شككت الصحف العبرية في إمكان معاودة المفاوضات مع سورية نتيجة جولة وزير الخارجية الأميركي كولن باول في المنطقة. لكن لغة التحريض الإسرائيلية على كل من سورية ولبنان ارتفعت حدتها مستخدمة هذه المرة الأراضي اللبنانية مخبأ مزعوما لأسلحة الدمار الشامل التي شنت الولايات المتحدة حربها على العراق من أجل إزالتها (ولم تجدها حتى الآن)، فنقلتها الصحف العبرية بقدرة الإيحاء الإسرائيلي إلى البقاع اللبناني!! ونقلت «يديعوت أحرونوت»، عن مسئول إسرائيلي رفيع المستوى، تقديره أن احتمال تجدد المفاوضات بين إسرائيل وسورية ضئيل جدا، وان المسألة ليست مطروحة الآن على جدول الأعمال. وتابعت نقلا عن مصادر سياسية انه لم تظهر مؤشرات إلى حصول تغيير في المواقف الرئيسية للرئيس بشار الأسد، لكن ثمة إشارات إلى انه أدرك أن المطالب الأميركية جدية. وعن مصدر آخر، نقلت الصحيفة العبرية، ان هناك شكا كبيرا في أن يوقف الأسد دعمه للإرهاب، وانه سيكتفي فقط بخطوات تكتيكية على شاكلة سحب القوات السورية من لبنان ومطالبة المنظمات «الإرهابية» بالتواري في الفترة القريبة. وقال وزير الدفاع شاؤول موفاز انه غير متفائل حيال نتائج زيارة كولن باول، وانه لا يرى تطورات في ما يتعلق بـ «حزب الله»، لافتا إلى ان «الضغوط الأميركية الأساسية على دمشق جاءت في مسألة موقفها من الحرب على العراق وما بعدها».
وقال نائب رئيس الحكومة يوسف لبيد ان سورية باتت تدرك أنها خسرت اللعبة الدبلوماسية، مضيفا انه إذا حصل فعلا أن انتشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل واستبدل «حزب الله»، فهذا «تطور مرغوب به جدا». وتساءلت الصحف الإسرائيلية عما إذا كان إعلان سورية إغلاق مكاتب بعض التنظيمات الفلسطينية في أراضيها مجرد خطوة تكتيكية أم بداية تغيير استراتيجي حقيقي. لكنها استبعدت تجدد المفاوضات مع سورية، واعتبرت النغمة الجديدة في تصريحات مسئولين سوريين مجرد لعبة يراد منها تخفيف الضغط الأميركي عنها. وشكك زئيف شيف في «هآرتس»، في أن تتجاوب سورية مع طلب الولايات المتحدة نزع سلاح حزب الله في الجنوب، وإذ اعتبر شيف ان إدخال قوات الجيش اللبناني الجنوب خطوة مهمة سبق أن رفضها لبنان وسورية مرارا، لفت إلى ان السؤال الأساسي هو: هل معنى ذلك إخلاء مواقع الحزب المنتشرة على طول الحدود مع إسرائيل؟ كل ما نعرفه حتى اليوم ان الحزب لا يرغب في ذلك، ولا يبدو ان سورية تنوي الطلب منه إخلاء هذه المواقع. ولاحظ شيف، ان كل الدلائل تشير إلى ان الحكومة اللبنانية تنوي نشر قوات الجيش في بعض المحاور الأساسية في الجنوب، وإدخاله عددا من البلدات الكبيرة التي لا يتمركز مقاتلون من الحزب فيها، ولا ينوي الجيش التمركز في المواقع التي يحتفظ بها الحزب على الحدود». وأضاف ان الاستعداد السوري واللبناني لاستجابة المطالب الأميركية يشير إلى الضغط الذي تتعرض له القيادة في دمشق، وقيادة «حزب الله».
ومع ذلك تحاول سورية القيام بصفقة مع واشنطن بأقل ثمن ممكن.
متابعا ان الخطر الكبير في جنوب لبنان يأتي من الانتشار الواسع للمدافع والكاتيوشا والصواريخ القصيرة المدى. وهذا الانتشار توافر بمساعدة فعالة من إيران، وللسوريين أيضا دور مباشر وفعال فيه، إذ زود الرئيس بشار الأسد، «حزب الله» بمدافع من عيار 220 ملم. وتعتبر إسرائيل شبكة الصواريخ تهديدا جديا بسبب مداها، يزيد هذا الخطر تورط إيران، في بناء هذه القوة.
