قرأ مرزوق خبرا مهما عن استعدادات لبدء العمل في إنشاء مدن بحرية كبرى في البحرين، واتصل بأحد أصحابه يسأله:
مرزوق: هل سمعت، ستكون لدينا مدن بحرية كبرى، وستكون أفضل تخطيط في الخليج كله.
صديق مرزوق: أي بحر تقصد؟ فليست لدينا مياه.
مرزوق: لا، نحن اسمنا بحرين، يعني لدينا بحر مالح يحيط بنا، وبحر حلو في بطن الأرض.
صديق مرزوق: هل أنت تعيش في البحرين؟ أم انك تعيش في كثب الماضي...؟
مرزوق: وماذا تقصد؟
صديق مرزوق: البحر الحلو انتهى ولا توجد لدينا آبار مياه، وما تبقى تم الاستحواذ عليه ولا أحد من المواطنين يستطيع تذوق مياه البحرين الحلوة. هذا عن البحر ذي المياه الحلوة. أما البحر المالح فقد كنا جزيرة بحرية وأصبحنا جزيرة اسمنتية منذ الثمانينات.
مرزوق: ماذا تقصد؟
صديق مرزوق: ساحل البحر اختفى، والقرى الغربية أصبحت محاطة بالاسمنت والجدران والساحل أصبح ملكا خاصا ولا يستطيع المواطن رؤية البحر حتى لو حاول ذلك، فالجدران عالية جدا وحول الجدران توجد كلاب بوليسية تنبح ليل نهار وتطرد المواطن وتحذره من الاقتراب من الجدار الذي كان ساحلا في السابق.
أما القرى الشمالية فهي إلى المصير نفسه. البديع أصبحت غير ساحلية، والدّيه من زمان اختفى ساحلها، وباربار بقي لديها متر منه وربما يختفي في أي وقت، والدراز لديها ساحل مملوء بالقاذورات وربما يتم ردمه لأي سبب كان، وجنوب البحرين ممنوع أن نذهب إليه.
مرزوق: يعني لا يوجد منفذ للبحر...؟
صديق مرزوق: موجود ولكن ليس بالمجان. فإذا كنت أحد المواطنين العاديين (يعني واحد من غالبية السكان، من تسعين في المئة من شعب البحرين) فإن عليك أن تدفع مئات الدنانير شهريا لتحصل على عضوية في نادٍ خاص، وتذهب هناك لتدفع عن وجبة الغداء قرابة مئة دينار (أي معاش شهر كامل لأناس كثيرين) وبعد ذلك تستمتع بالنظر إلى البحر...
مرزوق: إذن البحر المالح لم يختفِ ولكنه أصبح غاليا؟
صديق مرزوق: أصبح مستحيلا وليس غاليا. فلو استطاع أهل البحرين دفع مئتي دينار شهريا لدخول النادي الخاص فسيتم تصعيد السعر إلى ألفي دينار... الأمر مستحيل.
مرزوق: ماذا نعمل؟...صديق مرزوق: لدينا الإنترنت رخيص شوي، ووزارة الإعلام لم تحجب الأفلام التي تحتوي على سواحل البحر، ويمكن مشاهدة البحر والاستماع إلى صوته على الإنترنت، ويمكننا التعويض عن البحر الحقيقي بالبحر الافتراضي... هذا قبل أن تقرر وزارة الإعلام حجب المواقع التي تحتوي على مياه البحر...
(ملاحظة: عندما تغلق وزارة الإعلام المواقع الإلكترونية ستقول لك ليست هي التي أغلقتها... لا تصدق الكلام)
إقرأ أيضا لـ "حظك يا مرزوق"العدد 240 - السبت 03 مايو 2003م الموافق 01 ربيع الاول 1424هـ