العدد 249 - الإثنين 12 مايو 2003م الموافق 10 ربيع الاول 1424هـ

«برنامج المهام» يقع في إشكاليات الحداثة

بني جمرة - عباس الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

يقترح محمود الموسوي في كتابه (العولمة والمجتمع... التحديات الجديدة وبرنامج المهام) عدة وسائل لمواجهة الحالة العولمية المتأمركة، منها: التحول من العمل الفردي إلى العمل المؤسساتي، استغلال الوسائل الحديثة التي اعتمدتها العولمة كوسائل لتنفيذ مآربها، دراسة الخطاب الإسلامي وبلورة خطاب إضافي «جديد» يفي بمتطلبات التغيرات الجديدة، عن طريق ملاحظة نوعية الطرف المتلقي. ويستعرض الموسوي هنا تلك النقاط كبرنامج مهام يفترض حضوره في الوعي الفاعل المتعاطي مع الآخر، بيد أن ذلك «البرنامج» لم يستحضر في رؤيته مشاكسات الجدليات الحديثة التي قد تقف حائلا عند كل نقطة لتساؤلها عن الكثير من التفصيلات، والحديث بهذا الشكل المجمل والمختصر جدا عن برنامج «المهام» قد يؤدي بالرؤية إلى تعسير وضوحها وإدراك تفاصيلها، فكيف مثلا نبلور خطابا إسلاميا جديدا وإضافيا كما يورد الكاتب في ظل وجود جدليات من فهم الخطاب والواقع إلى فهم النص وأدوات تفعيله وما إلى ذلك؟

ويشير الكاتب إلى ضرورة التفكير الجمعي والمشاورة وتغليبه على نزعة «الأنا» المهلكة، يقول: «الإنسان ضمن دائرة التفكير والعمل يتجاذب بين رأيه الشخصي النابع من ثقافته الفردية، وبين رأي المجموع والجماعة المستخلص من المشاورة والتفكير الجمعي، وكثير من الإشكاليات المجتمعية الحاصلة بين الجماعات والتيارات الفكرية أو السياسية التي تسبب الانفصال عن المجموع والجماعة المستخلص من المشاورة والتفكير الجمعي، وكثير من الإشكاليات المجتمعية الحاصلة بين الجماعات أو التلبس بالاستبداد ومصادرة آراء الآخرين إنما تنشأ من نزعة الأنا، تلك القوة النفسية لدى الإنسان والتي تصل به إلى الكثير من المهالك والويلات».

هنا أيضا يقع الكاتب في إشكالية أخرى، فما فحوى تلك المفارقة التي تتحدث عن (ثقافة فردية) و(ثقافة جماعية)؟ فنحن بلا شك لا نتحدث عن فرد ينتج الثقافة بوصفه مثقفا عاديا، أو مثقفا بسيطا، بمعنى آخر، فلو تأملنا: هل الثقافة الجماعية هي نتاج الجماعة أم هي أصلا نتاج ثقافة فرد؟ إذن نحن في صدد الحديث عن كيفية إنتاج الثقافة الجمعية والتي هي عادة ما تكون ناتجة عن «ثقافة فرد» والتي تتحول بعد التنضيج والتكامل إلى بلورة المؤسسة التي تمشي على منهجه الفكري (أي ذاك الفرد المنتج لتلك الثقافة)، والحديث عن هذا التحول يعطي لتلك الثقافة لونها المميز والمتمايز في ماهيتها عن الثقافات الأخرى، وبطبيعة الحال لا يمكن القول ان كل ثقافة فردية تتحول إلى مؤسسة، لكن بالضرورة يمكن الجهر بوثوق أن كل ثقافة جمعية ناتجة عن ثقافة فرد (مفكر، فيلسوف، زعيم ديني،... الخ).

في الفصل الأخير يشير المؤلف إلى الخصوصية التي لا ترادف الانغلاق، وهذه الخصوصية تعنى بحفظ الهوية من الفضاءات المفتوحة على المنظومة المعلومية العالمية الواسعة والتي تشكل بلا شك خطرا على المتلقي في ثقافته.

محمود الموسوي. العولمة والمجتمع، (التحديات الجديدة وبرنامج المهام). البحرين: دار الثقافة - الطبعة الأولى: 200





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً