العدد 2531 - الإثنين 10 أغسطس 2009م الموافق 18 شعبان 1430هـ

بين الدولة المدنية واللوياجيركا

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

«اللوياجيركا» هو مجلس العشائر الأفغانية، وهو الذي ظل لفترات ليست بالقصيرة يُسيّر الأمورَ في بلد مكتظ بالحوادث، أرهقته الحرائق القبلية والطائفية.

ثمة فرق كبير بين منطق الدولة وبين اللوياجيركا، لأن النظام المدني الحديث القائم على الشراكة والمحاسبة والتعددية ليس مقبولا به في مجتمع اللوياجيركا.

اللوياجيركا تعني استنهاض الفروق القبائلية والعرقية والدينية والمذهبية، بحيث تحل هذه المفردات محل المواطنة والمشاركة والحكم الصالح والشفافية والكفاءة.

الانتخابات - التي هي آلية التمثيل - ليست حدا فاصلا بين اللوياجيركا والدولة المدنية، ولكن الفرق الكبير بينهما أن قوام الدولة المدنية ليس المركب الطائفي والمذهبي، بل مراكز قوى مدنية تستند في علاقتها مع الدولة على العقد الاجتماعي.

الدولة المدنية تقوم على حكومة فاعلة وبرلمان حي وقضاء مستقل، وإذا غابت هذه الثلاثية عن أي مجتمع فإنه ينتحل صفات اللوياجيركا حتى وإن تعددت مظاهر التأطير أو تغيرت الألقاب والمسميات.

الديمقراطية هي عماد أي مجتمع يتسم بالشفافية، ولكن الديمقراطية تأخذ منحى خطيرا إذا كانت منطلقة من فكرة اللوياجيركا، فالبرلمان الذي يصوت فيه الناس على أساس الدائرة الطائفية والفكر المطأفن ليس برلمانا حقيقيا.

بصراحة، فإن الديمقراطية التي تؤطر التدافع الاجتماعي السلمي لا تستقيم مع الواقع الطائفي.

إنه من المحزن أن نرى اليافطات الطائفية تحكم بدلا من منطق المواطنة، وهذا السم الزعاف وصل للكثير من مؤسساتنا الرسمية والاجتماعية، وأعراض الانفلونزا الطائفية التي اجتاحت المنطقة وخصوصا في ربيع 2003 بعد غزو العراق قد وجدت ضالتها في بيئتنا الاجتماعية.

الأدهى من ذلك أننا شهدنا زيجة طائفية وسياسية تهيمن على مواقع مؤثرة في القرار الرسمي والاجتماعي على حدٍ سواء.

خطورة غياب الدولة المدنية الجامعة، هو أحد أمرين: أما ولادة مجتمع قبلي وطائفي، أو الجنوح نحو نظام المحاصصة الذي لا يقل خطورة عن النظام الطائفي. وقد شهدنا تجارب عربية حاضرة، وهذا هو العراق وذاك هو لبنان.

حان الوقت لمراجعة حقيقية لسلوكياتنا - دولة ومجتمعا - ودعونا نغلّب الحس الوطني على أنانيتنا السياسية وعلى صوامعنا المذهبية.

نحن نعاني من موجة تطرف غير طبيعية وغير مسبوقة، وقد نقلناها من هواجسنا وأفكارنا إلى سلوكنا اليومي وفي تعاملنا مع الآخر وفي علاقاتنا الاجتماعية.

اليوم بدأنا نشهد خطورة الطابع الطائفي في مشهدنا الديمقراطي المنشود بدأ من طريقة دوائرنا الانتخابية التي تضع خطا وهميا لتقسم مناطقنا الجغرافية الواحدة على كتل انتخابية طائفية لأغراض سياسية وهمية.

مخطئ من يعتقد أن الانقياد الأعمى خلف الإشعاع الطائفي سيولد نصرا يعتد به. وهذا الاحتراب ليس من عادة أهل البحرين، والتوجه نحو الولاءات الفرعية ليس في صالحنا. البحرين لا تتحمل الانشطار!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2531 - الإثنين 10 أغسطس 2009م الموافق 18 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً