العدد 250 - الثلثاء 13 مايو 2003م الموافق 11 ربيع الاول 1424هـ

من يوقف هذا التجريح؟

نبض المجتمع comments [at] alwasatnews.com

سيد ضياء الموسوي

نعم، كما توقعتها فقد جاءت ردود الفعل غاضبة وساخطة ومتأسفة مما بلغ بها هذا الكاتب من حماقة لا تطاق، ومن جنون متعمد في الدوس على الوحدة الوطنية باتهام الطائفة الشيعية بأنها «خائنة» وبأن «تبرعاتها لفلسطين لأجل النفاق» وبأن «الشيعة الاثنيعشرية تجزيئيون» و«يضمرون الحقد على الوطن». نعم، ردة الفعل كانت قوية فلقد تلقيت خلال اليومين الماضيين ما يثلج الصدر من لقاءات ومكالمات من الطائفتين الكريمتين، أشعرني ـ حقيقة ـ بأن أهل البحرين سنة وشيعة مازالوا بخير ولم تؤثر فيهم هذه «الشنشنات» لهذا الكاتب، فمن دكاترة وأساتذة جامعة ومثقفين بل بعضهم من محرق الخير مدينة التسامح الديني وقلعة النضال التاريخي ضد الإنجليز... لقد أعلنوا وقوفهم مع دعوتي التي رفعتها إلى جلالة الملك (حفظه الله) بتوقيف كتابات هذا الكاتب في التجريح اليومي والدائم، القائم على غرس السكاكين مع الإمعان في الطعن في نزاهة ووطنية الطائفة الشيعية، هذه الكتابات غير البريئة والتي تكتب بإحكام من أجل خلق الفتنة الطائفية والإبقاء على التلوث السياسي الموبوء... نعم أبدوا ارتياحهم من الالتماس المقدم واستعدادهم للخروج في مظاهرات أو كتابة العرائض إن لم يتوقف الرجل عن تجريح الطائفة والمس بكرامتها ورموزها ومعتقداتها، فمن ذا الذي يقبل أن يُسب يوميا على رؤوس الأشهاد وأن تجرح عقائده وأن يشك في وطنيته وأن يوصف بـ «الخيانة للوطن» و«التآمر على الوطن»؟ بل إنه تمادى بطريقة حاقدة ومسعورة بلصق كل ما يجري في العالم بهذه الطائفة الكريمة في هذا الوطن، حتى بلغ به الحقد والكراهية بأن يتهمنا بأخطاء الأمازيغية في الجزائر والمارونية التي تآمر بعضهم مع الصهاينة إذ يرى فينا أننا «المارونيون في البحرين»!... هكذا ينسب الشيعة إلى من خان وطنه وتحالف مع الإسرائيليين، متناسيا أن السيد حسن نصرالله قدم ابنه (هادي) فداء للقدس وراح السيد عباس الموسوي هو وزوجته وطفله في عملية اغتيال فداء لتراب القدس والجنوب والإسلام. فلماذا يشبهنا بالمارونية اللبنانية وهي التي تحالفت مع «إسرائيل» ضد وطنها؟

حتى التبرعات لفلسطين عبّر عنها صراحة عبر عموده اليومي بأنها «للنفاق وللإعلام»، هكذا وبكل وقاحة! فهل خروج محمد جمعة لأجل القدس كان نفاقا؟ وتمادى بسبب سكوت الجميع ونوم القانون وراح يشكك تارة، وأخرى يضع رسائل على أسماء معينة مشفوعة عبر مقالات مختلفة بسب ولعن واتهام كل ما يتصل بالطائفة الشيعية من قريب أو بعيد، تارة باللمز وتارة بالغمز وأحيانا كثيرة بالتصريح وبالاسم، هذا والكل ينظر من دون أن يتكلم القانون... والاحتقانات الشعبية في ازدياد ولا يمر أسبوع إلا وتسب الطائفة الشيعية مع رموزها وعلمائها وكوادرها ومثقفيها وحتى عقيدتها... كل ذلك والجميع ينتظر تدخل أحد سواء من المسئولين أو المجتمع أو الرموز الوطنية لإيقاف هذه المهزلة التي لا يمكن تحملها على رغم أن الدستور والميثاق بموادهما يحرمان الطرح الطائفي، وتأتي التصريحات يوميا بأن «المواطنين سواسية وأن الوحدة الوطنية هدفنا»... أليس ما يطرحه هذا الكاتب هو من النعرات الطائفية التي حذر منها أحد الوزراء في المجلس النيابي هذا الأسبوع؟... إذن، لماذا السكوت عن كل ذلك؟ أين هي حرمة الأديان؟ أين هي حرمة هذه الطائفة؟ من ينصفها من هذا العهر الكتابي وهذا السب اليومي وهذا التجريح العلني من إغراز سكاكين الاتهامات والدوس بالحذاء الثقيل على صدرها وضميرها؟

إن كان هناك ثمة ضميرا وطنيا حيا فيجب عدم السكوت، فهذه الطائفة الكريمة التي صنعت البحرين مع الطائفة الكريمة الأخرى قد تقبل أن تعيش في العراء وأن تموت جائعة، لكنها لا تقبل أبدا أن تهان كرامتها أو أن يُشكك في وطنيتها أو في انتمائها لهذه الأرض أو أن تلقى عليها القاذورات يوميا، فماذا بقي في جعبة هذا الكاتب ولم يلقهِ عليها؟ وهل يوجد أعظم من أن يتهمها بـ «النفاق» و«التجزيء» و«الخيانة» و«التآمر»؟ وهل بقي شيء من كرامة هؤلاء المواطنين بعد اتهامهم هذه الاتهامات؟ أليس ما يطرحه يوميا هو مصداق حقيقي لضرب الوحدة الوطنية؟ هل هذا نوع من التقريب بين المذاهب؟ هل هذه هي المواطنة التي نتكلم عنها في الأعياد الوطنية وفي المناسبات والأناشيد المدرسية؟ أين هذا القانون؟ أين هم المحامون؟ أين هم الوزراء؟ أين هم القضاة؟ أين هم المثقفون؟ أين هم الرموز؟ هل يعقل أن يحدث كل ذلك وكأن الناس على رؤوسهم الطير؟ فالبقرة في الهند مقدسة ومحترمة، ولو أساء أحد إليها بإشارة أوفعل فإن الهندوس يقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ونحن هنا نُسَبُّ ونُشْتَمُ ويُشَكَّكُ في ديننا بأنه غير أصيل وأننا خونة ومنافقون وعلى رغم ذلك كأن شيئا لم يكن!

أين هو المجتمع البحريني؟ أين هم الشيعة؟ وأين إخوانهم السنة من كل ذلك؟ وأين الوطنيون؟ فالقضية تمس الجميع، لأنها تمس الوحدة الوطنية. إن هذه السموم لم يألفها المجتمع البحريني بكلتا طائفتيه، فما المصلحة من ذلك؟ وهنا أرى لزاما تشكيل وفد من الطائفتين الكريمتين لإيصال صوت المجتمع البحريني واستيائه من كل ما يجري، إلى السلطة التنفيذية لمنع هذا الكاتب من تجريح الوحدة الوطنية واستماتته وافتتانه بتجريح الطائفة الشيعية. اللهم إني قد بلغت

العدد 250 - الثلثاء 13 مايو 2003م الموافق 11 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً