العدد 246 - الجمعة 09 مايو 2003م الموافق 07 ربيع الاول 1424هـ

ثم تشكو الملل

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

قد تعارضني الكثيرات ويحتججن، ولكنها الحقيقية التي تعاني مرارتها النساء اللواتي يتركن خلفهن كل يوم الكثير من أعمالهن المنزلية ويهملن مسئولياتهن تجاه البيت والأسرة ويشغلن أنفسهن منذ الصباح الباكر بطرق باب فلانة أو علانة طلبا للتسلي وقتل ما يعانينه من الفراغ والملل، وانني لأعجب من شكواهن هذه غير المبررة، وكيف يشكين الملل وقد تركن خلفهن أعمالا أبسطها لم ينجز بعد. فهنا ألعاب مبعثرة وهناك غبار يقطن سطح المقاعد وغيرها، أضف إلى ذلك أكداس من الثياب المتسخة تتحاور مع صحون تركت في المطبخ بالطعام تسألها متى ستنجلي الأوساخ عنها، ثم تشكو الفراغ وتبحث عن تسلية تنقدها من الملل... هذا النوع من النساء وللأسف الشديد عددهن كبير جدا في مجتمعنا فالوقت برأيهن يمر بطيئا ثقيلا، مادمن في بيوتهن يقتلهن الملل ويشعرن بالكآبة والضجر والاختناق أما إذا انطلقت بسيارتها تشق الطرقات متنصلة من مسئولياتها فالوقت يمر سريعا ممتعا وجميلا.

سيدتي... أعمال كثيرة جدا، ما ينقصك هو الرغبة في انجازها والعزم على قضائها هذا إذا كنت تشعرين ببعض المسئولية تجاه أسرتك وبيتك وبالتالي مجتمعك فكل امرأة تعمل عقلها وتشغل تفكيرها في أي عمل مثمر خلاق وعلى جميع الأصعدة لن تشعر بالفراغ يوما وبالتالي الملل الذي يدمر حياتها وحياة أسرتها ويدفعها الى ارتكاب حماقات تندم عليها فيما بعد. ان مجرد تراكم الأعمال مع بعثرة الأفكار يجعل حياتك قاتمة كئيبة ويجعلك ضحية هذا الشعور المقيت. ومهما تعانين من الظروف انفضى عنك هذا الشعور الخامل السلبي وبادري الى البحث عن أعمال مفيدة تضفي على أوقاتك المتعة والأهمية كأن تشغلي نفسك بأسرتك أولا ثم بعمل تفرغين فيه ابداعك أو مهمة يدوية أو حتى الانضمام إلى الأنشطة الاجتماعية التطوعية بمساعدة وتخفيف آلام وهموم الآخرين في حدود طاقاتك المختلفة وستشعرين ببهجة الحياة وجمالها. إن الحياة المستقرة المنظمة هي حلم تسعى إليه كل امرأة لينتقل بها من حياة الفوضى والاعتمادية في بيت والدها إلى حياة الاستقرار العاطفي والنفسي والأسري، ولكنها سرعان ما تثور في وجه الروتين وتتذمر من كثرة الأعباء والمسئوليات وتراكمها وتتمرد على الرتابة اليومية فلا تغيير في حياتها اليوم يشبه الأمس ويوم غد لن يختلف عن اليوم، وهكذا تنجز الأعمال ذاتها يوميا وتلتقي الوجوه نفسها والأشخاص نفسهم لا تغيير ولا تجديد في تصرفاتنا فتتكرر تلقائيا، ولكننا لو تأملنا هذا التواتر والتكرار في حياتنا لأدركنا بحق قيمة الاستقرار والأمن النفسي في حياتنا الأسرية. أما التنويع والتجديد فالأمر يرجع اليك سيدتي وهو مرهون بإرادتك فافسحي المجال أمام اهتمامات تزدحم في داخلك قد تساعدك على خرق ما ترفضينه من الروتين وتطريز حياتك بأمور شتى مصدرها رغبتك وقدرتك على تجديد نفسك وحياتك، وبالتالي تأنسين بمن حولك وتؤنسي من يعاشرك... أعملي عقلك بتخصيص وقت تمارسين فيه مختلف الأنشطة الفكرية بأوجهها المتعددة بالمطالعة مثلا أو بالمشاركة في حضور الندوات الثقافية المتنوعة إذ تطرح معظم قضايا حياتنا اليومية وتناقش أهم الموضوعات وطرح الحلول كل هذا في شأنه فتح نوافذ وآفاق المعرفة والمجال في حياتك وقد تكونين بين عشية وضحاها من أبرز المبدعات عندما تشغلين بقية فراغك في عمل فني ذي قيمة انسانية اجتماعية، فالابداع يا سيدتي هو النافذة المضيئة التي يتطلع منها الإنسان إلى عوالم مشرقة تمسح عن أيامه غبار الضجر والملل والروتين

العدد 246 - الجمعة 09 مايو 2003م الموافق 07 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً