العدد 239 - الجمعة 02 مايو 2003م الموافق 29 صفر 1424هـ

نواب: الهدف جس نبض الحكومة... معارضون: بل رفع العتب

تباينت وجهات النظر بين أعضاء البرلمان ومجموعة من الاقتصاديين بشأن «المقترح برغبة» غير الملزم للحكومة. إذ قدم النواب أكثر من 36 مقترحا برغبة منذ بدء عمل المجلس قبل أربعة أشهر، غالبيتها ذات أثر مالي، وتصب في تحسين الجانب الخدماتي والمعيشي للمواطن.

ففي حين أشار بعض النواب إلى أن المقترح برغبة هو «جس نبض» السلطة التنفيذية ومعرفة ردود فعلها على هذه المقترحات، ويمكن بعد ذلك أن تقدم كـ «مقترح بقانون»، وأن الهدف منها تحسين وضع المواطن، أكد بعض الاقتصاديين أن المقترحات برغبة هي لرفع العتب مع الناس، وغالبيتها يخلو من المسئولية المالية للنائب تجاه الناس والحكومة، لأنها جاءت كمقترحات من دون وجود دراسة جدوى لها، إضافة إلى أنها جاءت بعدما أقرت الحكومة موازنتها، وتنفيذها يحتاج إلى تحريك الموازنة من جديد، وإعادة تخصيص موازنة أخرى لهذه المشروعات.

يذكر أن الهيئة العامة لصندوق التقاعد تحفظت على «المقترح برغبة» الذي تقدمت به الأصالة لإلغاء الفوائد على قروض موظفي الدولة واستبدال المعاش لأن ذلك سيسهم في إفلاس الصندوق، كما تحفظت وزارة التربية على «المقترح برغبة» الذي تقدم به النائب إبراهيم العبدالله لضم رياض الأطفال للتعليم الأساسي باعتباره مكلفا للحكومة.

وفي هذا الصدد، قال النائب الثاني لمجلس النواب عادل المعاودة «إن تقديم الأصالة - التي يرأسها - للكثير من المقترحات برغبة جاء بناء على توجيهات الملك بتحسين الوضع المعيشي للمواطن، كما أنه جاء مقصودا بقصد، بهدف معرفة رد فعل الحكومة على هذه المقترحات».

وأكد المعاودة على أن سياسة «الأصالة» تعتمد التعقل والتدرج في تقديم المقترحات، إلا أنه لم يستبعد احتمال الرفض من قبل الحكومة، «فإذا رفضت الحكومة المقترحات، سنقوم بدراسة أسباب رفض الحكومة، فإذا لم نقتنع منها، سنقدم المقترح كمقترح بقانون ولا يضيرنا ذلك في شيء».

وأضاف «إلى حد الآن لم نتسلم الرد على المقترح برغبة المقدم إلى صندوق التقاعد، وسوف نقوم بمتابعة ذلك مع الصندوق»، نافيا أن تكون المشروعات التي تقدمها «الأصالة» تكلف الموازنة، بل تخفف العبء عليها وعلى المواطنين بمراعاة المعقول من المشروعات، مشيرا إلى أن الحكومة يجب أن يكون همها راحة المواطنين وخدمة الناس، ولا ضير إذا ساهمت من موازنتها في القيام بهذا الواجب».

وانتقد المعاودة المنتقدين «للمقترحات برغبة» إذ قال: «ماذا يفعل النواب؟ لما جاءت المشروعات جدية وحيوية تهم المواطنين، وجدنا الكثير من هؤلاء يتلمس عثرات الآخرين، ويحاول إقناع الناس بأن اهتمامات النواب اهتمامات جانبية»، مشددا على أن هذه المشروعات شملت جميع الشارع البحريني، وأن الشارع البحريني ليس همه بطنه فقط وإنما همه دينه وكرامته.

