العدد 251 - الأربعاء 14 مايو 2003م الموافق 12 ربيع الاول 1424هـ

الانحياز للإنسان وأثره في معرض «البقايا»

الجفير - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

افتتح يوم السبت الماضي المعرض الفني المشترك للفنان أنس الشيخ والفنانة هائلة الوعري في صالة جمعية البحرين للفن المعاصر، وقد حمل عنوان: «بقايا ذاكرة - بقايا أثر». ويمثل هذا المعرض الذي سيستمر مفتوحا للزوار حتى نهاية الشهر الجاري امتدادا لأعمال الشيخ التركيبية التي تعمل على سبر تجارب شخصية هي نتيجة أثر حياتي ما، في هيئة تراكيب معينة متنافرة الأبعاد، وذات امتدادات لونية تميز بها الشيخ محليا... أما الوعري فقد انحازت أعمالها للإنسان الذي كان حضوره أحيانا في هيئة شبحية، ملفعة بألوان قاتمة شيئا ما.

وعن إنسان الوعري، وتراكيب وتكوينات الشيخ كانت لنا الوقفات التالية السريعة، على أن نعود لاحقا للموضوع نفسه في معالجة أخرى.

يقول أنس الشيخ إن هذا المعرض المشترك يمثل حالا جدلية بين الذاكرة والأثر... فالأثر هو الذي يحمي الذاكرة ويصونها، والأثر هو الذي يبقى... وقد حاولت في هذا المعرض أن أركز على الأثر المهمل والهامشي، بأن أبرزه أولا وأخرجه من حالته الكامنة، ثم في الخطوة التالية جسدت هذا الأثر ونقلته إلى حيز آخر... حيز لصيق بالخبرة الجمالية، في حدود إعطاء هذا الأثر أبعادا رمزية، ودلالية معينة، لها إيحاءاتها الخاصة، ولكن باستراتيجية تنطلق من التعامل مع هذا الأثر الإنساني بالدرجة الأولى بعفوية وتلقائية. وهذه الذاكرة / الأثر في جدليتهما المشتركة لا تبتعد تجسيدا عما يمكن أن نسميه الواقع المجتمعي، أو الواقع الشخصي.

سألناه ثمة فارق يبدو جليا عن المعرض السابق ذاكرة الذكرى، وإن كان هذا الأخير ينطوي كاسم ومحتوى على صياغات فنية معينة تدور في فلك الذاكرة / الذكرى، أجاب: هذه الأعمال الفنية الخاصة بي والمعروضة هنا تم إنجازها العام 1999 وتأجل عرضها إلى أن جاء هذا المعرض، لكن الفارق بينهما شاسع فالأول أي «ذاكرة الذكرى» تم التعامل فيه مع الموضوع بطريقة مختلفة إذ تم الاعتماد على تقنيات مختلفة، كما تم توظيف الكمبيوتر من خلال الطباعة الرقمية، إضافة إلى بساطة المكان، والخامات المهمشة المستخدمة، أما هذا المعرض فتختلف ظروف إنتاجه عن السابق، بوصفه تجربة قائمة برأسها، وأبرز الفروقات بين الحالتين وإن جمعتهما تسمية قريبة - وليست قريبة في الوقت نفسه، تجسدت في الحال النفسية أثناء الاشتغال على الموضوع، وفي الطرائق التي تم خلالها الإنجاز، فبحث العلاقات الشكلية واللونية والبعدية، واستخدام ألوان معينة، والإفادة من ممكنات الإضاءة، واللعب على الضوء والظل في تركيب هذه الأعمال، هو نتيجة حال مزاجية معينة، هي بالضرورة حصيلة مخزون إنساني معين طفر كحالات معينة، أو كبقايا أثر لذكريات معينة... لكن الذاكرة - أؤكد مرة أخرى - كانت تعمل بشكل تلقائي، قليل هو فعل التقصد، وكثير هو الإحساس الناجم عن تسجيل لحظات مقصودة.

ويختم الشيخ قوله في هذه الوقفة بالقول: إن القيمة العفوية التي ظهرت في هذه المعروضات، فرضت من ثم شكلا معينا لتعطيه قيمته النهائية، من خلال الأحاسيس.

أما هائلة الوعري فتلبست ذاكرتها حالات إنسانية تبدو متشابهة في تكويناتها ومصائرها، وقد يربط الناظر بين ما تحمله سيرة الوعري، وبين لوحاتها التي هي تنويعات على بقايا أجساد، تحتمل تأويلات كثيرة، خاصة لجهة حياتها / موتها. وبدورها استوقفناها هنا، إذ قالت: هذه الشخوص قديمة، قديمة في ذاكرتي ربما كانت شيئا من ذكريات الطفولة الندية، ظلت مستوطنة في ذاكرتي بأبعادها وأطوالها وألوانها، وبالتالي فقد استقروا في روحي وحياتي، لكن دوران الزمن أكل ملامحهم، ومن ثم توارت وجوههم، ولا أعرف إن كانت هذه الشخوص مازالت تتنفس أم أنها ووريت التراب، وجاءت نتيجة اشتعال حلم ما في ذاكرتي... إن ما قمت به هو استحضار هؤلاء من ذلك الطرف القصي من الذاكرة، كما هم





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً