الهواتف النقالة هل هي نعمة قربت البعيد وحلت أزمات الطوارئ أم نقمة اتصال مباشر بالحرية الضالة الفاسدة هل هي تطور علمي أم فساد اجتماعي مباح تمارس من خلاله الأعمال المدحرة للإنسان والمجتمع من دون رقابة ومحاسبة ممارسات لا أخلاقية تمر عبر ذبذباته من دون أن يشعر الأهل بها مخططات شيطانية هدّامة لكل القيم والأخلاقيات، حقا انه كاتم الأسرار لقد أصبح الحصول عليه من أسهل الأمور حتى لمن لا يجد لقمة تسد رمقه أو ثوبا تستر عورته تزدان يده بالهاتف النقال بدلا من الساعة التي تشعره بالوقت والأيام والسنين. أطفال لا يعرفون من الحياة شيئا يتفاخرون بأحدث أنواع الهواتف النقالة، فتيات صغيرات في المرحلة الإعدادية بل وحتى الابتدائية يتهامسن ويتواعدن سرا على كل ما من شأنه تحطيم كيانهن ووجودهن كنساء فاضلات في المستقبل في مجتمع مسلم فاضل... قد يقول البعض إن له ايجابيات طبعا لا أحد ينكر ذلك ولكننا اليوم نبحث في سلبياته انها عاصفة حضارية، إعصار تكنولوجي يدمر ما تبقى لدينا من سلوكيات تربوية باسم التمدن والتقدم العلمي... بالله عليكم ما ذنب الصغار والصغيرات.
لنقف بصدق وتأمل نتحقق مما يجري حولنا يوميا... وهذا الجهاز أصبح وسيلة تسهيلات لكل ما يرتضيه المتربصون لابنائنا وبناتنا الصغيرات... المتربصون الذين ماتت ضمائرهم او قتلها الجشع والطمع ورخص الحصول على ملذات الدنيا من مال وغيره وأعنّاهم نحن بالسماح لصغارنا باقتناء هذا الجهاز فقربنا البعيد وذللنا الصعاب حتى أغتيلت الفضائل على مقصلة الرذائل... ان جنود ابليس تتجول في كل مكان باغراءاتها بوسائلها الفنية تصطاد فرائسها بطرق متعددة وبألوان مختلفة وتغدق الأموال وتشتري الهواتف وتقدمها هدايا باهضة الثمن ندفع فواتيرها من نزف كرامتنا بعد أن تنحدر عقول أبنائنا وبناتنا وينقادون خلفها دون تفكير ولا رادع أو رقيب ثم علينا أن نصمت ونستجيب ونوافق خوفا من مرارة الدمار والفضيحة.
انني أقدم ندائي المخلص الأمين إلى الآباء والأمهات بسحب الهواتف النقالة ومراقبة فلذات أكبادهم الصغار مراقبة شديدة وخصوصا الفتيات اللواتي من حقهن الاحتفاظ ببعض خصوصياتهن بعيدا عن مراقبة الوالدين وهنا يكمن الخطر الحقيقي فعلى الأم أن تحوم كالنحلة حول ابنتها الصغيرة ترعاها تحاورها بحنان وصداقة تراقبها عن بعد حتى لا تقع فريسة في حبائل الشيطان نعم حيث ما تكون أينما تذهب يتربص بها ينتظر غفلتك أيها الأم حتى تضعف وتستجيب لنداء العواطف المزيفة الرخيصة ثقة عمياء نوليها أبناءنا بدافع من الحب والحنان ومسايرة لركب الحضارة والتمدن نقودهم بها إلى حرية مفتوحة لا حدود لها من خلال هذا الجهاز الفتاك نعلمهم كيف يكذبون علينا يستغلون ثقتنا يراوغوننا وقد نصب لهم الشيطان كمائنه ودفعنا بهم للوقوع في حبائله ثم بعد ذلك نستغيث نستنجد ونندب حظنا العاثر بعد خيبة أملهم وفشلهم الذريع في حياتهم. هل يحق لنا؟ أبدا نحن أعطيناهم الوسيلة ووافقنا على أن تكون لهم أسرارهم وحياتهم الخاصة. انه هذا الجهاز الذي يجب أن تحدد له سن قانونية يدرك مقتنية لماذا اخترع ولأي الأغراض يستعمل... وأخيرا أشد على يد الاباء لثباتهم وعزمهم وقهرهم لعواطفهم برفضهم الاستجابة لأبنائهم باقتناء الهاتف النقال قبل المرحلة الجامعية وأبارك للأمهات الواعيات المتفهمات لخطورة اقتناء بناتهن هذا الجهاز ورفضهن بإصرار لجميع الحيل والمحاولات (بكلمة مازلت صغيرة) وكلمة أخيرة أقولها بصدق رفقا بأبناء هذا الجيل كونوا أصدقاء لهم وتعرفوا على أصدقائهم واحتضنوا بناتكن فلذات أكبادكن قبل أن يتخطفهن الشيطان بعدها لو أغرقنا الدنيا بدموعنا فلن نعيد لهن ما سلب
العدد 252 - الخميس 15 مايو 2003م الموافق 13 ربيع الاول 1424هـ