قديما قيل... سافر ففي الأسفار سبع فوائد، وحديثا هناك فائدةٌ أخرى إضافية، وهي معرفة قيمة الإنسان العربي في المطارات!
في العراق، وخلال أسبوعٍ قضيتَهُ بين بغداد والنجف وكربلاء، لم تُشاهد أميركيين إلا عند مدخل مطار النجف الأشرف، وتتمنى أن تزوره مرة أخرى دون أن تشاهد جنديا أجنبيا في ذلك القطر الشقيق، أو تخضع حقيبتك للتفتيش على يد شركات أمنية تستخدم حراس أمن أفارقة، مزوّدين بالكلاب البوليسية.
خيارات السفر للعراق ليست بيدك كمسافر، فهناك رحلات معدودة جدا خلال الأسبوع، وعليك أن ترتب سفرك وفق جدول شركة الطيران الروسية، التي تستغل هذا الوضع الذي يغيب فيه المنافس، فترفع سعر التذاكر بصورة مبالغة.
في رحلة العودة، كان موعد الإقلاع السابعة صباحا، إلا أن مكتب الشركة لم يفتح أبوابه لتخليص إجراءات المسافرين إلا بعد عشر ساعات، وعندما تراجعهم يكتفون بالقول إن الطائرة لم تغادر مطار دبي بعد، وعليكم الانتظار. ولم يتم إكمال الإجراءات إلا عند الرابعة عصرا، دون أن تتكفّل الشركة بتوضيح سبب التأخير، فهؤلاء ليسوا من ذوي الدم الأزرق، أو الشعر الأشقر، فكلهم من أبناء الشرق التعيس. نصفهم عراقيون، والنصف الآخر رجال ونساء وأطفال، من جنسياتٍ شتى، أكثرهم من مسلمي الهند، وهم جميعا لا يستحقون حتى الاعتذار بكلمةٍ طيبةٍ عن كل هذا التأخير والمعاناة.
قبل الإقلاع بساعةٍ تقريبا، جاء مدير المطار، رجلٌ مهذّبٌ طويل القامة، وأخذ يتحدّث مع بعض الرفاق محاولا تبرير التأخير، ولمّا كاد ينهي مهمته دخلتُ على الخط معاتبا: «اسمح لي، إلى متى تستمر معاملة الناس في مطاراتنا العربية بهذه الطريقة؟ مئة مسافر يتكوّمون هنا منذ عشر ساعات، دون أن يسأل عنهم أحد؟ هؤلاء حشراتٌ أم قطيعٌ من الحيوانات»؟
الرجل استقبل الضربة غير المتوقعة بوجوم، ثم قال: «بالعكس، نحن نسهّل الحصول على تأشيرة الدخول من المطار على المسافرين على الخطوط العراقية، ونعتبرهم ضيوفا على الإمام علي (ع)»، قاطعته قائلا: «ولماذا نريد من الغرب أن يحترمنا إذا كنا لا نحترم أنفسنا وناسنا؟ لو كان هنا مسافرٌ أميركي أو بريطاني هل سيسكت على هذه المعاملة»؟.
استنجد الرجل بالمهندس المسئول عن إنزال الطائرات، الذي ألقى باللائمة علينا لأننا اخترنا شركة الطيران الروسية البائسة، ولم يدرِ أنه لم يكن لدينا خيارٌ آخر أصلا لحضور مهرجان فني محصور بفترة محدّدة.
لم يقنعني الرجلان بمنطقهما، وطبعا لم استطع إقناعهما بأن للعربي قيمة لا تقل عن قيمة الأميركي والبريطاني كإنسان. وأنا أهمّ بدخول بوابة المغادرة، لمح مدير المطار صورة حسن العلوي على غلاف كتابٍ أحمله، حاول أن يلطّف الجو فقال: «لقد ذكَرَني بالاسم في كتاب آخر»، قلت له: «عساه ذكرك بخير، فهو رفع صدام حسين إلى مصاف الآلهة، ثم أنزله إلى درجة الشياطين»... فقابل كلامي بالابتسام.
عندما ركبنا الطائرة، صعد الرجل الكريم وراءنا واعتذر للرفاق عن التأخير الذي لم يكن لسلطة المطار يدٌ فيه. طلبتُ من المضيفة رسالة شكوى ضد الشركة على التأخير، وكرّرت الطلب من المضيف بعد نصف ساعةٍ، فنصح بمراجعة مكتبها في دبي، وتعذّر ذلك لوصولنا في وقتٍ متأخر، مع اقتراب موعد رحلة العودة للبحرين.
قبل أسبوع، بعثت رسالة إلكترونية للشركة، ولم يصل الرد بعد، فإذا كان المواطن العربي رخيصا في بلاد العرب، فهل ستكون له قيمةٌ عند الروس؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2531 - الإثنين 10 أغسطس 2009م الموافق 18 شعبان 1430هـ
حتى قبل لا تسافر يا أستاذ حسين!!!
طبعا, من تروح علشان تحصل فيزا , تشوف عدم الترحيب و يشكون في كل شي بسب و بدون سبب, و يقولن لك روح و احنا بنتصل فيك و تبقى انت تنتظر الفيزا علشان تروح تكمل دراستك الي ما باقى احد من تسالفنا منة. و طالع المعاملة الي يحصلونها هم في سفارتنا برع و حتى في ديرتنا!!
شي يقهر و يجيب الضغط.
لكن ما اقول الا الله على الظالم.
في الصميم
والله صدقت ياقاسم حسين .. واحيانا نشعر بعدم الاحترام من شقيقتنا السعودية على الجسر مو بعد من الاغراب
سيدى العزيز قاسم حسين المحترم
الحقيقة المؤلمة يا سيدى هى إن حق النزول فى مطار النجف قد تم بيعه بالمزاد السرى بواسطة المحافظ و بعض الحاكمين فى محافظة النجف اليوم. فعليه الشركة التى تستعمل هذا الحق تستغل الوضع لإسترجاع ما دفعته من ملايين الدولارات لؤلآئك المستنفعين. إن لم تصدقنى إتصل بى و سأخبرك المزيد من الفساد الذى حل بالعراق بواسطة هؤلاء المعممين و توابعهم.
شكرا قاسم حسين
قريباً من الموضوع انا افتخر بكوني خليجي او بحريني في الدول الخليجه اكثر من ان اكون بالبحرين لانه وللاسف لا قيمه لوطنيتي في داخل بلدي وبرغم حبي واعتزازي وفخري بموطني الا انني لا اجد فعلاً ما يعكس لي ذلك في بلدي الحبيب
حينما ادهب لاصدقائي في الدول المجاوره اتمنى ان اتكلم مثلهم بانني مواطن كويتي اماراتي قطري مثلاً حينما اتكلم مع اي جهة حكوميه لكنني في البحرين اتمنى لو اخفي ذلك خوف من تعقيد الامور علي وهذا على سبيل المثال
نحتاج ترسيخ مفهوم المواطنه الحقيقه فينا ونطالب باحترامنا حتى نحترم
لا تذهب بعيداً يا قاسم
اذا سافرنا .. في مطار البحرين قد نجد بحرينيا يجر حقائبنا لماكينة الفحص ثم يفتشنا شرطي اسيوي .. وحين نهبط في مطار الكويت نجد العكس .. يحمل حقائبنا اسيوي ويفتشنا شرطي كويتي .. فكيف تحترمنا الدول الخليجية ؟؟؟