وأضاف شيف، ان هناك مسألة أخرى تتعلق بالناحية التكتيكية هي انتشار مجموعات منها «حزب الله» على طول الحدود مع إسرائيل. فقد استولى الحزب على مواقع ومراكز كانت سابقا في يد الجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود، وثمة خطر أن ينصب الحزب مكامن لخطف جنود أو مدنيين إسرائيليين، أو ان يساعد الفلسطينيين ومنظمات الرفض في اجتياز الحدود كما حدث في الماضي.
ورأى تسفي برئيل في «هآرتس»، ان سورية ليست المرشحة المقبلة لهجوم عسكري أميركي. لكن أميركا تتعامل معها كونها مصابة بفيروس الالتهاب الرئوي القاتل، او كدولة غير ذات أهمية. واعتبر ان سبب عدم الاهتمام السياسي بالعملية السلمية مع سورية هو انها لا تشكل تهديدا حقيقيا. فالحدود معها هي الأكثر هدوء منذ عشرات السنوات، والضرر الذي تسبب به حزب الله لإسرائيل منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني أقل بكثير من ضرر «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، واحتلال الجولان لا يدفع الدول العربية إلى عمل مشترك. وتساءل برئيل، هل لا تزال سورية غير ناضجة لتسوية سياسية كما كانت في الماضي؟ معتبرا ان الجواب عن هذا السؤال ينبغي أن يجيب عليه ربما بوش الذي يسعى إلى تغيير وجه الشرق الأوسط. وخلص إلى ان النجاح على المسار الفلسطيني شرط مسبق لأي تقدم في عملية سياسية إقليمية.
لكن دبكا فايل، حرّضت من على موقعها على الإنترنت، على لبنان وسورية، نقلا عن مصادر استخباراتية خاصة بها، إذ زعمت ان سورية، قد حصلت على أسلحة الدمار الشامل، الخاصة بالرئيس العراقي صدام حسين، ونقلتها إلى شرقي لبنان، لتدفنها في سهل البقاع اللبناني. وأضافت المصادر انه من المتوقع أن تكون الأسلحة البيولوجية العراقية الأخرى، موجودة في هذا المكان أيضا. وأوضحت المصادر، انه يقال ان الأسلحة العراقية، وضعت في حقول مزروعة بالقطن في منطقتين خصبتين في لبنان، هما واد ممتد من جبل أكرم والقبيات، والحدود السورية، وأرض تقع بين الهرمل واللبوة.
وأشارت دبكا فايل، إلى انه بالاستناد إلى المصادر عينها، فقد تم نقل الأسلحة العراقية، إلى هذه الأماكن في الفترة الممتدة من 10 يناير/كانون الثاني الماضي، و10 مارس/آذار الماضي وقد انتهت عملية النقل قبل 10 أيام من بدء الحملة الأميركية على العراق.
وختمت دبكا فايل، بالقول ان الولايات المتحدة، تعرف تماما مصير أسلحة صدام غير التقليدية وقد ألقت القبض على العلماء الذين قاموا بتطوير هذه الأسلحة.
أما في ما يتعلق بزيارة وزير الخارجية الأميركي لسورية، فقد نقلت الصحيفة العبرية، عن مصادر خاصة بالموقع، ان لقاء باول - الأسد، كان حاميا. فقد طالب باول بالآتي:
- تقديم خريطة بالحفر التي تحوي أسلحة الدمار الشامل العراقية.
- تسليم القادة العراقيين الذين فروا إلى حلب واللاذقية.
- تسليم عضوين رفيعي المستوى من تنظيم «القاعدة» موجودين في دمشق من دون كشف اسميهما.
- تفسير دوافع سورية، عند سماحها «لإرهابيين» بريطانيين هما (أنيس حنيف) الذي فجر نفسه في تل أبيب، و(عمر خان شريف)، الذي فرّ بالدخول عبر دمشق إلى «إسرائيل».
- وقف فوري لنشاطات حزب الله، والجهاد الإسلامي وحماس في سورية ولبنان.
ولفتت المصادر إلى ان باول اقترح أن يدعو الأسد، رئيس الحكومة الفلسطينية أبومازن، إلى دمشق. كما ان باول خيّر الأسد بين المواجهة أو المفاوضات
العدد 248 - الأحد 11 مايو 2003م الموافق 09 ربيع الاول 1424هـ