العدد 2533 - الأربعاء 12 أغسطس 2009م الموافق 20 شعبان 1430هـ

أمسية قصصية وتوقيع إصدار جديد وركن للكتاب القطيفي

في ليلة تناثرت بها حروف البديع جمانا على مسرح المعهد المهني بالقطيف وتفجرت بها مكامن اللغة وانزياحاتها السردية استهلت الأمسية القصصية المقامة ضمن فعاليات (مهرجان صيف القطيف 2009) والتي قدمها الشاعر ياسر الغريب بكلماته التي اختزل في طياتها قاموس وتجارب الأدباء المشاركين في الأمسية التي افتتحت بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم انسابت عذوبة حزينة امتزجت مع نبض الحضور واسترعت مساحات إنصاتهم بحسن التجويد وروعة التلاوة وحسن اختيار طبقات الصوت المناسبة لوقع الآيات المرتلة من لدن المقرىء زهير القصاب. ثم كان البدر الأول في الأمسية فهد المصبح والذي قرأ من نصوصه الرزينة المتخمة بأصالة التجربة ووعيها هدهد جعل نبأ النص قبسا تقاسمت به القطيف والأحساء سوقها الخميسي في نصه (ضمأ الماء).

والتي تحدث فيها عن معاناة الباعة والإنسان متمثلة في اللغة الأنثى التي رمى بها الدهر على بساط السوق الإسفلتية تلك التي تحاول أن تخلق من بقايا قشور الرمان ماء باردا يبيعه وليدها بين أروقة الصهير التي تتسلل مزاحمة مرتادي سوقه... جاء فيها

(تلفتت الأم إلى ابنها فلم تجده فقامت كالملسوعة تبحث عنه وكل هذه الوجوه تخرج إلا وجه سعود الذي خرج ماء جسده محلقا نحو السماء بوجه شاحب وسطل مندلق على الأرض وجيب مفتوح تطل منه القروش).

ثم رفرف هدهد آخر بضياء البدر السردي الذي تجسده ذات بوح كاسرا جمجمة لغته الأجمل وناثرا هروبه الكبير دهشة. الأديب جعفر الجشي تحدث في نصه الأول عن حركية الروح وخذلان الجسد لمساحة تدفق العطاء ممثلة في ذلك المتواضع رغم الوجاهة وغيابه المؤثر والمربك... ثم تلاه نص آخر أسقط فيه ظل البطل ونموه معه ومشاكسته المعتمة مجسدا الظل بشكل رمزي مفتوح الدلالة كبقعة حبر يشكلها المتلقي كما يشاء كل حسب خلفيته الثقافية جاء في نصه (مصرع الظل) .

(في أحد المساءات قرر إنهاء اللعبة التي بدأت تشكل خطورة على حياته أحضر خنجرا وأخفاه في مكان قريب ليبدأ اللعبة تصارعا لمدة طويلة وبعد عدة جولات أخرج الخنجر ليقتل به ظله الثقيل غرسه بقوة وفر خوفا من أن يكون أحد رآه وهو يغرس الخنجر تفقد جسده ولم يستغرب حينما وجد جزءا من الخنجر مغروسا في ظهره والظل يقهقه وهو يهرب مختفيا في الظلام الدامس) .

ورف بعدها هديل البدر الآخر الأديب طاهر الزارعي مختزلا لغته ومكثفا هوسه باللغة والصورة يفاجئ المتلقي بروعة ختمه قصصه ومخالفتها لما يتوقعه السالك في نثريته الفوقية باسقاطاته المدثرة بكوميديا سوداء زاخرة بعبق ألقه ممتزجا بلغة عصرية لكنها تختزن هوية أصالة القرية وروعة تناثر ثنائية الآخر والآخر ختم نصوصه القصيرة بنص يتماوج مع البحر الأزرق كنوخذة لاستلاب صور الماضي وعادات السعي إلى الولوج بين أمواج المجهول بحث عن سمك يسد ثقوب ثياب حياته جاء في نصه أرغفة.

(عبر بسيارته الفارهة بلدته القديمة .

الأهالي يخلقون زوبعة فرح ,

قرروا إهداءه أرغفة ساخنة كان يعشقها ,

فملأ بطونهم غبارا !)

وبعد ذلك حلق الأديب فاضل العمران في واقعيته المغموسة بشاعرية منثورة ومختزلة يقارب في طرحه نقد واقع استعجال اصدار الأحكام على مساحات ظنية تستحيل في قدور النضج الفحولي يقينا ويكشفها العقل البريء طفولة.... واقعية شاعرية تهتم بالآخر الوافد إلى الأرض أو القلب نافذا عبر مساحات الأبواب العرفية التي تقيد حراك العقل في طوق الجمود الذي لا يناقش ما وجد عليه روتين الجيل القديم... وكأن العرف طقسا في اللبس والسير والفرح ....

جاء في نصه (الباب السابع )

(لكان تمرد حاد مني ولم أبح به لأحد عندما ورد في ذهني سؤال جريء حول سبب اقتصار الناس على المرور من هذا الباب دون غيره رغم أن الأبواب الستة الأخرى تظل مفتوحة وفارغة على الدوام ظل اللغز يراودني ويلح بشدة دون إجابة وما أن همست لأبي وجدي وألمحت لبعض أعيان المدينة حتى نهروني بشدة وهددوني بالطرد خارج السور بتهمة المساس بالثوابت والمقدسات)

وكانت الفقرة الأخيرة في الأمسية هي الاحتفال بصدور المجموعة القصصية (صهوة جنون) للأديب حسن آل غزوي بقطع كيكة خاصة بالمناسبة وتوزيع شهادات شكر وتقدير للقاصين الذين أحيوا الأمسية... ومن ثم انتقل الضيوف والحضور لتوقيع المجموعة في معرض الكتاب المقام على هامش الأمسية.

والذي تميز بركن خاص بالإصدارات القطيفية في مجال القصة القصيرة والرواية تفضل عباس الشبركة بإعداده.ركن آخر لمبيعات الكتب بخصم قدره 30 في المئة على الكتاب الواحد.

يذكر بأن التلفزيون السعودي كان حاضرا عبر القناة الأولى وقام بإجراء عدد من الحوارات مع الأدباء حسن آل غزوي وفاضل العمران وعقيل اللواتي إضافة إلى تسجيل بعض جوانب الأمسية القصصية.

العدد 2533 - الأربعاء 12 أغسطس 2009م الموافق 20 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً