العدد 245 - الخميس 08 مايو 2003م الموافق 06 ربيع الاول 1424هـ

عندما تحترق الأسرة بلهيب الخيانة الزوجية

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

يتساءل المرء كثيرا في ظل هذا الزمن كيف تصبح العلاقة الآثمة طبيعية؟

وكيف يصبح تخاصر المرأة للرجال جزءا من ثقافة العصر وله مبرراته حتى لو وصل الى ما لا يحمد عقباه...

الذئاب البشرية منتشرة وتتموضع في أكثر من زاوية اجتماعية وفي أكثر من موقع! والطامة الكبرى تكمن عندما يلقي هذا الطرف «الزوج أو الزوجة» الضمير جانبا لكي يعقد أحدهما علاقة آثمة بخيانة زوجية في حضن «عشيق» كاذب، استغل الظروف فجاء ليهمس في اذن هذه «العشيقة» ليضحك عليها بكلمة يكررها أمام أية فريسة تسقط في الشباك حتى تسقط في الفخ فيأخذ ما يريد ليلقيها هي وتاريخها وأسرتها وأبناءها على قارعة الطريق ممزقين.

نعم تلك هي الخيانة الزوجية التي بدأت تدق ناقوس الخطر وتنبئ عن سقوط ضحايا أو مجرمين في هذا الشباك اللعين... لن نقول إنها أصبحت ظاهرة ولكن يجب عدم تسهيل الحدث... والخيانة تحدث من الجانبين (الزوج وتارة الزوجة)، وسنتكلم عن الأسباب من الطرفين.

بيوت كانت آمنة وادعة فجأة وبين عشية وضحاها واذا بها تنهار... أما أن تكتشف الزوجة خيانة الزوج مع خادمة أو بنت جيران أو رفيقة في العمل أو يكتشف الزوج علاقة غرامية لهذه الزوجة مع صديق في العمل اختطفها بكلمة ساذجة يكررها أمام كل سيناريو نَسَوِي فما عليه الا أن يحرك الاسطوانة حتى يبدأ عزفه الكاذب في عملية اصطياد النساء وخصوصا من يعانين ضعفا في الوازع الديني وضمورا في العاطفة من قبل الزوج أو عدم استقرار في داخل الاسرة... من هذه الثغرات يدخل الذئاب الى المرأة في العمل، في الدائرة، في المصرف... وهكذا هي العملية... هذه العلاقة تبدأ بحديث عفوي عابر يتخلله ابتسامات وضحكات يقال عنها إنها «عفوية» ثم تتطور الى نظرات مشفوعة «بالحنان البريء» الى أن يبدأ الذئب الكاذب في نسج شباك المصيدة مستغلا سذاجة هذه المرأة ضاحكا عليها بهذا الحنان الكاذب حتى اذا ما سقطت وجدت نفسها في ورطة كبرى.

وقد تتمادى ويروق لها الجو متناسية أن هناك ربا ينظر اليها بعين السخط فالزوجة اذا خانت زوجها عذبت في قبرها الى يوم يبعث البشر وان الملائكة تلعنها وان القبر يضغط على ضلوعها حتى تتكسر الا اذا تابت إلى الله توبة نصوحة كما جاء على لسان الروايات وكذلك حال الزوج فهما سيان في العقاب.

أسباب الخيانة الزوجية بالنسبة إلى النساء:

1- غياب الوازع الديني... فلذلك يجب على مثل هذه المرأة أن تعمل على تقوية ذاتها ايمانيا بقراءة الاحاديث الرادعة عن ذلك وسماع الادعية المؤثرة والمؤنبة للضمير والذهاب الى بيت الله والتضرع هناك بالتوبة فالأحاديث تقول: «على المرء التائب أن يزيق بدنه مرارة الطاعة بعد أن اذاقه حلاوة المعصية».

2- الانتقام من خيانة الزوج: وهذا لا يعد مبررا لهذا الفعل الكبير وعلى الزوجة - وهي الأقرب الى الابناء عادة - ان تفكر الف مرة في العقاب الدنيوي والآخروي وكذلك في هؤلاء الابناء الذين سيتشتتون وسيدفعون ضريبة هذه الشهوة الكاذبة والانانية سواء من قبل الزوج أو الزوجة فالانتقام سيكون على حساب كل الاسرة فكم من أبناء اصبحوا في العراء محرومين من جمال الأعياد وحلاوة المناسبات بسبب مثل هذه الخيانات فالزوج المستهتر الذي لا يرى الا شهوته يصبح الرجل القاتل للاسرة عندما يبيع تاريخ أسرته وطهارة أبنائه ونقاء زوجته التي صبرت معه في الرخاء والشدة وذلك عندما يلتجئ الى عقد العلاقات الآثمة متنقلا بين أحضان بائعات الهوى الرخيص.

