كما يزعم، أم هي دائرة واحدة لطبقة وصنف من الناس، وليست كذلك لصنف آخر؟ وكأننا في نظام يعتمد سياسة الفصل العنصري.
وأخيرا، ما الذي يدفع المواطن إلى الاطمئنان ويشجعه على الثقة فيما لا يتمكن من الإطلاع عليه ولم تكن له فيه دراية، في كثير من القضايا التي لا يملك فيها أي وثيقة أو دليل، وهي تتصل بحقوقه المتعلقة بذمة الدولة والنظام المعمول به، إذا كانت وزارة وجهات رسمية تتصدى في وضح النهار، لتكريس نقض الوعود والعهود التي يطلقها قادة البلاد الرسميون.
لماذا لا تكشف وزارة الإسكان أسباب تأخير تحقيق طلبات السادة أصحاب طلبات 1992م، على أن لهم ولأبناء الشعب كافة الحق في معرفتها، أليس في كشف الأسباب حرج لكشف الأجندة الخفية؟ فلماذا لا يطلع علينا مسئولو وزارة الإسكان بالمعايير التي يعتمدونها في تلبية الطلبات الإسكانية بشكل واضح وقاطع، ومتى تم صوغ هذه المعايير، وما هي المشروعات التي قامت بتوزيعها بناء عليها؟
يحق لنا أن نسأل وزارة الإسكان، هل يعتقد المسئولون فيها، أن أهل البحرين عبيد يفعلون بهم ما يشاءون، وكأننا في عصور سيطرة الإقطاعيين، يمنحونهم متى أرادوا ويحرمونهم متى قرروا؟ أهل البحرين أهل عزة وكرامة، ونفوسهم كريمة وعزيزة، وعندما يتقدمون للحصول على مشروع إسكاني هنا أوهناك، فإنهم إنما يقدمون طلباتهم بصفتهم أصحاب حق وليسوا بصفة المستجدي طالب العطايا والهدايا .
إقرأ أيضا لـ "هادي حسن الموسوي"العدد 2533 - الأربعاء 12 أغسطس 2009م الموافق 20 شعبان 1430هـ
بربورة سند .. و ليست هورة سند
إنه التمييز والطائفية والعنصرية .. وسياسة تفرق تسد .. فسياسة الإسكان قائمة منذ باية تأسيسها على تفرقة الناس عن بعضهم البعض .. وحتى الأخ عن اخيه .. فهي لا ترغب في لم شمل الأهل .. وأهل المنطقة الواحدة في منطقة سكنية واحدة .. وهو خوف متآصل من إجتماع هذه الفئة وإرتباطها ببعضها البعض .. وهوي سياسة متوارثة ومعروفة .. ولكن مع ذلك لا يزال الترابط والتلاحم بين هذه الطائفة قائماومتواصلا .
الوعود المكتوبة لابد ان تنفذ
كلام منطقي. هل لأاصحاب الطلبات القديمة ان يحصلوا على وحدات في الرفاع ولبحير؟؟؟واما جهود اهالي القرى الاربع فلابد ان يحصلوا على ماوعدوا به وعليه تاسست الوحدات الاسكانية الخاصة بالقرى الاربع كما هو معلوم متداول موثق وليس خلف الوعد والالتفاف .الحل الرجوع الى الوعود المكتوبة الموثقة.
شكرا لك يا أخي
كفيت ووفيت، منطق، وقوة في الطرح
إيه القرون الوسطى والعنصرية والطائفية و...
أمراض فتاكة والعياذ بالله الواحد القهار.