نقترب من انتخابات البرلمان... بيننا وبينها أقل من العام... جدل واسع يدور في أوساط القوى السياسية... المجالس المنتشرة في مدن البحرين وقراها تستقبل القيادات السياسية كي تستشف منها موقفها من تلك الانتخابات... شهر رمضان المبارك على الأبواب، ومن المتوقع أن تشهد لياليه حوارات ساخنة تتمحور جميعها حول الانتخابات، ومن هي القوى التي ستشارك ونصيب كل منها من مقاعد البرلمان.
ترتفع أمام القوى الوطنية الديمقراطية علامة استفهام كبيرة تقول ما العمل؟ وتتطلب الإجابة الصحيحة على مثل هذا التساؤل الاستراتيجي الاتفاق المبدأي على بعض الأولويات المواكبة لأي عمل سياسي استراتيجي، والتي يمكن رصد أهمها في النقاط التالية:
1. نسف بعض المقولات السائدة، والتي تروج لها بعض القوى السياسية وصدقتها نسبة عالية من عناصر القوى الديمقراطية، وأصبحت راسخة في أذهانها وتسيطر على سلوكها السياسي، من أمثال أنه ليس هناك أي حظ للقوى الديمقراطية كي توصل أي من ممثليها إلى قبة البرلمان، وأن جميع أوراقها باتت محروقة، وبالتالي فليس من مصلحتها أن تبني أي أوهام بشأن قدرتها في منافسة أية قوة لا تنتمي إلى التيار الوطني الديمقراطي، ومن ثم فعليها أن تسير في دبر تلك القوى، وأن تركب سفنها وتقبل بشروطها، إن هي أرادت إيصال أي من مرشحيها إلى المجلس المقبل.
هنا ينبغي على القوى الديمقراطية أن تبذل قصارى جهدها كي تدحض مثل هذه الطروحات، ليس بالأقوال، وإنما بالأفعال من خلال اختيار من يمثلها من العناصر الديمقراطية ذات الثقل الجماهيري التي يمكنها من تحقيق النجاح المطلوب.
2. الكيف مقابل الكم، بمعنى، من المطلوب من القوى الوطنية أن تنطلق من فرضيات واقعية تقوم على أن قدراتها في هذه المرحلة، محدودة مقارنة بتلك التي تحت تصرف القوى الأخرى، لكنها بوسعها أن تعوض ذلك من خلال برنامج عمل واقعي، يخاطب المواطن العادي، بعد أن يتلمس همومه. فوجود مثل هذا البرنامج من شأنه أن يعيد اصطفاف القوى والكتل السياسية داخل البرلمان ذاته، ولمصلحة التيار الوطني الديمقراطي ذاته، وأكثر من سواه من القوى الأخرى.
هذا يتطلب من القوى الديمقراطية أن تنكب على كتابة مثل هذا البرنامج القائم على دراسة واقعية لحاجات المجتمع، مستقاة من أرقام صحيحة مستمدة من إحصائيات دقيقة.
3. رص الصفوف الداخلية، فكما نشاهد يوميا مشاريع القوى الأخرى الهادفة إلى رص الصفوف، بات على القوى الوطنية الديمقراطية أن تضع جانبا الكثير من خلافاتها الثانوية، وتغلب عليها الكثير من الهوامش المشتركة فيما بينها، دون الحاجة إلى استفزاز القوى الأخرى، إلا إذا قررت هذه القوى، وانطلاقا من مصالحها الذاتية الدخول في صراعات مع القوى الديمقراطية.
هنا على قوى التيار الوطني الديمقراطي أن تتمتع بالحصافة السياسية الضرورية التي تؤهلها لبناء جبهة وطنية ديمقراطية واسعة تظلل تحت رايتها كل ألوان الطيف الوطني الديمقراطي.
4. نزع الخوف من الفشل، فأي عمل سياسي، بقدر ما تسعى القوى التي تقف وراءه أن ينال حظه من النجاح، عليها أن تهيئ نفسها كي تواجه أية تبعات تنتج من احتمالات تعرضه لأي شكل من أشكال الفشل.
من هنا، وحتى في حال فشل الجبهة الوطنية الديمقراطية في إيصال أي من ممثليها أو ممثلي القوى المتحالفة معها إلى قبة البرلمان، فينبغي أن لا يدفعها ذلك إلى الدخول في حالة من اليأس، أو القبول بأي شكل من أشكال التشاؤم. فالعمل السياسي الناجح، بالمفهوم الاستراتيجي، يقوم أساسا على مراحل مختلفة يتخللها الكثير من حالات التقدم والتراجع. فحركة المجتمع لا تسير في خط بياني متصاعد بشكل مطلق.
على أرضية هذه النقاط يمكن للتيار الوطني الديمقراطي أن ينطلق من أجل الإجابة على السؤال الكبير القائل: ما العمل؟
ونقطة الانطلاق على طريق الإجابة، وهو طريق صعب ومعقد ووعر، ويحف به الكثير من المخاطر، ويتربص به الكثير من الأعداء، هو أن تقوم القوى السياسية المنظمة العاملة في الساحة، بجردة أولية لهذه العناصر المشتتة، التي لا تزال تمتلك الرغبة في العطاء، لكن لديها الكثير من المبررات الصحيحة والراسخة التي حالت دون انخراطها في أي من تنظيمات هذا التيار الواسع.
على نحو مواز يمكن الاتفاق على تكليف، أو مبادرة مجموعة لكتابة ورقة عمل أولية تكون بمثابة أرضية ينطلق من فوقها، ومن خلال مناقشة ما جاء فيها، العمل من أجل وضع برنامج عمل متكامل يناضل تحت لوائه هذه التيار الديمقراطي الواسع.
في الوقت ذاته، لابد من وضع الخلافات الثانوية الموروثة تاريخيا من العمل السياسي السابق جانبا، ولا ضير من مناقشتها، لكن دون أن يطغى النقاش، وأهميته ثانوية في هذه المرحلة، على ما هو أهم، والمقصود به هنا إطلاق التيار الوطني الديمقراطي بالمعنى السياسي الواسع لهذا التعبير.
المهمة صعبة، لكن الإجابة على ما العمل تبدأ بخطوة واحدة، وأحيانا، قد تضطر القوى السياسية «أن تتراجع خطوة إلى الوراء من أجل التقدم خطوتين نحو الأمام».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2532 - الثلثاء 11 أغسطس 2009م الموافق 19 شعبان 1430هـ
هل الهدر المالي أحد الأوسمة الذي عن طريقه تحصد الجوائر الاستراتيجية
سيظل المواطن المخلص الراعي الرسمي لرقابة المال العام والشأن العام المحلي دون مقابل ودون رسوم تدفع مثل ما صرفت(وزارة الأِشغال)المبالغ الضخمة للشركة الراعية للإدارة الإستراتيجية برعاية شركة أجنبية قياسا على الظروف الإقتصادية التي تمر بها البلاد وحجم الاقتصاد الوطني .و أن تمنح الوزارة نسبة معينة من إعتماداتها لتلك الشركة الاستراتيجية وهو من إجمالي ناتج الدولة المحلي، في الوقت الذي برزت كارثة خليج توبلي والذي لا يعلم مدى ما ستحصده تلك الكارثة من أرواح إلا الله.