كشف المعلق الصحافي الأميركي واين مادسين أن وكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» قامت بتزييف بعض الوثائق وسربتها إلى بعض الصحافيين لخدمة أغراضها السياسية.
وقال مادسين في تقرير نشره على موقع صحيفة «أون لاين جورنال» الأميركية على شبكة الانترنت الثلثاء الماضي، إنه «من الغريب أن تقوم الولايات المتحدة بإعطاء هذه الوثائق لعدد من الصحف والصحافيين المفضلين لديها ويعملون لصالح حملتها الدعائية الكاذبة التي تهدف إلى إثبات مزاعمها بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وصلة الرئيس العراقي صدام حسين بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن».
وذكر أن من بين هذه الصحف البريطانية «ديلي تلغراف» التي ذكر مراسلها لشئون الشرق الأوسط في بغداد إينجو غيلمور في تقريره في 27 ابريل/نيسان الماضي أن القوات الأميركية قامت بدعوته إلى دخول مبنى المخابرات العراقية ووجد فيه من قبيل «المعجزة» وثائق بين الأنقاض، على حد قوله، وبها معلومات تفيد أن «العراق قام بدعوة أسامة بن لادن إلى زيارته في مارس/ آذار العام 1998».
وتهكم مادسين من التصريحات التي أدلى بها غيلمور لشبكة التلفزيون البريطانية (بي بي سي) عن الوثائق التي عثر عليها وقال فيها إنه لاحظ بعض الحذف عليها أو عن طريق الشطب على بعضها بالحبر الأسود، فوجد بالتالي ومن قبيل «المعجزة» أيضا اسم بن لادن في ثلاثة امكنة مختلفة من الوثيقة.
وأضاف مادسين أن القوات الأميركية دعت بكل ترحيب الصحافيين الذين يعملون لصالح مزاعمها، في الوقت الذي فرضت طوقا أمنيا حول مقر وزارة النفط.
وعزا مادسين السبب انه كان من شبه المؤكد العثور على وثائق تثبت صلة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني وشركته القديمة «هاليبرتون» بحكومة الرئيس صدام حسين. وذكر أن هذه الشركة وقعت من خلال شركتين فرعيتين لها عقودا بمبلغ 73 مليون دولار مع الحكومة العراقية.
وأكد مادسين أن المزاعم تنشر عن طريق شبكة من وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية التي تعمل لصالح الولايات المتحدة مثل «شبكة فوكس الإخبارية» إذ قام أحد مقدمي برامجها، وهو طوني سنو يوم الأحد الماضي، بإثارة موضوع الوثائق المزعومة حين استضاف زعيم المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي الذي زعم بدوره أن هذه الوثائق تشير إلى حقيقة ارتباط صدام حسين بهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في الولايات المتحدة، وهي مزاعم نفتها مخابرات دولية. وشارك في برنامج «فوكس نيوز» أحد أبرز دعاة الحرب على العراق من جماعة المحافظين الجدد وهو ويليام كريستول إلى جانب أحد مقدمي برامج «فوكس نيوز» بريت هيوم وهو من اليمين الأميركي.
وأكد مادسون أن الوثائق المزيفة استهدفت أيضا «جورج غالاوي العضو البارز في حزب العمال المعارض للعدوان الأميركي البريطاني على العراق الذي يدين دائما ممارسات سلطات الاحتلال الصهيوني في القمع والقتل ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وزعمت (ديلي تلغراف) أنه تلقى مئات الآلاف من الدولارات من العراق من برنامج النفط مقابل الغذاء».
ورد غالاوي على هذه الأكاذيب في رسالة بعث بها إلى الصحيفة بالقول: «إن هذه ما هي إلا دعاية حقيرة تروجها الصحف ووسائل الإعلام العميلة مثل ديلي تلغراف الشهيرة بمساندتها لليمين المتطرف».
واشار مادسين إلى أن «ديلي تلغراف» تناولت أيضا بالمزاعم كلا من فرنسا والمانيا وروسيا وبعض صحافيي قناة «الجزيرة» القطرية بالقول إن لهم علاقة بالمخابرات العراقية، نتيجة مواقفهم المعارضة للعدوان الأميركي - البريطاني على العراق.
وقال مادسين إنه من المهم أن يفهم العالم حقيقة بعض وسائل الإعلام اليمينية المتطرفة. فروبرت ميردوخ يبث الدعاية من خلال شبكته التلفزيونية «فوكس» ومجلته «ويكلي ستاندرد» التي يديرها ويليام كريستول (وهو يهودي تولى منصب رئيس هيئة موظفي نائب الرئيس الأميركي السابق دان كويل) تقوم بدور الناطق باسم المثقفين والخبراء الدفاعيين مثل بيرل وولفويتز وفايث وويلسي. كما يملك صحيفة «صن» اليمينية البريطانية، كما أن «ناشيونال انديست» يقوم بتمويلها كونراد بلاك الذي يملك صحيفة «جيروزاليم بوست» وناشرها توم روز المساند القوي لرئيس الحكومة الإسرائيلي أرييل شارون. وامبراطورية هولينجر في بريطانيا وكندا التي يملكها كونراد بلاك تمتلك أيضا «ديلي تلغراف».
ويذكر أن المشروع المعروف باسم «مشروع القرن الأميركي الجديد» يديره كريستول من مكاتب مجلته «ويكلي ستاندرد»، واصدر في نحو تسعين صفحة وثيقة تدعو إلى احتلال العراق والسيطرة على ثروته النفطية وأن يكون منطلقا لإعادة صوغ المنطقة العربية وجوارها
العدد 239 - الجمعة 02 مايو 2003م الموافق 29 صفر 1424هـ