لم تحكم غرفة تجارة وصناعة البحرين غلق نوافذها جيدا منعا لتسرب غبار الحرب الى غرف اجتماعاتها. فالغزو الأميركي البريطاني الذي تحدى الشرعية الدولية والمطالبات الشعبية التي جابت شوارع كل مدينة وكل قرية منددة بالسياسة الأميركية تجاه العراق ورافضة الحرب خارج قرارات مجلس الأمن لايجوز مكافأته.
الكل يعلم ان تلك الحرب بالطريقة التي أرادتها وأدارتها أميركا وبريطانيا ووضعت لها عنوانا مخزيا «التدمير من أجل التعمير» غير عابئة بكل ما قد تسببه من قتل ودمار ومآس لم تكن مبررة وتبعاتها مازالت تتقاطر وتنهال على الشعب العراقي بالجملة، وإذا كان صدام حسين الرئيس السابق للعراق قد استأثر لنفسه ولحزبه خيرات العراق وترك الآخرين يعانون شظف العيش والقهر والقتل والابعاد فاليوم كل الشعب العراقي يعاني من هذا التغيير الذي لم يرده أحد بهذا الشكل. فقد بلغ حد النكبة الكبرى التي تجاوز نكبة فلسطين التي احتل الصهاينة خلالها جزءا من الأرض لتكوين وطن لهم وبؤرة توتر للآخرين امتدت نيرانها منذ ذلك الوقت الى اليوم لتحرق العراق وتدمر تراثه وبنيته التحتية وثرواته ومنارات علمه وصحته وأمنه وتتركه رهينة سيطرة من خرج على القانون الدوي ليحكم بما يشاء.
نعم لم توفق غرفة تجارة وصناعة البحرين في دعوتها لندوة اعادة اعمار العراق بحضور سفيري الولايات المتحدة الاميركية والمملكة المتحدة البريطانية بتاريخ 4/5/2003م.
كيف توجه دعوة لإعمار بلد في غياب حضور الأصيل الشرعي فيها؟
اين ممثلو الجمهورية العراقية؟! أهكذا وبهذه السهولة اعتمدت غرفة تجارة وصناعة البحرين مقولة «إن من يأخذ امنا صار عمنا» حتى ولو كان سبيا؟ فهل يجوز ان من يغزو بلدا ويحتلها بالقوة يكون الممثل الشرعي عن شعبها؟ ثم مع من سيوقع تجار البحرين أو غيرهم عقود إعادة تعمير العراق؟ هل سيوقعون مع تجار أو ممثلين عن الشعب العراقي أم انه مع ممثلي الحكومة الأميركية والبريطانية؟ وكيف تسدد كلفة الاعمار؟ هل هي من الخزينة الاميركية؟ أم انها عملية لاعطاء المسوّغ لوضع يد الغزاة على ثروات العراق والتصرف فيها؟
والآن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل أن الحكومتين الاميركية والبريطانية لديهما تخويل من الشعب العراقي نفسه أو من منظمة الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي للتصرف في أموال شعب العراق؟ أم أنها حركة إنطلت على الغرفة؟ بغية اضفاء الشرعية على الاحتلال الاميركي البريطاني للعراق ومكافأة المعتدين على حقوق البشر والشجر والحجر باسلحتهم التدميرية غير التقليدية التي استعملوها
إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"العدد 244 - الأربعاء 07 مايو 2003م الموافق 05 ربيع الاول 1424هـ