العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ

المفتاح: الحوار طريق الأمة لمحو الطائفية

الوسط - محرر الشئون المحلية 

24 أكتوبر 2008

أكد خطيب مركز أحمد الفاتح الإسلامي بالجفير فريد المفتاح أمس في حديث الجمعة على أهمية التمسك بالحوار البناء بين أبناء المجتمع الواحد من جهة وأتباع الديانات الأخرى من جهة أخرى، مشيرا إلى أن السبيل إلى نبذ الفرقة والتخلص من بوادر الطائفية.

وقال المفتاح: «لقد أودع الله الإنسان نعمة العقل والفهم، وفضله على سائر المخلوقات، وجاء الدين الإسلامي ليكون رائد الديانات في فهم هذه النعمة، وأعطى الله الإنسان حرية الاختيار، وبالتالي انطلاق مسيرة الحوار بين الناس في شتى المجالات، وبالحوار شق الفاتحون طريقهم وحملوا راية الإسلام ترفرف في أرجاء المعمورة، ومن هنا فإن نهج الحوار كان ولا يزال لغة العقل وزاد العلماء وهو ميراث الأنبياء ومنهج فكري أصله رب العالمين في محكم كتابه».

وتابع «إن الحوار يحكم العقل الصحيح، والعقل الصحيح لا يعارض حوارا بناء لا تستنكره الحكمة، ويصور لنا القرآن الكريم الحوار المستنير في كثير من الآيات، ليتخذ منه العلماء والحكماء منهجا للتعاون والتعارف مع الغير مهما اختلفت ثقافتهم، ولعل القرآن الكريم هو أساس هذا المنهج الحواري».

وأضاف «لقد اتخذ القرآن الحوار منهجا للإقناع، فتارة يجعل الحوار مباشرا مع العقل، وتارة يصور الحوار الذي دار بين الأنبياء والأنبياء، أو الحوار الذي دار مع الله تعالى ومع الأنبياء أو الملائكة، ليوضح لنا قيمة الحوار في الإقناع والتعايش مع الغير».

وقال المفتاح: «لم يتوقف الحوار عند هذا الحد، بل إن القرآن الكريم سجل موقفا حواريا كبيرا، بين الله تعالى وبين أكبر العصاة، وهو الحوار بين الله وإبليس الذي أبى السجود لآدم حين أمر الله تعالى الملائكة بالسجود، ويذكر القرآن حوار إبراهيم (ع) مع ربه، ويسجل الحوار الذي دار بين موسى (ع) وبين ربه تعالى حين أتى لميقات وطلب رؤية ربه(...) ولم تخل موقف الأنبياء من الحوار مع قومه. وأما أهل الكتاب فوجه لهم القرآن أنبل طرق الحوار، ووجه المسلمين للتعامل معهم بأفضل طريقة تقديرا للكتب التي نزلت عليهم، وكان يناديهم دائما بيا أهل الكتاب».

وأكد «إن هذا الأسلوب العظيم، كان له الأثر في التعايش منذ بعث الرسالة الإلهية على يد الرسول الأمين (ص) حتى صور مؤرخو الغرب التعايش السلمي الذي سطره المسلمون طوال فترة نشاطهم، حتى وصلت الحركة العلمية إلى أقصى درجاتها، ونرى ذلك بوضوح في العهد الإسلامي والأدلة على ذلك كثيرة، وهي أوضح من أن تذكر أو تسرد. وإذا نظرنا إلى السيرة المحمدية، رأينا الحوار الوسيلة المثلى للتعامل مع الغير، بدءا بالرسول الكريم (ص) ومن سار على نهجه، وسطر التاريخ والقرآن الكريم تلك المواقف، فكان الرسول يلتقي بالناس ويتحاور معهم، وقد أثمر الحوار عن نتائج طيبة للأمة والحضارة، وكانوا بحق بناة المجد».

وتابع «ثم اتسعت دائرة الحوار، فبدأ الرسول (ص) الحوار مع القياصرة والملوك بشأن الإسلام، فكان (ص) صبورا وملتزما بالحوار مهما اختلفت المذاهب أو اللون، والقرآن يقر ذلك ليجعل من الحياة ساحة للتقدم والتطور. وحين تراجعت منهجية الحوار، أحدث هذا التراجع فجوة من العلاقات الإنسانية، وخسرت البشرية كثيرة ودفعت الكثير بفقدان النفوس واكتوت بنار الحروب، وهذا ما يعيشه العالم اليوم من تشتت، وحقد وطائفية، وإن ظهور بعض الجماعات التي اتخذت من التطرف والإرهاب والإقصاء وتكفير الآخر،وهذا منهج خطير، والآمال معقودة على العلماء والفقهاء والمفكرين والتربويين، وإن الحوار هو الأسلوب الأمثل لتحقيق الآمال، وتحقيق مبدأ العيش المشترك ترسيخا للعدل وحفظا للأمن وهذا التعايش يكون داخليا وخارجيا، بين المجتمعات من جهة، والدول والحضارات».

ولفت المفتاح إلى ضرورة الانعتاق من الماضي، موضحا «لو تأملنا منهجية الحوار لوجدنا أنه السبيل لإخماد نار الفتنة والحروب، ولا بد هنا من التأكيد أن الحوار لا يكون إلا بالاعتزاز بالدين والهوية وأن لا يكون الحوار تنازلا عن الثوابت، لأن القوي هو الذي يصل إلى الحجج والبراهين، ولقد دخل الإسلام رقعة كبيرة من العالم عبر حوار الصدق الذي لمسه أهل تلكم البلدان من صدق. إن اللقاءات الفكرية والثقافية مناسبة ثمينة لتصحيح المعلومات المغلوطة... إن من مميزات الحضارة الإسلامية الانفتاح على الآخرين، ورعاية حقوقها كافة وحمايتها لتراثها الديني، وذلك يعود إلى ثقافة وعدل ومقاصد الشريعة الإسلامية السمحة التي يستمد منها المسلمون ثقافتهم».

وقال: «إن الحوار الذي يستهدف نبش قبور التاريخ والعلاقات السلبية، لا يمكن أن يحقق الأهداف المرجوة، وعلى المتحاورين تجاوز السلبيات والخلافات التاريخية، والبحث في الطرق التي تنشر السعادة بين أبناء المجتمع».

ونوه «إن سياسة القيادة جعلت من البحرين أرضا خصبة للعلم، وكانت هذه السياسة صمام الأمان والتعايش والوئام بين الشيعة والسنة، ما يحتم علينا الحفاظ على وطننا الغالي وننعم معا بخيراته ومستقبله الباهر، ونبحر بثقة للإبحار إلى بر الأمان».

العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً