اعتبرت فعاليات وطنية أن حرية التعبير في البحرين تشهد تراجعا مستمرا، وأن القيود مستمرة على حق الحصول على المعلومة على رغم أن الدستور يكفلها.
وكانت البحرين تراجعت في 4 من 5 مؤشرات معتمدة في تقرير مؤسسة «آيركس» المعنية بالبحوث في الصحافة والإعلام بشأن «استدامة الإعلام»، وحصلت على معدل عام في كل المؤشرات بواقع 1.63 نقطة، وهو المستوى الذي تصنفه «آيركس» تحت مسمى «نظام إعلامي مخلوط ومنقوص القدرة على الديمومة»، إذ يعطي المؤشر كل الدول درجات تبدأ من الصفر وهي الأقل إلى 4 وهي الأكثر.
وبلغت نقاط البحرين في مؤشر الحرفية الصحافية في التقرير الأخير 1.61 بعد أن كانت 1.93 نقطة في تقريرها السابق، وفي مؤشر تعددية مصادر الأخبار حققت 1.35 بعد أن كانت 1.73 نقطة، وحققت في مؤشر إدارة المؤسسات الإعلامية 1.99 في حين كانت قد سجلت 2.14 نقطة، وفي مؤشر الدعم المؤسسي حصلت على 1.71 متراجعة عن مؤشرها السابق الذي كان يمثل 1.84 نقطة.
وكان المؤشر الوحيد الذي تقدمت فيه البحرين هو حرية التعبير، إذ حصلت على 1.52 نقطة، في حين كانت قد حصلت في التقرير السابق على 1.47 نقطة.
وفي هذا الصدد، ذكر رئيس نقابة الصحافيين البحرينية محمد فاضل أن حرية التعبير في تراجع مستمر من قبل الصحف نفسها.
وأشار إلى أن تراجع مؤشر البحرين بشأن تعددية مصادر الأخبار مرتبط في جزء منه بالحرفية الصحافية، باعتبار أن هناك أخبارا تأتي من مصدر واحد، ولا يتم التأكد منها إلا فيما ندر.
وقال: «الصحف تتحمل مسئولية كبيرة في عدم إعداد الصحافي بشكل مهني، إذ تقدم على توظيفه من دون أن تدربه ومن دون أن تفرض قواعد أخلاقية أو إشرافا مهنيا عليه، وهو ما يؤدي إلى تدني مستوى الحرفية في هذه الصحف».
أما رئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري فاعتبر أن التقرير الصادر عن «آيركس» لا يختلف كثيرا عن التقرير الذي أعده مرصد الحرية، وتوصل إلى أن البحرين في النصف الأسفل بالنسبة لحرية التعبير.
وقال: «هناك أمور يشيد فيها التقرير بدور المنظمات الأهلية في المطالبة بحرية التعبير والصحافة، وهو أمر موضوعي ولكنه ينتقد جمعية الصحافيين البحرينية بشأن عدم تحولها إلى نقابة كاملة، وهذا التقرير يجب أن تتوقف أمامه جمعية الصحافيين».
وأضاف: «هناك حاجة لأن تتطور جمعية الصحافيين لكي تكون نقابة وتدافع عن حرية الصحافة واستقلاليتها».
كما أشار إلى ما ورد في التقرير بشأن تغليب انتماءات الصحافي على الحرفية في العمل، ناهيك عن ضعف تأهيل الصحافيين.
غير أنه لم يؤيد ما جاء في التقرير بشأن اعتماد جميع الصحف المحلية في البحرين على دخلها، باعتبار أن بعض الصحف لا تعتمد على دخلها وإنما يأتيها دخل خارجي، مطالبا في الوقت نفسه بأن تلتزم الصحف بالشفافية في الإفصاح عن نسبة توزيعها وموازنتها.
وقال: «كانت لنا تجربة مريرة مع إحدى الصحف التي حولتنا إلى خصم على رغم أننا لسنا خصما للصحافة، وذلك بسبب موقف لا تقييم مهني للجمعية، ففي الوقت الذي ندافع فيه عن الصحافة تحولنا فيه إلى ضحية وهو أمر لا نحب أن يتكرر».
