قبل شهر ونيف اجتمع عبدالله النفيسي مع مجموعة من النخب الكويتية من أجل خلق نواة لتأسيس جمعية حقوقية لمناهضة التعذيب في الخليج، بالطبع الخطوة قيمة وهي تعكس صورة حية لبعض شخصياتنا الخليجية التي لم تستطع السلطة أو ضغوط أحزاب المجتمع من سرقتها من استقلاليتها... هذه العقول الاستراتيجية المستقلة والموضوعية التي لا تتحيز لفئةٍ دون فئةٍ أو طائفة على طائفة، إذ أن الجمعية هي من كل الأطراف تترافع لأجل كل الناس بعيدا عن انتماء الشخص، الهدف منها الترافع عن حقوق الإنسان... هذا ما نحتاجه في مجتمعنا البحريني، فالمجتمع قسم هو بمؤسساته وفق نظم «الكوته» وبالقطعة حتى بدأنا نفقد جزءا من صدقيتنا لدى الشارع بأننا مجموعة نخب نتسلم الجمعيات والمؤسسات حبا في الوصول ومن أجل «الرزة» أمام الكاميرات وعلى صفحات الصحف... أمّا ماذا قدمنا للعاطلين أو الفقراء أو المفقودين أو المعذبين أو... فكل ذلك ليس ضمن الأجندة... ما يخشاه المواطن البحريني أن تصبح مؤسساتنا مجرد مؤسسات للدعاية والاحتفالات الفلكلورية... أمّا كم أنجحت من قضايا؟ ما هو برنامجها؟ هل خطابها مؤسسي أم فردي... يتلمس نبض الشارع أم لا فذلك ليس محل تساؤل؟
طبعا هذه المؤسسات يجب أن تترافع عن الهموم الكبرى خصوصا الحقوقية وإلا فقدت صدقيتها... أمّا عن جمعية النفيسي فهي جمعية تستحق التقدير ونتمنى أن تجد لها النور في هذه الأوطان وقضية التعذيب قضية شائكة تحتاج إلى مترافعين أكفاء أقوياء ولا نعدم مثل هؤلاء الأشخاص في الخليج وحقوق الإنسان تكمل في الوضع السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي.
بالأمس عرف تاريخ العرب بالقمع كما هو اليوم، فكانت تنفّذ الاعدامات ذبحا بالسكين أو دفن المعارضين وهم أحياء أو الإحراق حتى الموت، وينقل التاريخ ان مسلم الخرساني أعدم 600 ألف بين رجل وامرأة وغلام (تاريخ الطبري).
وأيضا أعدمت امرأة بربطها الى فرسين، وتم تقطيع الرؤوس وحملها على الرماح (وقعة كربلاء) وفي عهد هشام بن عبدالملك تم قلع الأظافر، وكذلك استخدم العرب التعذيب الجنسي كاغتصاب نساء المدينة على يد جيش يزيد».
صورٌ مرعبة للتعذيب... وإلى يومنا هذا فالنظام العربي الرسمي يلاحق المعارضين... وعلى رغم امتلاك العالم البرلمانات، إذ أن ثلثي العالم يمتلكون برلمانات إلا أن سجل حقوق الانسان مازال منتهكا، وليس بعيدا من الذاكرة صورة السجناء العراقيين بل الآلاف من السجناء تحت الأنفاق وهم يلوحون بأيديهم طلبا للحرية... هذا ما ظهر على شاشات التلفاز وإلا فالمخفي أعظم بكثير ولا نستطيع إلا أن نقول «حلمك يا رب لقد حلمت حتى ظنك الظالم انك غير موجود»... عالمنا العربي يحتاج الى ألف جمعية ضد التعذيب وواحدة قليلة
العدد 239 - الجمعة 02 مايو 2003م الموافق 29 صفر 1424هـ