البعض يقول: إن هذا الكاتب مجنون فتحملوه... ولنا هنا تعليق: لو كان الرجل مجنونا فكيف يستطيع أن يضبط خطابه التهجمي بهذه الهندسية الواضحة ليكون 97 في المئة من الخطاب موجها دائما إلى هذه الطائفة الكريمة، فالمجنون لا يمكن أن يضبط ذلك؟... ثانيا: بالأمس تهجم أو بالأحرى اقترب من نقد بعض المسئولين فتم إيقافه كما جاء قرار التوقيف لأن الرجل «كاد يهدد الوحدة الوطنية وينزع نزعات طائفية»... عجيب هذا الأمر يوم أريد له التوقيف تم إيقافه وبأية صورة، واليوم يمارس أبشع أنواع التشكيك والسب والشتم والتخوين لمواطنين يمثلون نصف المجتمع ولا نسمع أي توقيف، فماذا في الأمر؟ وعلى رغم طائفية ما يطرح فإننا لا نسمع أنه واقف عن هذا الطرح. وثالثا: لقد قامت بعض الدول الخليجية - دولتان - بتوقيف كتابات هذا الكاتب عن صحفها بسبب استياء السنة والشيعة من كتاباته هذه، وعندما كنت في زيارة لإحدى هذه الدول كان الناس يشتكون من هذه الكتابات الطائفية... وفعلا تم إيقاف الرجل عن إرسال ونشر مقالاته إلا أنه بقي متواصلا على المنوال ذاته هنا في البحرين، وهو في ازدياد واستعار وكأن شيئا لم يكن على رغم تصريحه الدائم بأنه يقصد من كل ما يقول من تخشب القول وغلظته الطائفة الشيعية في البحرين!
كل هذا ولم نرَ ـ على رغم كل ما قيل ـ أي شيء، وبعد ذلك نسمع عن التساوي وعن المواطنة والأسرة الواحدة ومهرجانات التقريب الرسمية، و... و... ونسمع بعض الوزراء يقول: «يجب أن نحافظ على الوحدة الوطنية»، و«أن نرفض النعرات الطائفية»، والكثير من الكلام الجميل حتى شعرنا، في ظل هذا الصمت على ما يكتبه هذا الكاتب، بأننا لسنا داخلين ضمن هؤلاء المواطنين أو من تعنيهم الوحدة الوطنية... لأن ما نسمعه خلاف ما نراه على الأرض.
الوحدة الوطنية لا تكون بمثل هذه الكتابات أو المهرجانات أو المؤتمرات، فقد تفيد إعلاميا ولكنها على الأرض لا تغير شيئا ما لم تأخذ بخاطر الناس وتمسح على جروحهم وتزيل احتقاناتهم لمثل هذه الكتابات التي يكتبها هذا الطائفي.
لذلك، وباعتباري واحدا من ابناء هذا البلد، فلن أسكت عن الأمر، بل إنني جمعت كل هذه المقالات وسأرسلها إلى الجمعيات الحقوقية والمنظمات الدولية التي تدعو إلى احترام الأديان ونبذ النزعات الطائفية وسأريهم ما نعاني من هذا الكاتب، فإذا كان القانون هنا نائما أو قابلا بكل ما يجري فهناك مؤسسات عالمية وخصوصا بعد أن كتبنا مرارا وتكرارا عن خطورة الأمر في هذه المسألة حتى يعلم كل العالم في هذه القرية الكونية كيف تُهان وتُسب وتُلعن وتُخون أعداد من المواطنين تمثل نصف المجتمع، فلا حسيب ولا رقيب. ولا أقول ذلك هياجا أو إنشاء ولكن ذلك هو الواقع، فأي إنسان له ولو قدر يسير من الكرامة لا يقبل بأن يُسب انتماؤه ودينه ووطنيته، ومن له أي عتاب على ما يُطرح فليضع نفسه موضع هذه الطائفة الكريمة وسيعلم حجم الضغط النفسي والضمائري على الروح والدم والنفس الذي يعيشه عندما يشعر بأن كرامته مهانة وبأن دينه يُسب على رؤوس الأشهاد وأمام الملأ من دون أن يحرك ذلك أحدا.
إن الله سبحانه وتعالى جعل الكرامة حتى للإنسان الميت، إذ يأمر بسرعة دفنه حتى لا تخرج رائحة الجسد فتهان كرامته، فكيف به لو كان حيا، مواطنا، كريما، مسلما، مؤمنا؟! وان الله يعاقب العبد لو أنه حبس هرة أو عذبها، فكيف بالإنسان يعرض للاتهام بالتخوين والنفاق بل طائفة بأكملها تسب هكذا؟ وممن؟ من كاتب أخذ على عاتقه شتم وسب وتجريح هذه الفئة ولا متكلم أو مجيب. نحن لا نطالب بشيء مستحيل أو إعجازي، فقط بموقف رسمي يمنع الرجل من كتابة أي مقال يقوم على الغمز أو اللمز أو التصريح والتعرض من قريب أو بعيد لهذه الطائفة المحترمة.
هل هذا يعد شيئا كبيرا ومستعصيا على المسئولين، على رغم أن ذلك سيكون لصالح الوحدة الوطنية، بدلا من أن ينفجر الوضع على مثل هذه الكتابات؟ أقول: إذا كان هذا مستعصيا فلن نقول إلا على المواطنة التي نسمع عنها العفا، إذ ان أقل استحقاقات المواطنة ألا يُجرح المواطنون في وطنيتهم ودينهم في ظل عالم يدعو إلى عدم ازدراء الأديان واحتقار الآخرين. اللهم اني قد بلغت
العدد 252 - الخميس 15 مايو 2003م الموافق 13 ربيع الاول 1424هـ