وفيما يتعلق بتطرق التقرير إلى الرقابة الذاتية لرؤساء التحرير، أكد العكري أن غالبية رؤساء التحرير يشكون من توجيهات رسمية في كثير من القضايا، التي تمارس على رغم كونها غير مكتوبة في القانون.
كما أشار العكري إلى ما وصفه بـ «المحرمات في الصحافة»، مشيرا بذلك إلى قضايا فساد تتم الإشارة إليها في الصحافة من دون وجود مفسدين، إلا حين تقرر جهة كبيرة كشف الملف، ناهيك عن عدم الكشف عن المتنفذين الذين استولوا على أراضي الدولة. معلقا: «هناك محرمات لا يمكن الحديث عنها عبر الصحافة».
وأضاف: «هناك تراجع واضح للحريات العامة في البلد ككل، عدا حرية التجارة، كما أن هناك من يحصلون على امتيازات وآخرون يحرمون منها، وهناك من يتحدث بنَفَس طائفي ولا يقال، بينما من يشتكي من التمييز الطائفي تتم محاسبته».
واعتبر العكري أن ميثاق شرف «صحافيون ضد الطائفية» ليس له مفعول، ناهيك عن أن عددا من الصحافيين الذين يتصفون بالطائفية كانوا قد وقعوا عليه.
أما بشأن احتكار الإعلام المرئي والمسموع من قبل الحكومة، بحسب ما جاء في التقرير، فأشار العكري إلى أن المشكلة تكمن في أن إعلام الدولة يفهم على أنه إعلام الحكومة، إضافة إلى حرمان المعارضة وأي رأي انتقادي من هذا الإعلام.
وقال: «حتى الآن شكليا هناك مؤسسات ديمقراطية، ولكن عند الوصول إلى الحديث عن السلطة الرابعة فإن الصحافة البحرينية بعيدة عن هذه السلطة، وتصريحات المسئولين المؤيدة لحرية التعبير لا تكفي وإنما العبرة بالممارسة. كما أن سلطة الصحافة تكرس من خلال ممارستها لدورها».
وتابع: «ندعو جمعية الصحافيين لعقد ورشة تناقش تراجع مؤشر البحرين على صعيد الصحافة والذي تكرر في عدة تقارير دولية. كما نأمل أن تتحقق حرية الحصول على المعلومة وإصدار قانون الذمة المالية، وأن تقوم الدولة بدورها في توفير المعلومات بشأن الفساد لا إخفائه».
ومن جهته أشار نائب الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عيسى الغائب إلى أن التقرير ينتقد قانون الصحافة البحريني في الجانب المتعلق بالترخيص للصحف المحلية برأسمال كبير، وهو ما أكدته الجمعية في مسودتها بشأن تعديل قانون الصحافة، وأنه يجب أن يكون إصدار الصحف المحلية بالإخطار لا الترخيص وأن يكون هناك ضمان تأميني لمدة عام لمرتبات الموظفين في الصحيفة.
كما أيد الغائب ما ذهب إليه التقرير من انتقاد حبس الصحافي وفرض الغرامات المالية المرتفعة في قانون الصحافة، وهو ما اعتبره أمر يخالف جميع المواثيق الدولية، ناهيك عن استمرار احتكار الإعلام المرئي والمسموع من قبل الحكومة، وذلك بخلاف الدول المجاورة التي أتاحت المجال للتنوع.
وقال: «يتحدث تقرير آيركس عن حق الحصول على المعلومات التي أكدها الدستور، ولكن مازالت هناك قيود قانونية في حق الحصول على المعلومة، على رغم أنه من حق أي شخص أن يحصل على المعلومة خلال فترة وجيزة وهو ما أكدناه كجمعية في مسودة تعديل قانون المطبوعات والنشر».
وأشار الغائب إلى أن عدم وجود هيكل تنظيمي واحد للصحافيين هو الذي أدى إلى تراجع البحرين في مؤشر «الدعم المؤسسي»، وأن حظر النشر بشأن «التقرير المثير» أثر على مؤشر البحرين في «تعددية مصادر الأخبار»، باعتبار أن مثل هذا الأمر يجب أن يطلع عليه الرأي العام بجميع تفاصيله، على حد قوله.
العدد 2532 - الثلثاء 11 أغسطس 2009م الموافق 19 شعبان 1430هـ