كثيرة هي الايميلات والرسائل التي وصلتني من القراء ومن كلتا الطائفتين العزيزتين يستحثوني فيها إيصال صوت الناس وتذمرهم وسخطهم على ما يقوم به أحد الكتّاب من سب وشتم الطائفة الشيعية في البحرين واتهامها بـ «عدم الولاء» وبأنها تضمر «الشر للوطن» وانها من «دعاة التجزيئية» أو ان مواقفها تجاه فلسطين مواقف «قائمة على النفاق» و«الدعاية» و«الإعلام» الى آخره من السباب العلني والشتم اليومي والتجريح الذي لا يمكن ان ترضى به أقلية في أدغال افريقيا فضلا عن فئة تمثل نصف المجتمع قامت نهضة البلاد وتاريخها النضالي والوطني على كبار من علمائها الذين تشاطروا مع علماء ومناضلي الطائفة الأخرى في هذا البلد. نعم لقد وصلتني الرسائل بالبريد الإلكتروني تستحثني الإلحاح على تدخل الدولة ومن قبل أعلى سلطة متمثلة بجلالة الملك (حفظه الله) بأن يتدخل شخصيا لإيقاف مثل هذه الكتابات الطائفية التي تعمل يوميا على عزف اتهام هذه الطائفة بكل هذه الاتهامات من «تهمة التجزيء» إلى «خيانة الوطن»... لأن الناس ما عادت تتحمل مثل هذه الكتابات ونفد صبرها وخصوصا بعد اشتداد واستعار صاحبها، فقد اصبحت مقالات هذا الكاتب تتفجر يوميا لعنات ولكمات في وجه هذه الطائفة وبدأ يتمادى بالسب والشتم، بل ووصل به الحنق والحماقة الى وضع الاسماء والتصريح العلني الذي لا يقبل التأويل فراح يطلق النار يوميا ويغرس سكاكين الاتهام بقوله «ان الاثني عشرية كذا» وان منتسبي الشيعة كذا... وهكذا لا يمر اسبوع إلا وكل مثقفي هذه الطائفة الكريمة من كبارها وصغارها وعلمائها يشاهدون هذه المهازل من الاتهامات، في كل صغيرة وكبيرة، وهو متماد في صب اللعنات، متسائلين في اندهاش عن سكوت السلطة عن ذلك فلا يمكن تبرير أي عذر لهذا الصمت. وقد وصلتني رسالة من دكتور مثقف (ع. م) يقول فيها: لقد بلغ السيل الزبى وما عدنا نتحمل هذا اللعن اليومي والتشكيك الدائم وان للصبر حدودا... أليس لنا غيرة على انتمائنا وديننا؟ لقد أقام الاقباط الدنيا ولم يقعدوها على صحيفة أهانت عالمهم وهم أقلية... وكان مجرد (رسمة واحدة) وإذا بهم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ونحن هنا يوميا نسب ونشتم ونتهم من هذا الكاتب وأمثاله، فهل ينتظر ان ينفجر الشارع جراء هذه الأطروحات الطائفية البغيضة؟ إذا كنا نحن اساتذة في الجامعات ونكاد ننفجر غيظا ونكاد نفقد توازننا، فكيف بالناس العاديين؟... نعم يجب وضع حدٍ لمثل هذه الكتابات، فالناس قد تتحمل الجوع ولكنها لا يمكن ان تتحمل ان يشكك في دينها والقول انه (ليس اصيلا) أو في انتمائها إلى هذه الأرض. فهل نسي هذا الكاتب موقف الطائفة الشيعية في وقفتها تاريخيا ضد مطالب شاه إيران المقبور في البحرين؟ هل نسي موقفها في وقفتها مع الميثاق ومع الإصلاح؟ وهل يمكن ان يلغى نصف المجتمع بسطرين من كاتب لا يحسن فك الخط؟ وهل يمكن ان ينسى دور علماء وتجار ومثقفي ومفكري هذه الطائفة في إقامة نهضة البحرين؟... أيظن ان هؤلاء ليست لهم غيرة على دينهم وانتمائهم؟ وكل انسان يعتز بدينه، فإذا كان هناك احترام لهذه الطائفة فيجب إيقاف مثل هذه المهازل من المقالات الجارحة ويجب ان يوضح كل مواطن ومسئول منصف في هذا البلد موقفه من ذلك. هذه البلاد قامت على سواعد كلا الطائفتين الكريمتين والتجريح لأحدهما هو تجريح لكليهما وللجميع.
ان أي وطن لا يمكن ان يقبل بدوس مواطنيه وأن يمسح بمبادئهم الأرض والناس لا يمكن ان تقبل بذلك فالشاعر يقول: «فالكلبة حتى الكلبة تحرس نطفتها... والنملة تعتز بثقب الأرض» فكيف بالإنسان المسلم.
للأسف اصبح الآن بمقدور أي صحافي مبتدئ ان يجرب فينا قدراته الصحافية بالأسطوانة ذاتها وأصبح مثل هذا الكاتب يفرخ كتّابا صغارا يعزفون العزف الاتهامي ذاته ونحن صابرون ولكن للصبر حدودا وقد أوصلنا صوتنا مرارا وتكرارا ونريد حدا لمثل هذه المهازل. اللهم إني قد بلغت
العدد 245 - الخميس 08 مايو 2003م الموافق 06 ربيع الاول 1424هـ