أما النائب علي أحمد عضو جمعية «المنبر الإسلامي» فقد أوضح أن «المقترح برغبة» ليس مقترحا لنائب أو كتلة معينة فقط، وإنما كل مقترح يتقدم به النواب أو الكتل يحال إلى لجنة مختصة لدراسته، ثم تعقد اللقاءات مع المسئولين لمتابعة المقترح، وشركات خاصة وأشخاص محايدين، لإبداء وجهة النظر بشأن المقترح، ملفتا إلى أن بعض النواب يقدم المقترح كعنوان، والبعض الآخر يلحق بمقترحه دراسات وإحصاءات وجداول، وهذا ما نفعله في «المنبر الإسلامي» كما قال.

وعن الهدف من طرح «المقترح برغبة» بدل المقترح بقانون، أشار أحمد إلى أن «المقترح برغبة» يعد أقصر الطرق لتنفيذ المشروعات وخصوصا مع وجود دراسة جدوى للمقترح، لأن المقترح بقانون - حسب الدستور الجديد - يحتاج لآلية طويلة، وقد اعتمدنا هذه السياسة في الدور التشريعي الأول، لـ «جس نبض» الحكومة، ومدى تجاوبها مع مقترحات النواب، فإذا لم تنفذ الحكومة إلا الشيء القليل من مقترحات النواب، فسوف نعرف أن الحكومة لن تتعاون.

وأضاف «عندها سوف تتغير آلية التعاطي مع الحكومة في الدور التشريعي الثاني، وسنلجأ إلى المقترح بقانون لكونه ملزما إلى الحكومة تنفيذه، كما سنعمد إلى فتح تحقيق بشأن عدم موافقة الحكومة على مقترحات النواب، خصوصا تلك التي حظيت بإجماع مجلس النواب، ونطالبها بتوضيح أسباب الرفض بشكل مكتوب».

إلا أنه أشار إلى أن آلية «المقترح بقانون» معقدة جدا، وسوف تعرقل الكثير من «المقترحات برغبة»، بحيث لن يمكننا طرح كل المقترحات برغبة المرفوضة من قبل الحكومة في الأدوار التشريعية الأخرى، وبرر ذلك بأننا حاولنا كنواب بالآليات المختلفة أن نقدم المشروعات التي تهم المواطن، فإذا لم تستجب الحكومة سندرك أن هناك خللا في تعاملها مع النواب.

وبخصوص المقترح برغبة المقدم من «الأصالة» لإلغاء فوائد القروض واستبدال المعاش، أكد أحمد أن هذا المشروع سيلقى دعما كبيرا من مجلس النواب، وفي حال ثبت تورط البعض في إفلاس «التقاعد» و«التأمينات الاجتماعية» فإن لجنة التحقيق التي تشكلت بهذا الخصوص سوف تحاسبهم، مشددا على أن مجلس النواب سيطالب الحكومة بضخ الأموال للتأمينات والتقاعد لكي تمنع إفلاسهما.

وأوضح أحمد أن المقترحات برغبة تحتاج إلى تقنين في حال كلفتها العالية إذا طبقت على جميع المواطنين، وذلك بمنح القروض والامتيازات لذوي الدخل المحدود، بدلا من منحها للتجار الذين يقترضون مبالغ كبيرة من بنك الإسكان لتمويل مشروعاتهم، فهذا أمر خاطئ كما أوضح، ويجب أن تولي الدولة اهتماما بالمواطنين ليتساوو بمواطني دول الخليج بعد أن حرموا في الفترات السابقة.

على الطرف الآخر، قال نائب رئيس جمعية العمل للشئون التنظيمية إبراهيم شريف «إن المقترحات برغبة التي يقدمها النواب باستمرار طوال فترة الأربعة الأشهر تخلو من المسئولية المالية للنواب تجاه الحكومة والناس، لأن غالبيتها ليس لها دراسة جدوى، وتطرح هذه المقترحات من أجل رفع العتب مع الناس».