هؤلاء لا يستحقون أن يدخلوا هذه المؤسسة الاجتماعية فيشوهوا صورتها.

3- الحرمان العاطفي: وقد ركزنا كثيرا على هذه النقطة عبر مقالات عدة من ضرورة تجديد العاطفة وضخ دماء الحب في شرايين العلاقة. فالمرأة دائما بحاجة الى الكلمات الجميلة وهي لا تكلف الرجل شيئا فخمس كلمات جميلة في اليوم تأتي بعفوية طاهرة قادرة على خلق يوم ربيعي، واحدة بعد الصبح قبل الرحيل للعمل واثنتان بعد الظهر واثنتان بعد المغرب والعشاء... فالقلوب كما يقول سيد الحكماء علي (ع) «جبلت على حب من أحسن إليها».

4- المرأة التي تمر باضطهاد جنسي في علاقتها الزوجية: هناك دراسات في علم النفس تركز على عقدة تصيب بعض الرجال تسمى عقدة السادية الجنسية... لا أحب الدخول في هذا البحث ولكن هنا أطرح مفهوما حضاريا طرحه الرسول (ص) في ضرورة التعاطي الحضاري والانساني في مثل هذه العلاقات إذ هناك -فقهيا - آداب خاصة لمثل هذا الباب بدلا من أن تتحول العملية الى وحشية خالية من الذوق اذ يتعاطى البعض معها كتعاطي الدواب.

اسباب الخيانة الزوجية بالنسبة إلى الرجال:

1- الخبرة السابقة... مشكلة بعض الازواج هو حب التنوع الذي تقوده الانانية المفرطة... فالخبرة السابقة مع غياب الوازع الديني مع وفرة المال مع وجود الملل وعدم السعادة في الاسرة كلها عوامل يتخذها الزوج ذريعة لاصطياد الساذجات من بنات حواء الا أن الخبرة السابقة لما قبل الزواج اذا لم يضبطها الزواج فقد تقود الى حب التنوع والتنقل حتى ليسترسل هذا الاناني الى أن ينهي اسرته بيده ويقضي على علاقته بالله وعلى سمعته في المجتمع... فالزوجة تشعر هنا بالاحباط وعدم قداسة هذه العلاقة التي ذهبت في لحظة واحدة أمام اغراء زميلة في العمل أو سكرتيرة عابثة أو فاتنة من بائعات الهوى في مجمع تجاري... والمصيبة الكبرى عندما يعلم الاولاد بخيانة أحد الاطراف (الزوج أو الزوجة) هنا يبدأ التذمر النفسي والانهيار الداخلي للطفل عندما يسقط من عينه «المثل الأعلى» كما يسميه علماء النفس... طبعا يكون لهذا الحدث انعكاس سلبي على الطفل فالبنت قد تحذوا حذو امها مستقبلا والابن حذو أبيه وهكذا يبدأ تآكل مستقبل هذه الاسرة... فكما تقول الدراسات الاجتماعية ان أكثر الجانحين أو من يمارسون الخيانات عاشوا في بيئات غير مستقرة وتحمل شيئا من هذا الانحدار الخلقي.

أما علماء الطب فيحذرون كثيرا من هذا العبث الخلقي الذي بدأ يسقط حتى بعض الأسر التي كانت محافظة... وذلك نتيجة انتشار الامراض والرذيلة فيصابوا بعدوى فيروس (H I V) فيروس نقص المناعة «الايدز» وعلى رغم ذلك يبقى الشرق الأوسط أقل معدل في الاصابة وكل ذلك بسبب اعتياش الناس على البقية الباقية من اسلامهم فالالتزام بالشريعة الاسلامية والتعاليم السماوية يحول دون ذلك.

فيوميا يصاب حوالي 7500 شخص على مستوى العالم والسبب في ذلك طبعا هو الابتعاد عن القيم السماوية التي تدعو الى تمتين الاسرة ووضع السياجات الخلقية والقيمية تحبط بها منعا عن أمراض العصر.

والمؤسف كما تقول احدى الاحصاءات أن 14 مليون امرأة في العالم مصابة بالايدز جراء هذه العلاقات الآثمة، كما قرأت في دراسة علمية رقمية أخرى تقول: ان عدد حاملي جرثومة الايدز في تايلند يقدر بنصف مليون وفي الهند يقدر بالمليون.

ان الناس تحتاج الى ترشيد الجنس ولن يكون ذلك الا بعقد أسرة جميلة قائمة على الحب والتوازن والعاطفة الطاهرة القائمة على حب الاسلام وعلي (ع) يقول: «رب شهوة ساعة أورثت ندما طويلا»

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 245 - الخميس 08 مايو 2003م الموافق 06 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً