تدرس وزارة العدل بالتعاون مع وزارة الداخلية إمكانية توفير وحدة شرطة يكون مقرها وزارة العدل، تكون مختصة بتنفيذ قرارات محاكم التنفيذ على وجه الخصوص. وأمل وزير العدل جواد العريض أن تفضي الدراسة إلى توفير هذه الوحدة، لتحل جانبا من إشكالية إطالة مدد التقاضي.
وجاء حديث العريض في رده على سؤال عضو مجلس الشورى خالد المسقطي بشأن توجهات وأولويات وزارة العدل بصدد اختصار أمد التقاضي.
ولم يذكر العريض في رده أية إشارة إلى احتمال إنشاء محاكم متخصصة، رافضا الكلام «تصريحا أو تلميحا» عن إطالة أمد التقاضي العائدة إلى التأجيلات التي يحددها القضاة، مبررا رفضه بالالتزام بأحكام الدستور التي تنص المادة 104 منه على أن «لا سلطان لأية جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال من الأحوال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء».
وأرجع الوزير إطالة التقاضي في المحاكم المدنية إلى عدة أسباب، تتعلق بإجراءات الإعلان في الدعوى، وبالأجهزة المعاونة للقضاء وعلى رأسها الخبراء، وبإجراءات التنفيذ التالية لصدور الحكم، وإلى التأجيلات «الواسعة التي يحددها القضاة لنظر بعض القضايا لدى بعض الدوائر في المحاكم المختلفة».
وقال العريض إن هذه الأسباب هي التي تعكف الوزارة حاليا على دراستها لوضع القواعد والأسس الكفيلة بالتغلب عليها وتلافيها على النحو الآتي:
فأما بالنسبة إلى إجراءات الإعلان، فإن هذه الإجراءات ورد بيانها في قانون المرافعات، وهي لا تمثل مشكلة ما بالنسبة إلى الخصوم المقيمين داخل المملكة في محل إقامة واضح لم يتغير، لكن الصعوبة في الأمر تكمن وتبرز جلية بالنسبة إلى من لا يستدل لهم على محل إقامة داخل المملكة أو يكونون خارج البلاد عند توجيه الإعلان إليهم أو يتعذر التعرف على محل إقامتهم الجديد عند تغيير محل الإقامة الثابت في الأوراق. وتقوم الوزارة حاليا بمراجعة النصوص الخاصة بالإعلان في قانون المرافعات للنظر في وضع الاقتراحات اللازمة نحو تعديلها لمواجهة مثل هذه الحالات بالحلول القانونية الكفيلة بإتمام الإعلان بالسرعة الواجبة دونما تأخير من ناحية، وللحيلولة دون العبث أو التلاعب في شأنها من ناحية أخرى.
وبشأن الأجهزة المعاونة للقضاء وأهمها الخبراء بمختلف تخصصاتهم من مهندسين ومحاسبين وغيرهم، فأوضح العريض ان الوزارة بصدد إصدار قرار ينظم كيفية قيامهم بالأعمال التي ينتدبون لها من قبل المحاكم، وأيضا بصدد إعداد جداول خاصة بهم تبعا لتخصصاتهم كي يتم الانتداب منها على نحو منتظم ووفقا للدور المحدد لكل منهم. كما أن الوزارة بصدد دراسة إمكان تنظيم كيفية تقدير وتسديد المبالغ التي تحدد كأمانة على ذمة أتعاب الخبير، وعلى وجه الخصوص بالنسبة إلى القضايا العمالية التي نص قانون العمل على إعفائها أصلا من الرسوم القضائية. ولا شك أن تنظيم هذه الأمور مع مراعاة حقوق أطراف النزاع وحقوق الخبراء علي نحو متوازن دونما شطط أو تفريط، سيسهم كثيرا في معالجة ظاهرة إطالة أمد التقاضي في الكثير من القضايا التي تتم إحالتها إلى الخبرة.
وعن إجراءات تنفيذ الأحكام قال العريض: إن ظاهرة إطالة أمد التقاضي بشأنها ترجع إلى عدة أمور يتعلق بعضها بالنظام المركزي الذي يتم في إطاره نظر قضايا التنفيذ سواء بالنسبة إلى الحاسب الآلي أو بالنسبة إلى طباعة الأحكام والإحضاريات أو بالنسبة إلى تنفيذ قرارات قضاة التنفيذ، ويتعلق بعضها الآخر بمسألة إعلان الخصم المحكوم ضده (المدين) في بعض الحالات، وتعذر إتمام هذا الإعلان أحيانا بسبب تحايل المدينين المنفذ ضدهم.
وأوضح العريض ان الوزارة تعمل حاليا على دراسة إمكان تعديل النظام المركزي المذكور في مباشرة قضايا التنفيذ وجعل كل محكمة مختصة بقضاياها وتنفيذ القرارات الخاصة بأجهزتها هي دون ارتباط بقضايا محاكم التنفيذ الأخرى مع ما يتطلبه ذلك من زيادة أجهزة الحاسب الحالي وعدد الموظفين المنوط بهم إتمام الإجراءات وتنفيذ قرارات المحكمة. كما تدرس الوزارة أيضا وبالتعاون مع وزارة الداخلية إمكان توفير وحدة شرطة متخصصة يكون مقرها وزارة العدل وتكون مختصة بتنفيذ قرارات محاكم التنفيذ على وجه الخصوص. ونأمل أن تفضي الدراسة إلى توفير هذه الوحدة في القريب العاجل. وأضاف: أما عن إطالة أمد التقاضي في بعض القضايا والذي قد يرجع في شق منه إلى التأجيلات الواسعة التي يحددها القضاة لنظر القضايا، فإننا لا نود الخوض في هذا الموضوع ونمسك عن الكلام فيه تصريحا أو تلميحا التزاما منا بأحكام الدستور فيما ينص عليه في المادة 104 فقرة (ب) من أنه «لا سلطان لأية جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء... الخ».
ونوه الوزير إلى أن الوزارة ملتزمة كل الالتزام بما ورد في بيان الحكومة أمام المجلس الوطني، في حدود ما تقضي به المادة 48 من الدستور التي تنص في الفقرة (أ) على أن يتولى كل وزير الإشراف على شئون وزارته، ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، كما يرسم اتجاهات الوزارة، ويشرف على تنفيذها «وأيضا في إطار ما تسمح به نصوص قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (42) لسنة 2002.
وفي جانب من الرد، أشار العريض إلى ان هذا السؤال وإن بدا بسيطا في ظاهره فهو عميق في مضمونه وجوهره لتعلقه بسير العدالة التي هي عنوان السلطة القضائية والتي تمس مظالم المواطنين وأنزعتهم ضد بعضهم بعضا، ولتعلقه أيضا بجهاز النيابة العامة الوليدة التي هي الأمينة على مباشرة الدعوى العمومية نيابة عن المجتمع ضد الخارجين على القانون من ناحية أخرى.
وبين انه تسلم مسئولية ومهمات وزارة العدل من الناحية العملية مطلع هذا العام 2003، لظروف خارجة عن إرادته وترجع بالدرجة الأولى إلى ما استغرقه فصل وزارتي العدل والشئون الإسلامية عن بعضهما بعضا ليستقل كل منهما عن الآخر عملا بالتشكيل الوزاري الأخير الصادر بالمرسوم الملكي رقم (48) لسنة 2002 بتاريخ 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002. وهو الأمر الذي استلزم الكثير من الإجراءات والترتيبات الإدارية والمالية والوظيفية بالنسبة إلى جميع أجهزة الوزارة السابقة، والذي ترتب عليه نقل عدد كبير من موظفي تلك الوزارة من ذوي الخبرة والكفاءة إلى وزارة الشئون الإسلامية، ومن ثم أحدث ذلك نقصا كبيرا في جميع أجهزة وزارة العدل وإدارتها، مازالت الوزارة تعاني منه ولم يتم تداركه بعد بسبب عدم إصدار الهيكل التنظيمي للوزارة، الذي مازال تحت الدراسة مع الجهات المختصة
العدد 247 - السبت 10 مايو 2003م الموافق 08 ربيع الاول 1424هـ