ولفت شريف إلى أن دور المجلس هو التشريع وليس تقديم المقترحات، مؤكدا على أن المشروع الجاد هو الذي يأتي من خلال قانون، والنواب بطريقتهم هذه في تقديم المقترحات أشبه بمن يضع مقترحا في صندوق بريد دون أن يلتفتوا إلى التبعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذا المقترح.

وأوضح شريف أن هذه المقترحات جاءت متأخرة جدا، لأن الدولة أقرت موازنتها، وطبيعة هذه المقترحات ذات الأثر المالي تحتاج إلى تحريك موازنات بعض وزارات الدولة مثل وزارة الدفاع والداخلية، التي تشكل موازنتيهما ضعف وزارتي التربية والصحة الخدميتين، وهذا يتطلب من النواب مشروعا بقانون لا مقترحا برغبة - حسب قوله - لتخصيص موازنات جديدة لهذه المشروعات، وتنفيذها على أرض الواقع، إذ لا يمكن لهم (النواب) طرح المشروعات من دون تخصيص هذه الموازنات.

وفي السياق نفسه، شارك رئيس جمعية الشفافية البحرينية جاسم العجمي شريف في مسألة تأخر النواب في طرح «المقترحات برغبة» لكون الموازنة أقرت من قبل الحكومة، فما قاله شريف عين الصواب كما قال، إلا أنه عزا كثرة المقترحات برغبة، إلى نقص الخدمات وعدم التوازن التنموي، فالكثير من القرى ينقصها الكثير من الخدمات، في ظل عدم وجود خطط للحكومة لسد النقص في الخدمات، ومعالجة آثار السياسات السابقة غير المتوازنة.

ولفت العجمي النواب إلى أن الكثير من «المقترحات برغبة» التي تتعلق بالجانب الخدمي تخص المجلس البلدي تحديدا، مشيرا إلى عدم وجود وعي لدى النائب بدوره، هل هو مراقب أو مشرع أم طالب خدمة، كما أن المجالس البلدية لا تستطيع القيام بواجبها نتيجة المعوقات التي تضعها الدولة لها.

وذكر العجمي أن الكثير من النواب يعمدون إلى «المقترح برغبة» من أجل إقناع الناخبين بأنه قام بالدور الذي عليه، دون أن يلزم الحكومة بتنفيذ مقترحه، فالنواب الآخرين - كما أوضح - لا يأخذون هذه المقترحات على محمل الجد مثل «المشروع بقانون» لأن «المقترح برغبة» يحصل على موافقة المجلس بسهولة لعدم إلزامه، أما المقترح بقانون فيحتاج لدفاع النائب المقدم لهذا المشروع.

وعلى صعيد الحكومة، أشار العجمي إلى أن الحكومة بخصوص «المقترح بقانون» تواجه في مرحلة النقاش من النواب، في حين أنها تدرس «المقترح برغبة» فإن رأت تنفيذه وإلا رفضته، مؤكدا على أن الرغبات التي تتطلب التزاما ماليا من قبل الدولة، تحتاج إلى دراسة تبين كلفة المشروع، وتحدد إمكان المالية العامة على توفير المال اللازم لتنفيذ الاقتراح، مشددا على أن المقترح برغبة ذو الأثر المالي لا يمكن تحقيقه من دون رصد مبلغ له.

وطالب العجمي النواب بمساءلة الحكومة عن الخطة التفصيلية، التي توضح طبيعة المشروعات في كل قطاعات الدولة، وكيفية صرف الأموال، لأن البحرين لا تملك استراتيجية تفصيلية واضحة عن وضع البحرين بعد سنوات ولا عن طبيعة المشروعات التي ستنفذها، مؤكدا على ضرورة أن يحدد النواب ما يريدونه من الموازنة من خلال معرفة مشروعات الحكومة بشكل تفصيلي

العدد 239 - الجمعة 02 مايو 2003م الموافق 29 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً