العدد 248 - الأحد 11 مايو 2003م الموافق 09 ربيع الاول 1424هـ

ردَّ النائب... وبقي ردُّ الوزير

نبض المجتمع comments [at] alwasatnews.com

سيد ضياء الموسوي

وردنا رد من النائب المحترم عبدالنبي سلمان على السؤال الذي طرحته قبل يومين عن مساجلته مع الوزير عن المحسوبية والتمييز في الوزارات، غير أننا مازلنا في انتظار رد الوزير لإزالة الجدل واللغط عن هذا الموضوع الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط الشعبية وفي كل المجتمع البحريني بشأن هذه المسألة الخطيرة.

وفيما يأتي رد النائب:

حضرة السيد الفاضل ضياء الموسوي المحترم

بعد عاطر التحية والسلام ،،،

بالإشارة إلى مقالكم بصحيفة «الوسط» العدد 246 بتاريخ 10 مايو/ أيار 2003 والذي كان تحت عنوان «أين تكمن الحقيقة مع الوزير أم النائب؟!» والذي أشرتم فيه إلى المساجلة التي تمت بمجلس النواب عن سؤال تقدمت به إلى وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء والذي تفضل بالإجابة عنه مشكورا كتابيا ثم شفاهة داخل قاعة المجلس وفي جلسة عامة وذلك بتاريخ 6 مايو الجاري.

بداية اسمحوا لي أن أشكر لكم اهتمامكم المخلص بقضايا الشأن العام والتي تحتل قضايا التمييز والمحسوبية أولوية بالنسبة إليّ شخصيا على الأقل، إذ انني أعتبر هذه القضية لب المشكلة والتي لن يستقيم معها أي حل بالنسبة إلى بقية معضلاتها التنموية والاجتماعية من بطالة وتجنيس وفساد وما شابه، من دون العمل أولا وقبل كل شيء على حل معضلة البحرين الأولى ألا وهي التمييز، وما أدراك ما التمييز، هذا الغول الذي أتمنى مخلصا ألا يبتلع هذا الشعب الصابر المؤمن بأرضه ووحدته وقيمه الإنسانية وتاريخه الحافل بالتراحم والتلاحم الوطني الذي يفتخر به كل مواطن يعيش فوق تراب هذا الوطن الغالي.

لقد كان هاجسي الأوحد إثارة سؤالي الذي أراه مهما وضروريا للوزير بصفته مسئولا عن شئون ديوان الخدمة المدنية الذي ترتبط به جميع التعيينات الإدارية والوظيفية في أجهزة الدولة المدنية كافة، وأنا أعرف جيدا أن سعادة الوزير هو إنسان مسئول وتهمه المصلحة الوطنية، وبالتالي فسؤالي كان موجها للسياسات والنهج الخاطئ في عملية التوظيف والتعيينات والتي ربما لا يتحملها وزير بعينه كما أعتقد ولكن عملية تصحيحها والاعتراف بوجودها هي في صلب عمل الوزير المسئول والسلطة التنفيذية. وبصفتي ممثلا للشعب أجدها أولا وقبل كل شيء مسألة ضمير وأمانة أثق بقدرة المسئولين على تحملها، ولو أن الأمانة تقتضي لفت نظرهم إلى ما يعتريها من إعوجاج في التطبيق، وهذا هو جوهر عملنا باعتبارنا نوابا وممثلين لضمير الأمة نتحمل من جهتنا مسئولية الرقابة والتشريع ونتحمل من جهتنا وزر المساءلة عن أي تقصير. إن مسألة التمييز هذه هي مسألة في غاية الخطورة على مستقبل الوطن إذا لم يصر إلى البدء في حلها ولو تدريجيا واتخاذ خطوات عملية تجاهها، وأنا على علم بأن هذه المسألة ليست وليدة يومها وإنما هي نتاج تراكمات وسنوات مضنية أجد أن الوقت حان لكي نكشف عنها الغطاء للشروع في تفكيك رموزها وطلاسمها وصولا إلى إيجاد حلول واقعية لها، وعليه لابد لنا جميعا من الصبر وتحمل ألم السؤال ومتاعبه بدلا من العواقب الوخيمة المنتظرة فيما لو أشحنا بوجوهنا خجلا عن محاولة البحث عن حلول ناجحة لهذه المعضلة، وعلينا ألا نرتضي إخفاء رؤوسنا في الرمال بل أنْ نعترف بالمشكلة باعتبار ذلك خطوة أولى للبدء في حلها وذلك ما أوضحته للوزير.

وتسألني عن الأرقام والأدلة، وكنت قبلك قد سألت الوزير خلال الجلسة العامة لمجلس النواب الموقر أن يقوم المسئولون في ديوان الخدمة المدنية بتقديم كشف تفصيلي عن التعيينات والوظائف العامة في المملكة على الأقل على مدى خمس السنوات الماضية من عمر الزمن. وأنا لا أدعي أنني أملك كل الحقيقة ولكنني حتما أتحدث بضمير الإنسان البحريني البسيط الذي باستطاعته أن يراقب كل شاردة وواردة تتعلق بهذه المسألة نظرا إلى حساسية القضية التي لم تُعطَ حقها مع الأسف من الاهتمام الرسمي كما أرى، فالوظائف العامة والمناصب الإدارية في مجملها هي في وزارات وهيئات حكومية للناس العاديين فيها مصالح يومية ودائمة وتلك الوزارات كما تعلم ليست معزولة عن الناس ومراقبتهم علاوة على أن حجم البحرين الصغير بمقياس المساحة الجغرافية والسكان لن يستطيع أن يحجب نور الشمس كما يقال، وبالتالي فالأرقام واضحة وجلية ولا سبيل لأحد بالمزايدة أو المراوغة حولها، وانني إذ أؤكد مجددا أننا لا تنقصنا القوانين ولا التشريعات، إنما الذي ينقصنا هو التطبيق الأمين والمسئول لتلك القوانين والذي يجب أن يستند إلى مبدأ دستوري صريح وواضح هو مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، والذي نتفق جميعا على صدقيته فيما لو طبق بعدالة ونزاهة.

وأراك تلح في السؤال عن الأرقام يا سيدي الفاضل وسأنتظر معك ومع الجميع إلى حين أن يقدم إلينا ديوان الخدمة المدنية ما سبق أن طالبته به ومازلت أصر عليه، وطالما نحن في موقع الانتظار فسأكتفي بتذكيرك وتذكير نفسي ببعض ما ورد في مساجلتي... انظر مثلا إلى التعيينات في مؤسسة نقد البحرين ووزارة الخارجية (37 سفيرا وقنصلا، تأمل النسبة والتناسب وقارنها بالكفاءات والمؤهلات)، انظر إلى وزارة المالية، ووزارة الصحة، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة التجارة، ووزارة الكهرباء والماء، ووزارة الإعلام وما أدراك ما وزارة الإعلام... انظر معي إلى عدد الوكلاء والوكلاء المساعدين والمديرين ورؤساء الأقسام (أكثر من 34 وكيلا ووكيل مساعد وفئات المديرين وقارن النسب ومعايير الكفاءة والمؤهلات).

انظر إلى إدارة الجمارك والموانئ وجميع منافذ البحرين البرية والبحرية والجوية هناك إذ غُيِّبت فئات واسعة من أبناء البحرين، إذ حلت المحسوبية أحيانا والفئوية والتجنيس الجائر والعائلية أحيانا أخرى!!

هناك صروح علمية وبحثية مهمة مثل جامعة البحرين ومركز البحرين للدراسات والبحوث وكيف هُمشت فيها طاقات علمية وبحثية مهمة ومن مختلف الفئات لأسباب فئوية ومحسوبية طائشة لا تنتمي إلى الوطن، وأخيرا وليس آخرا، تأمل التعيينات الإدارية والوظيفية في ديوان الخدمة المدنية نفسه، وهو الجهة التي نعول عليها طرح الوظائف العامة والإدارية وإعلانها والتقدم إليها بالصورة التي شرع لها القانون واللوائح!!

إنني أسوق كل تلك الأمثلة لكي تطمئن أنت ويطمئن الآخرون معك إلى أننا أمام هدر حقيقي لقدرات وكفاءات وطنية كم يحتاج إليها الوطن ويعول عليها في سبيل نهضته وهي من مختلف الفئات والشرائح التي ظلمها قانون غير مكتوب يسمى التمييز والمحسوبية، وأعتقد جازما أنك تتفق معي على أن أي هدر للموارد البشرية هو في المحصلة النهائية هدر للمال العام، وتلك قمة الفساد والإفساد كما تعلم!!

لقد أردت مما تقدم أن أوضح الحقيقة لجميع الناس على الأقل من الزاوية التي أرى أنه من الأجدى أن ننظر منها إلى واقعنا الذي نشارك في تحمُّل مسئوليته مع حكومتنا الموقرة، ونحن نلج عهد الإصلاح ونسعى إلى مزيد من الشفافية والإفصاح عن مكامن الضعف والوهن والتي لا يوجد مجتمع في منأى عنها أبدا، ولكن الفرق بين مجتمع وآخر هو في الاعتراف وعدم الاعتراف وتلك قمة التحضر والمسئولية، وانني أعتقد أن مجتمعنا البحريني مجتمع مسئول ومتحضر لا تنقصه الحكمة ولا المعرفة في حل مشكلاته بوعي ومسئولية ووطنية.

بهذا، فإنني أجدد التزامي وتعهدي باعتباري مؤتمنا على مصالح الشعب والوطن بأن أتحمل المسئولية كاملة مهما كانت عواقبها في حال ثبت عكس ما أقول... والله على ما أقول شهيد.

النائب البرلماني

عبدالنبي سلمان

العدد 248 - الأحد 11 مايو 2003م الموافق 09 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً