تظل مملكة البحرين العضو الوحيد في دول مجلس التعاون الخليجي الذي تخلو أجندته السنوية من مهرجان للشعر الشعبي تتداعى إليه الأصوات الشعرية هنا بموازاة الأصوات الشعرية في الدول الشقيقة، مع علمنا الأكيد أن الهدف الحقيقي والثمرة المتحصلة من تلك المهرجانات تكمن في اللقاءات الجانبية التي تتم على هامش المهرجانات، باكتساب صداقات ومعارف وتجارب جديدة... يخرج منها المرء بالكثير من الخبرة إذا ما وظف كل ذلك في سياق تطوير التجربة، كما نعلم ايضا أن المردود المهم من وراء تلك المهرجانات يظل مركزا في القراءات الجانبية التي تتم أيضا على هامش المهرجانات، وهي قراءات تتسم بالعفوية والانفتاح وعدم التكلف بحيث تتاح لكل تجربة فرصة كسر الحواجز والتردد والقلق، ما يدفعها ويؤهلها مستقبلا لأن تكون جزءا من أية فعالية تقام هنا أو هناك.

المملكة بإمكاناتها البشرية والإدارية وخبرتها في إدارة وإقامة الكثير من الفعاليات والأنشطة المرتبطة ارتباطا وثيقا بالثقافة، قادرة على التصدي لمثل ذلك المهرجان، وهي إذ تقدم على ذلك ستتيح المجال لكثير من الأصوات الشابة التي ظلت تجاربها مقتصرة على حدود المملكة من دون أن تتاح لها فرصة إيصال صوتها الى الأشقاء في المنطقة، ستتيح لها فرصة أن تنطلق غير هيّابة أو حاملة عقدة النقص. وكأن مثل ذلك الشعور أصبح قدرا كتب على الشاعر المحلي لا مناص من تجاوزه أو الخروج عليه.

وعلى الجهة التي ستوكل اليها مهمة ترشيح الأصوات المشاركة أن تكون متحررة من انحيازها لصوت هنا أو هناك، وأن تكون اختياراتها لتمثيل المملكة في مثل ذلك المهرجان الذي نأمل أن يرى النور، منطلقة من عمق وخبرة وأداء الأصوات التي سيقع عليها الاختيار دون محسوبيات أو مجاملات أو أية اعتبارات أخرى.

نعلم أن وزارة الإعلام تنفق آلاف الدنانير سنويا في إقامة فعاليات وأنشطة ثقافية بعضها نوعي والبعض الآخر لا يرقى إلى مسمى «نشاط»... بعضها يسجل لها ولا يمكن التغاضي عنه والبعض الآخر يمثل هدرا للوقت والجهد والمال.

ولنلق بسؤالنا في وجه من يهمهم الأمر: كم هو حجم المبالغ التي تم رصدها في سبيل تفعيل وتنشيط حركة النشر والتوزيع في مجال الشعر الشعبي؟... كم من الدنانير أنفقتها الوزارة في سبيل ابتعاث الأصوات الشعرية الشعبية للمشاركة في فعاليات وأنشطة تلتقي واهتماماتهم... تقام في دول المنطقة؟... إن دعم مسابقة للشعر بمبلغ زهيد كالذي نعلمه لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يرد اعتبارا لهذا الإهمال والتغاضي والتهميش لجانب مهم من ثقافتنا. وان تخصيص صفحة أو صفحتين لا يعفي من المسئولية والدور الذي يجب أن تضطلع به الجهات المسئولة عن (الثقافة) في المملكة.

لقد حان الوقت للتعامل مع هذا الجزء من ثقافتنا بروح مسئولة وواعية ومدركة... وإن أنصاف التعامل مع ذلك الجزء يعد تبييتا للنية... وسعيا الى مزيد من ضموره وتلاشيه ومن ثم انتهائه